لا يتذكر محمد إدريس البالغ من العمر عشر سنوات وهو من الروهينجا، وفقد جزءا من أذنه اليمني، كيف وصل إلى المستشفى في بنجلاديش. لكنه يقول إنه لن يعود إلى بلده، ميانمار المجاورة، حتى يحل السلام فيه. وإدريس واحد من نحو 60 مصابا بجروح خطيرة من مسلمي الروهينجا الذين استقبلهم مستشفى في تشيتاجونج في بنجلادش منذ اندلاع أعمال العنف في ولاية راخين في شمال غرب ميانمار في أواخر أغسطس. وهاجم مسلحون من الروهينجا عشرات من مواقع الشرطة وقاعدة للجيش يوم 25 أغسطس، وأسفرت الاشتباكات التي أعقبت ذلك وهجوم مضاد شنه الجيش عن مقتل ما لا يقل عن 400 شخص وأدت إلى نزوح نحو 146 ألف شخص إلى بنجلادش. وإلى جانب الأزمة الإنسانية، أثارت الاضطرابات موجات من الانتقادات الدولية لزعيمة ميانمار الحائزة على جائزة نوبل للسلام أونج سان سو كي لعدم دفاعها عن أقلية تشكو من الاضطهاد منذ فترة طويلة. ويحرم الروهينجا من الحصول على جنسية ميانمار التي تقطنها أغلبية بوذية. وأغلب الروهينجا الذين يعالجون في مستشفى كلية طب تشيتاجونج وهي أكبر مستشفيات جنوب شرق بنجلادش مصابون بطلقات نارية أو في انفجارات قنابل وفقا لوثيقة حصلت عليها رويترز من المستشفى. ونحو ثلث المصابين في سن المراهقة أو أقل ومنهم طفل في السادسة من عمره. وقال جيش ميانمار مرارا إن حملته تستهدف المتمردين. وقال أجوي كومار دي المسؤول عن المستشفى إنه لم ير جروحا مشابهة خلال موجات نزوح سابقة للروهينجا من ميانمار. وقال إن الأعداد الكبيرة من الشبان وصغار السن مثل إدريس تؤكد صعوبة الوضع في ولاية راخين. وقال إدريس وهو مستلق على سريره «لا أذكر ما حدث لي، لكنني أريد رؤية والدتي». وكان رأسه مضمدا وكان يمسك بيد أبيه الجالس بجوار سريره. وقال «أشعر بألم كبير». وكان يبكي في حين يحكي والده محمد رشيد كيف أمطرت قوات الأمن في ميانمار قريتهم كياوك تشوانج بالرصاص صباح يوم 25 أغسطس. وقطعت رصاصة جزءا من أذن إدريس واختبأت الأسرة خلف قناة قرب منزلها. وقال رشيد إن ستة من أبناء القرية نفسها قتلوا في إطلاق النار الذي استمر ساعة. وحمل إدريس وهو ينزف على محفة من الخيزران فوق الجبال قرب الحدود للوصول إلى بنجلادش في الليلة نفسها. ووصلت والدته وشقيقاته الثلاث وشقيقه يوم الأحد. وقال رشيد «نحن محظوظون لأننا جميعا ما زلنا على قيد الحياة». وعلى الجانب الآخر من العنبر كان هناك رجل من الروهينجا مصاب بطلقات رصاص في كتفه وفخذه وساقه يتلوى من الألم. وعادة ما يكون المستشفى الحكومي في تشيتاجونج مزدحما في أغلب الأوقات لكنه الآن يستقبل عددا من الحالات يبلغ مثلي عدد أسرته، أغلبهم من الروهينجا الذين يصارعون من أجل البقاء بعد أن لحقت إصابات بالغة بوجوههم وسيقانهم وأعينهم. وكان أكثر من 20 رجلا من الروهينجا يستلقون على حاشيات زرقاء على الأرض في أحد ممرات المستشفى وكانت أرجلهم وأياديهم ملفوفة بضمادات كثيفة. وقال زاو هتاي المتحدث باسم سو كي الخميس إن ميانمار تجري مشاورات مع داكا بشأن من قال إنهم «إرهابيون» موجودون في المستشفى وهو اتهام أطلقه جيش ميانمار في وقت سابق هذا الأسبوع. ونفى شهيد الحق وزير خارجية بنجلادش أن تكون ميانمار اتصلت به بشأن مسلحين يجري علاجهم بالمستشفى. لكنه قال إن بنجلادش سلمت اثنين من «الإرهابيين» فيما سبق بعد أن حصلت على اسميهما من ميانمار. ولم يورد مزيدا من التفاصيل لكنه قال إن بنجلادش ستسلم أي إرهابيين لميانمار إذا أمدتها بالمزيد من الأسماء وإذا تمكنت من العثور عليهم. وقال اتش.تي إمام المستشار السياسي لرئيسة وزراء بنجلادش الشيخة حسينة «جاء الكثيرون مصابون بطلقات نارية في ظهورهم وهذا أكثر ما يستحق اللوم. إنها بوضوح وبساطة مهمة قتل». وقال مسؤولون من ميانمار إن من حق البلاد الدفاع عن نفسها ضد أي هجوم وأضافوا أن السلطات طلبت من رجال الأمن عدم إيذاء المدنيين الأبرياء. وقالت منظمة أطباء بلا حدود، الأربعاء، إن الروهينجا الذين فروا إلى بنجلادش في حاجة ماسة للدواء والمساعدات الإنسانية نظرا لنزوح أعداد كبيرة منهم.