قال الدكتور هاني سويلم الخبير الدولي في إدارة المياه والتنمية المستدامة، إنه لا جدال ومن المعروف للجميع إن مصر تعاني من الفقر المائي، وأن العجز يفوق ثلث المياه المتاحة، موضحا أن الخروج من الأزمة المائية أو على أقل تقدير يرتبط بالحفاظ على حصة الفرد من المياه في ظل التزايد المستمر في تعداد السكان سوف لا يتحقق عن طريق حل آحادي. وأضاف «سويلم» في تصريحات صحفية الإثنين، أنه لا بد من دراسة أفكار زيادة حصة مصر عن طريق زيادة إيراد نهر النيل بعدة طرق، ولا بد أن يتم ذلك في أسرع وقت لأن مشكلة المياه ليست من نوع المشاكل التي يمكن حلها في أخر لحظة، موضحا أن أي اقتراح لزيادة الموارد المائية لمصر سيحتاج سنوات من البحث والدراسة والمفاوضات السياسية ثم التنفيذ. وأوضح أن هناك العديد من المحاور التي لا بد من اتباعها، لتحقيق الأمن المائي المصري من خلال ترشيد استهلاك المياه في الزراعة والري وإعادة استخدام مياه الصرف الزراعي والصحي المعالج، والبحث عن موارد مائية جديدة تعتمد على البحث العلمي، موضحا أن ترشيد استخدام المياه وخاصة في مجال الزراعة والري لا يعني استخدام طرق الري الموفرة للمياه ولكن أيضا استخدام سلالات وبذور أقل استهلاكا للمياه. أوضح الخبير الدولي في إدارة المياه أن التحكم في التركيب المحصولي ليست فقط بالقوة والإجبار ولكن بتحفيز الفلاح على زراعه محاصيل موفره، وذلك عن طريق دعم الفلاح فنيا وماديا لجعل المحاصيل المستهدفة أكثر إنتاجية وربحية، مشيرا إلى أن هناك العديد من الطرق والأفكار لترشيد الاستهلاك . وشدد «سويلم»، على أنه من المهم أن نقارن دائما بين طرق الترشيد عن طريق حساب إنتاجيه كل متر مكعب من المياه، سواء من ناحية إنتاجيه المحصول «كجم لكل متر مكعب مياه»، أو العائد الاقتصادي للمحصول «جنيه لكل متر مكعب مياه»، مشيرا إلى أهمية عاده استخدام مياه الصرف الزراعي وكذلك الصحي بعد معالجتها للمستوى الصحي والبيئي المطلوب. وقال سويلم:«لابد وأن ندرك أن قطره المياه من الصرف هي قطره مياه لها نفس الأهمية كقطره المياه العذبة، ولابد أيضا أن ندرك أنه لا يجوز لدوله تعاني من الفقر المائي أن تفكر في تحويل المياه إلى وقود للسيارات بدلا من تحويله لغذاء من خلال استخدام المياه لزراعة نباتات أو محاصيل بغرض إنتاج الوقود الحيوي. وأضاف إنه علينا الاهتمام بمعالجه مياه الصرف بشكل متكامل حتى يتم استخدام مخلفات المعالجة لأغراض التسميد أو توليد الغاز بشكل آمن وصديق للبيئه، موضحا أن زيادة الموارد المائية والبحث عن موارد جديدة هو من أهم المحاور، وهنا يأتي وبقوة دور البحث العلمي في دراسة أكثر الحلول ملائمة لمصر. وأشار الخبير الدولي في إدارة الموارد المائية إلى أهمية أن نترك العنان للباحثين للتخيل والإبداع في الحلول، ليس من خلال طرح الباحث لمشروعات وهميه على الرأي العام ولكن أن يحلم الباحث في معمله كما يشاء ويقوم بجميع الاختبارات المطلوبة والنماذج الرياضية والتأكد من فكرته جيدا قبل طرحها على صناع القرار، وهنا لا استثني أي فكرة مهما كانت تبدو غير منطقيه للبعض، وهنا دور كبير لأخلاقيات وأمانه البحث العلمي والتي نفتقدها في «بعض» الأحيان. وأبدي «سويلم» رغبته في الابتعاد عن النقد الهدام وتشويه الأفكار، مثل الانتقادات الموجهة لموضوعات التفكير في تحليه المياه من أجل الزراعة، وهو ما يثير التعجب والاستغرب، موضحا أننا عندما نتحدث عن التحلية من أجل الزراعة كفكره تحت البحث في جميع أنحاء العالم المهتم ب«ندرة المياه» فنحن لا نتحدث عن الحل الأوحد لمشكله المياه ولكن نتحدث عن «أحد» الحلول التي لا تزال قيد البحث والدراسة في العديد من الدول. ولفت «سويلم» إلى أن الغريب أن النقد يعتمد على معطيات الماضي، فنتحدث عن تكلفه التحلية الحاليّة واستهلاك الفدان من المياه على اعتبار أن استهلاك الفدان 4000 و5000 متر مكعب من المياه، مشيرا إلى أن من يقوم بتحليه المياه للزراعة لا يزرع بهذه الطرق، وهناك طرق توفر ما يقرب من 90٪ ممن تتحدثون عنه والجيل القادم في تكنولوجيا الزراعة لا يعرف الأفدنة التي استخدمها أجدادي الفراعنة. وأضاف أن الزراعة من غير تربة على سبيل المثال تعطي إنتاجية عاليه جدا ولا تعرف الأفدنة، وهولندا مثلا تصدر بعض الخضروات إلى كل أنحاء أوروبا مزروعة بهذه الطرق وغيرها، ونحن لا نطالب بأن يكون هذا هو الحال اليوم ولكن نطالب بتعدد الحلول والتركيز على دراسة جدواها بدلا من تشويهها. ودعا «سويلم» إلى أهمية البحث في الاستفادة من تجارب اسبانيا ودوّل أخرى مجاوره من العديد من السنوات في تحلية المياه من أجل الزراعة، مشددا على أهمية تطوير البحوث لتحلية مياه البحر من أجل الزراعة، وكذلك تجربة Sundrop الحديثة في استراليا، وهنا أتحدث عن مشروع استثماري زراعي ضخم معتمدا على التحلية باستخدام الطاقة الشمسية والبقية ستأتي قريباً.