يعد قطاع الصناعات الهندسية أحد الركائز الأساسية للمساهمة فى نمو الناتج القومى الإجمالى، وتعتمد عليه الدولة لخفض عجز الميزان التجارى، كما يعد أحد المكونات الرئيسية لهيكل الصادرات المصرية والتى تستهدف وزارة التجارة والصناعة وصول إجمالى الصادرات غير البترولية لنحو 40 مليار دولار بنهاية 2020. وعانى القطاع خلال الأعوام الماضية من تراجع مؤشراته التصديرية وكذلك قدرته على المنافسة أمام الواردات الهندسية داخل السوق المحلية، وهو الأمر الذى ضاعف من مشكلات القطاع. ومع التطورات الاقتصادية التى شهدتها مصر على مدار الفترة الماضية، وتنفيذ برنامج شامل للإصلاح الاقتصادى والتشريعى، أكد عدداً من الخبراء أن الفترة الماضية شهدت عودة قوية للأداء الإيجابى للقطاع نحو النمو فى ظل ارتفاع مؤشرات المكون المحلى به وتجاوزها 70% فى بعض القطاعات الفرعية، مشيرين إلى أن القطاع لم يتمكن بعد من تحقيق الاستغلال اللازم للقانون رقم 5 لسنة 2015 والخاص بتفضيل المنتج المحلى بالمناقصات الحكومية، الأمر الذى ترتب عليه محدودية الاستفادة من المزايا التى وفرها هذا القانون. وتشير أحدث بيانات غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، إلى أن إجمالى استثمارات قطاع الصناعات الهندسية والإلكترونية فى مصر تبلغ 102 مليار جنيه موزعة على 4500 منشأة صناعية متنوعة بين المنشآت الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، ويعمل بها 395.093 ألف عامل. وتضم 10 قطاعات حسب التخصص الصناعى « تشكيل وتشغيل المعادن، المعدات والأدوات الكهربائية والكابلات، الصناعات المغذية والسلع الوسيطة، وسائل النقل، الأثاثات المعدنية والمنزلية والصحية، والأجهزة الطبية والمستلزمات الطبية، معدات المصانع والورش والمعدات الميكانيكية، الحاسبات والإلكترونيات وأجهزة الاتصالات» بعد عامين من التراجع التصديرى: «تحرير سعر الصرف» يدفع الصادرات الهندسية للنمو 6.4%.. ووارداته تتراجع 30% بلغت قيمة صادرات مصر من السلع الهندسية والإلكترونية نحو 10.063 مليار دولار خلال الفترة من «2013-2016» وذلك وفقاً لتقرير التجارة الخارجية بوزارة الصناعة، حيث شهد القطاع خلال تلك السنوات تباين فى نتائجه التصديرية حيث حقق أعلى قيمه خلال 2014 بتسجيله نحو 2.932 مليار دولار مقابل 2.316 مليار دولار خلال 2013، ليعود للانخفاض خلال 2015 بنسبة 15% مسجلاً 2.491 مليار دولار، ثم يواصل التراجع بنسبة 6.7% خلال 2016 مسجلاً 2.324 مليار دولار. ولكن عاد القطاع ليحقق نمواً تصديرياً خلال ال10 أشهر الأولى من العام الجارى ليسجل 2.08 مليار دولار مقابل 1.955 مليار دولار خلال نفس الفترة من 2016 بنمو قدره 6.4%، ويأتى هذا النمو كنتيجة مباشرة لقرار تحرير أسعار الصرف وانخفاض قيمة الجنيه المصرى بأكثر من 100%، الأمر الذى ساهم فى زيادة تنافسية الصادرات المصرية بصفة عامة. يأتى قطاع الأجهزة المنزلية فى المرتبة الأولى ضمن أعلى قطاعات السلع الهندسية تصديراً بنحو 653.1 مليون دولار مستحوذاً على 31% من قيمة صادرات القطاع خلال 10 أشهر الأولى من 2017 يليه مكونات السيارات بقيمة 562 مليون دولار مستحوذاً على 27%، ثم الكابلات بقيمة 435.4 مليون دولار مستحوذاً على 21%. واستحوذت 10 دول على 65% من إجمالى قيمة صادرات القطاع خلال الفترة من «يناير- أكتوبر 2017» بنحو 1.346 مليار دولار وتتمثل فى «بريطانيا وشمال أيرلندا بقيمة 254.93 مليون دولار، الإمارات بقيمة 248.59 مليون دولار، السعودية بقيمة 227.57 مليون دولار، قطر بقيمة 189.89 مليون دولار، العراق بنحو 122.41 مليون دولار، الجزائر، فرنسا، ألمانيا الإتحادية، لبنان، ليبيا». كما يعد قطاع السلع الهندسية والإلكترونية أحد أكبر القطاعات الاستيرادية فى مصر حيث بلغت قيمة وارداته نحو 71 مليار دولار خلال الفترة من «2013-2016» وذلك وفقاً لتقرير التجارة الخارجية بوزارة الصناعة، حيث شهد القطاع خلال تلك السنوات تباين فى فاتورة استيراده حيث حقق أعلى قيمه خلال 2015 بتسجيله نحو 19.152 مليار دولار مقابل 17.95 مليون دولار خلال 2014. وحقق القطاع تراجعاً استيراديا خلال ال9 أشهر الأولى من العام الجارى ليسجل 10.247 مليار دولار مقابل 14.769 مليار دولار خلال نفس الفترة من 2016 بانخفاض قدره 30.6%. يأتى قطاع الصناعات الكهربائية والإلكترونية فى المرتبة الأولى ضمن أعلى قطاعات السلع الهندسية استيراداً بنحو 2 مليار دولار خلال الفترة من «يناير- سبتمبر 2017»، يليه وسائل النقل بقيمة 1.4 مليار دولار، ثم صناعات آخرى فنية وطبية بقيمة 1.313 مليار دولار، والآلات والمعدات بقيمة 1.153 مليار دولار. واستحوذت 10 دول على 77% من إجمالى قيمة واردات القطاع خلال الفترة من «يناير- سبتمبر 2017» بنحو 7.939 مليار دولار وتتمثل فى «الصين بقيمة 2.416 مليار دولار، المانيا بقيمة 1.515 مليار دولار، ايطاليا بقيمة 1.128 مليار دولار، أمريكا بقيمة 645.16 مليون دولار، كوريا بنحو 544.5 مليون دولار، اليابان بنحو 410.35 مليون دولار، اسبانيا بقيمة 400.15 مليون دولار، فرنسا بقيمة 331.83 مليون دولار، تركيا بقيمة 327.96 مليون دولار، تايلاند بنحو 220.11 مليون دولار». الصناع: قادرون على الوفاء باحتياجات السوق.. و«جماعات المصالح» تحاول تعطيل «تفضيل المنتج المحلى» قال عبد المنعم القاضى نائب رئيس غرفة الصناعات الهندسية بإتحاد الصناعات، إن القطاع يعد من أكثر القطاعات التى تتسم بنسب المكون المحلية المرتفعة والتى تصل ببعض المنتجات لنحو 70%، منوهاً أنه تم صياغة استراتيجية جديدة لزيادة تعميق وتحقيق التكامل الصناعى بين الشركات العاملة بالقطاع من خلال الزيارات والجولات الميدانية كنوع من التعارف على المكونات المحلية التى يمكن أن يتم تصنيعها محلياً والاستغناء عن استيرادها، وكذلك تنظيم معارض لتلك الشركات لخلق حالة من التشبيك بين الشركات العاملة بالقطاع. وأشار القاضى إلى أنه تم تشكيل لجنة من وزارة الصناعة وغرفة الصناعات الهندسية ومركز تحديث الصناعة وهيئة التنمية الصناعية بهدف تعزيز قيمة المنتج المحلى ودعم التوجه الحالى للدولة لترشيد الاستيراد، مؤكداً على ضرورة انضمام وزارة الانتاج الحربى لهذه اللجنة باعتبارها أحد أهم جهات التصنيع الهندسى فى الدولة. ومن جانبه أكد المهندس أيمن النجولى رئيس شعبة تشكيل وتشغيل المعادن، أنه رغم إقرار قانون تفضيل المنتج المحلى عام 2015، إلا أن القطاع لم يتمكن من استغلاله بشكل جيد عن طريق التواجد بالمشروعات والمناقصات الحكومية، منوهاً أنه يتم الالتفاف على بنود القانون للحد من تنفيذه بشكل جيد فى عدد من المشروعات الحكومية المختلفة من خلال جماعات المصالح ذات العلاقة المباشرة بالمستوردين. وشدد النجولى على قدرة القطاع على تلبية كل إحتياجات المشروعات القومية، مشيراً إلى استهداف الشعبة تأهيل الشركات ورفع كفاءة العاملين بها، وكذلك تدشين قاعدة بيانات ومعلومات عن أعضاء القطاع وحصرهم بما قد يساهم بشكل إيجابى لدمج الجزء غير الرسمى الموجود بالقطاع تحت المظلة الرسمية للدولة. فيما أوضح تامر الشافعى رئيس شعبة الصناعات المغذية للسيارات بالغرفة، أن نسب المكون المحلى سجلت نحو 50% بقطاع الصناعات المغذية للسيارات، مستهدفين زيادتها إلى 55% خلال الفترة المقبلة شريطة إقرار مجلس النواب لاستراتيجية صناعة السيارات. ولفت إلى نسبة المكون المحلى وصلت فى السيارات النصف نقل والأتوبيسات من 90 إلى 95 %، مضيفاً أن نسبة المكون المحلى وصلت إلى 80% بالكراسى الخاصة بالسيارات والضفائر. ويرى محمد المنشاوى رئيس شعبة الآلات والمعدات، أن قرارات الإصلاح الاقتصادى أثرت على القطاع بشكل كبير حيث أن صناعة المعدات تعتمد بشكل رئيسى على استيراد مدخلاتها، بما أثر سلباً على تكلفة الانتاج خلال العام الماضى، حيث ارتفعت التكلفة إلى ما يزيد عن 120% من التكلفة الأساسية لها قبل نوفمبر 2016 نتيجة انخفاض العملة المحلية أكثر من 100%. وأضاف أن نسبة المكون المحلى بصناعة المعدات والآلات تقترب من 40% حيث يتم استيراد جميع المحركات والأجزاء الهيدروليكية بالآلات، وكذلك أجزاء ال DLMC لذلك تكون نسبة المكون المحلى عبارة عن القيمة المضافة التى يتم انتاجها داخل البلاد. وأكد المنشاوى ضرورة أن تتوجه الدولة نحو الاهتمام بقطاع الآلات والمعدات خاصة أنه يعتبر رأس الصناعة بأى دولة، كما أن تنمية القطاع تعد تنمية للصناعة الوطنية بالكامل، مطالباً الحكومة بأن توجه الاستثمارات الوطنية نحو انشاء مصانع خاصة بالمحركات والأجزاء الهيدروليكية المهمة جداً لصناعة الآلات. وفى ذات السياق، أوضح المهندس عاطف عبد المنعم رئيس شعبة الكابلات بغرفة الصناعات الهندسية، أن الشعبة تركز خلال المرحلة الحالية على تعميق الصناعة المحلية من خلال زيادة نسبة المكون المحلى، وعمل مراجعة عاجلة لكافة التشريعات التى يرتبط بها القطاع.
