«الأزهر» يحتفي بالشيخ مصطفى عبدالرازق في حضور أحفاده

احتفى جناح الأزهر الشريف في معرض القاهرة الدولي للكتاب، اليوم الإثنين، بالشيخ مصطفى عبدالرازق، شيخ الأزهر الراحل، وذلك بعد أن قرر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، اختياره ليكون «شخصية الجناح» لهذا العام، باعتباره باعث الفلسفة الإسلامية في العصر الحديث.
وقام جناح الأزهر بعرض فيلم تسجيلي ومواد تعريفية توثق لحياته ومسيرته العلمية والفكرية، وذلك بحضور أحفاده، حيث شارك في الندوة الدكتور حسن الشافعي، رئيس مجمع اللغة العربية وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، والذي أوضح أن الشيخ مصطفى عبدالرازق هو المعلم، وأسعد معلم بين أساتذة جامعات مصر، وهو أول استاذ عربي يتولى تدريس الفلسفة الإسلامية بكلية الآداب جامعة القاهرة، حيث يعد الشيخ مصطفى عبدالرازق، من أبرز من تولوا مشيخة الأزهر الشريف، وهو رائد الفكر الفلسفي الإسلامي، فضلًا عن كونه أديبًا وشاعرًا، كما كان كاتبًا صحفيًا متميزًا.
وشهدت الندوة إقبالا كبيرا من زوار الجناح، يتقدمه فضيلة الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر الشريف، وعدد من أحفاد الشيخ مصطفى عبدالرازق.
في بداية الندوة قال الدكتور حسن الشافعي إن الشيخ مصطفى عبدالرازق أول أستاذ عربي للفلسفة يتولى تدريس الفلسفة في جامعة القاهرة، إلى جوار الأساتذة الأجانب وقتئذ، موضحا أن الشيخ محمد عبده كان المكون الأساس لفكر الشيخ مصطفى عبدالرازق، ورغم قصر مدة التعارف بينهما إلا أن الشيخ عبدالرازق استوعب مؤلفات الشيخ محمد عبده، وسار على نهجه في التجديد.
وأكد الدكتور الشافعي أن الشيخ عبدالرازق كان وفيا للأزهر وللإسلام وللوطن، كما كان متواضعا ولطيفا مع غيره مع أنه ولد في بيت ثري، حيث كان أبوه من كبار الأعيان وكان جده قاضيا، لافتا إلى أنه كان يدعو تلاميذه إلى التأليف وليس الاقتصار على شرح مؤلفات السابقين، والعمل على مسايرة العصر وقضاياه.
وأشار إلى أن سفر الشيخ عبدالرازق إلى فرنسا أثر على فكره وكتاباته ونظرته إلى الواقع بما يخدم التعليم والمنهج الأزهري.
من جانبه طالب الدكتور عصمت نصار أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة بني سويف بالتأسي بعلم وخلق وفكر الشيخ مصطفى عبدالرازق، مؤكدا أنه كان مدافعا عن الإسلام وقضاياه، وكان دائم الرد على المستشرقين والملاحدة بالعقل والمنطق بعيدًا عن السباب والشتائم.
وأشار الدكتور عصمت إلى أن الشيخ عبدالرازق كان يوجه تلاميذه بالتجديد والمعاصرة مع إحياء النفيس من التراث، فقد كان مجددا في الدروس الأكاديمية والحياتية، كما كان مدافعا عن المرأة وحقوقها، ولكن دون تعدٍّ على واجباتها تجاه الأسرة والمجتمع.
وتتلمذ الشيخ مصطفى عبدالرازق على يد كبار علماء الأزهر الشريف، وتبحر في مختلف العلوم الشرعية واللغوية، وتخصص في دراسة الفلسفة، وحصل على الشهادة العالمية عام 1908، والتقى خلال دراسته بالإمام محمد عبده وأصبح من خواص تلاميذه وتأثر بمنهجه وأفكاره الإصلاحية.
وترك الشيخ مصطفى عبدالرازق للمكتبة الإسلامية والإنسانية تراثًا فكريا وعلميًّا مهمًّا، فقد كتب مصنفات في الأدب والتصوف، إلا أن كتاباته في الفلسفة كانت أهم ما قدمه للفكر العربي والإسلامي، حيث يعد رائد الفكر الفلسفي الإسلامي الحديث، فقد نجح في تفنيد تبعية الفلسفة الإسلامية للتراث اليوناني، وأثبت أن نشأة الفلسفة في كتابات المسلمين كانت سابقة على اتصالهم بالفلسفة اليونانية، ومن أهم ما كتبه الشيخ مصطفى عبدالرازق في الفلسفة، كتاب «تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية»، الذي يعد أهم وأشهر كتبه على الإطلاق.
ويشارك الأزهر الشريف للعام الثاني على التوالي بجناح خاص به في معرض القاهرة الدولي للكتاب لهذا العام في دورته ال 49 بأرض المعارض في الفترة من 27 يناير وحتى 9 فبراير.
ويتضمن الجناح العديد من إصدارات الأزهر ودورياته العلمية والأدبية، بالإضافة إلى تقديم عرض بانوراما لذاكرة الأزهر، يوضح جهود الأزهر على مر التاريخ كحصن للوسطية، وقلعة للغة العربية، وملاذ للهوية المصرية.