تختلف طرق وأساليب وفلفسة مدربي كرة القدم في شتى أنحاء العالم، فمنهم من يعشق الأداء الهجومي والاستحواذ لفترة طويلة على الكرة ويقدم كرة قدم ممتعة مميزة ومنهم من يفضل اللجوء للأساليب الدفاعية واللعب على المرتدات واستغلال اندفاع المنافس ومنهم ما يؤمن بالتوازن، حيث تختلف طريقة وفلفسة كل مدير فني حسب إمكانيات لاعبيه وما يمتلك من أدوت تعينه على تنفيذ طريقته وأسلوب لعبه. عدد كبير من جماهير الكرة المصرية يعقد العديد من المقارنات بين مدربي منتخب البلاد، وبالأخص بين الثنائي هيكتور كوبر، المدير الفني الحالي لأحفاد الفراعنة، والراحل محمود الجوهري المدير الفني الأسبق لمنتخبنا القومي، عقب تأهل الفراعنة معهما لكأس العالم في نسختي 1990 و2018، ونظرية الكرة الدفاعية لكل منهما، على الرغم من وجود عدة فوارق قي الطريقة والأسلوب في مقدمتها اتباع الجوهري للطريقة الدفاعية في بعض المواقف والمباريات وليس جميعها، في الوقت الذي يتبع الأرجنتيني النهج الدفاعي في أغلب المباريات والمناسبات سواء داخل أو خارج ملعبه. الأرقام لا تكذب، فبالعودة لدفتر أحوال منتخب مصر في جميع مراحل المجموعات الخاصة بتصفيات أفريقيا المؤهلة للمونديال سواء كانت مرحلة أخيرة حاسمة في تحديد البطاقة أو تسبق مرحلة الحسم سنجد أن أقل نسبة تهديف للمنتخب المصري كانت خلال مرحلة المجموعات «قبل الأخيرة» لتصفيات مونديال 1990 بإيطاليا والتي قطع الفراعنة خلالها بطاقة الترشح للمونديال وتأهلوا من خلالها لمباراتين فاصلتين أمام الجزائر، ويليها تصفيات مونديال 2018 بروسيا «المرحلة الأخيرة» والتي تمكن أيضاً خلالها المنتخب المصري من التأهل للعرس العالمي. في مرحلة المجموعات لمونديال 1990 سجل المصريون 6 أهداف فقط خلال 6 مباريات بنسة هدف واحد في كل مباراة وهو ما يظهر بشدة تحفظهم الدفاعي وعدم مغامرة مديرهم الفني محمود الجوهري، بواقع هدفين في كل من كينيا ومالاوي وليبريا «ذهابا إيابا»، وعلى الرغم من أن المنتخبات الثلاثة ليست بالقوية إلا أن الأرقام تظهر تحفظاً دفاعياً كبيراً لمنتخب مصر، حيث سجل هدفاً وحيداً خلال 4 مباريات خارجية خاضها بهذه التصفيات بشكل إجمالي، وتمكن منتخبنا من العبور للمونديال. في مرحلة المجموعات لتصفيات مونديال 2018 كانت ثاني أقل نسبة تهديف لمنتخب مصر على مدار تاريخ مشاركته بمرحلة المجموعات المؤهلة لكأس العالم، فسجل الفراعنة 8 أهداف في 6 مباريات بنسبة1.15 هدفاً في كل مباراة، وثلاثة أهداف خارج الديار في مجمل المباريات الأربعة التي خاضها منتخبنا بالتصفيات، وعاد الفراعنة مجدداً للمونديال. وعلى النقيض تماماً في باقي مراحل المجموعات المؤهلة للمونديال التي فشل الفراعنة في اجتيازها من ثم التعثر في خطف بطاقة الترشح للمونديال، فالمنتخب المصري كان هو الأكثر تسجيلاً من بين 20 منتخباً مشاركين بالمرحلة الأخيرة من تصفيات مونديال فرنسا 1998 برصيد 15 هدفاً، ومحققاً النتيجة الأكبر في التصفيات بالفوز على ناميبيا بسبعة أهداف مقابل هدف، ولكنه فشل في التأهل واحتل المركز الثاني خلف المنتخب التونسي بفارق 6 نقاط كاملة. لم يختلف الأمر كثيراً بتصفيات مونديال 2002 بكوريا واليابان، فالفراعنة كانوا الأكثر تسجيلاً بمجموعتهم برصيد 16 هدفاً، ويحتلون ثالث أقوى خط هجوم من بين 25 منتخباً مشاركاً بالمرحلة الأخيرة للتصفيات الأفريقية خلف تونس وكوت ديفوار، وعلى الرغم من ذلك لم يفلح في التأهل. صدق أو لاتصدق، المنتخب المصري هو صاحب أقوى خط هجوم بتصفيات مونديال 2006 بألمانيا، من بين 30 منتخباً قارياً مشاركاً بالمرحلة الأخيرة للتصفيات «المجموعات» برصيد 26 هدفاً، ولكنه هو صاحب المركز الثالث بمجموعته وبفارق 5 نقاط كاملة عن المنتخب الايفواري صاحب بطاقة الترشح. أخيراً كانت المنتخب المصري هو صاحب ثاني أقوى خط هجوم بتصفيات المرحلة الثانية وقبل الأخيرة «المجموعات» لمونديال 2014 بالبرازيل خلف المنتخب الغاني، ولكن أنصار الفراعنة استيقظوا في نهاية الأمر على كابوس كوماسي وهزيمة ساحقة على يد المنتخب الغاني تبخر معها حلم المونديال. ليثبت المصريون بعد هذه الحقائق الرقمية نظريتهم من أجل بلوغ المونديال «دافع أكتر ..سجل أقل..تصعد لكأس العالم».
