لم ينم سكان كركوك عشية الاستفتاء، وجابوا شوارع المدينة فى مواكب سيارة وأطلقوا الأبواق احتفالا بقرار مشاركة محافظتهم المتنازع عليها بين بغداد وأربيل، فى الاستفتاء التاريخى على استقلال إقليم كردستان، وفى الصباح ساد هدوء تام الشوارع التى شهدت انتشارا أمنيا كثيفا لقوات الأسايش الكردية، عند مراكز الاقتراع، بجانب الشرطة المحلية التابعة لبغداد. وارتدى الناخبون والناخبات الزى الكردى التقليدى، ودخلوا مراكز الاقتراع وتعلوهم البهجة للإدلاء بأصواتهم، ووضع عدد من الناخبين وشاحا على أعناقهم بألوان علم كردستان. وارتفعت هتافات التكبير داخل المساجد ومن المآذن، وكأنه يوم عيد، وأيدت كركوك دعوة رئيس كردستان، مسعود برزانى بمشاركتها فى الاستفتاء، مما أثار رفض وغضب بغداد. وجابت السيارات وسط المدينة رافعة الأعلام الكردستانية وأطلقت أبواقها إيذانا ب«فجر جديد»، بحسب ناخبين أكدوا وهم يتشحون بالعلم الكردى: «هذه الشمس ستشرق غدا، غدا فجر جديد للأكراد، ولكل أهالى كركوك وكردستان». ووقفت فتيات على سيارات «بيك آب» بيضاء اللون ولوّن وجوههن بعلم «الدولة»، يرقصن ويهللن ويطلقن الزغاريد، وكركوك مدينة تقطنها أقليات عربية وتركمانية أعلن بعضهم رفض الاستفتاء، ولا تشكل المدينة جزءا من كردستان، لكن الأكراد يريدون ضمها لدولتهم المرتقبة وهو ما تصر بغداد على رفضه. وكان محافظ كركوك نجم الدين كريم الذى أقاله البرلمان العراقى قبل أسبوعين رداً على تأييده للاستفتاء، قال عشية التصويت: «اليوم حاسم، أدعو جميع مواطنى كركوك من التركمان والعرب والأكراد والكلدان والآشوريين والمسلمين والمسيحيين والسنة والشيعة أن يتوجهوا لصناديق الاستفتاء ويصوتوا بنعم لاستقلال كردستان». ومع ذلك لا يحظى الاستفتاء بالإجماع فى المدينة التى وصفها الرئيس العراقى السابق جلال طالبانى بأنها «قدس كردستان»، بسبب القلق من تداعيات سلبية محتملة للنتائج، ووسط تحذير البعض من أن يكون شرارة لانطلاق حرب أهلية. وبينما واصل الأكراد احتفالاتهم حتى بدء ساعات التصويت، وأطلق الشبان أبواق سياراتهم وأطلقوا النار فى الهواء فى المدن الكبرى، إلا أن الهدوء الحذر خيم على مدينة طوز خرماتو التى يبلغ عدد سكانها 100 ألف نسمة من الأكراد والتركمان الشيعة الذين يعارضون الاستفتاء، وطالب بعضهم بإلغائه خشية سيطرة الأكراد بالقوة على المدينة التى تمثل جزءا من الأراضى المتنازع عليها، والمختلطة عرقيا فى شمال العراق التى تطالب بها فى بغداد وأربيل، وحاول الجانبان تعزيز سلطته فى المدينة منذ اجتياح العراق عام 2003، ولم يتم توزيع صناديق الاقتراع فى مختلف أنحاء المدينة حتى أمس الأول، بسبب نقص قوات الأمن، وبينما تسيطر قوات البشمركة على النصف الكردى بالمدينة، تسيطر فصائل الحشد الشعبى الشيعية على الأحياء التركمانية، وأكد محمد مهدى البياتى أحد قادة فصيل «بدر» أبرز فصائل الحشد الشعبى «لن نسمح لهم بالاقتراب من المناطق التركمانية».
