لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانة خاصة عند المسلمين وخصوصا عند أهل السنة فهم الذين أزروا الرسول وناصروه ووقفوا بجانبه ونشروا الاسلام بعد وفاته صلى الله عليه وسلم في البلدان المختلفة، وشرحوا الدين ووضحوا غوامضة ،ولكن هل يعنى ذلك أن افعالهم فوق النقد لو أمنا بذلك لرفعناهم عن مكانتهم البشرية لمكانة أخرى.وهم في الأصل بشر وفعالهم أفعال البشر وبالتالى فهم ليسوا فوق النقد وهذا أهم ما يميز الاسلام أنه دين بشرى .وهناك قاعدة تقول «كل يؤخذ منه وكل يرد عليه ما عدا المعصوم من الخطأ محمد صلى الله عليه وسلم». مقالات متعلقة * الإعجاز العلمي في الحديث النبوي * أكذوبة حديث الغرانيق * حجية السنة النبوية ومكانتها من التشريع وهناك بعض الاسئلة المرتبطة بهذا الامر منها: هل نقد موقف الصحابة من أحداث الفتنة الكبرى يعتبر تجريح لهم وخروج على مكانتهم؟هل نقد موقف سيدنا عثمان بن عفان- وهو أحد المبشرين بالجنة- من توليته لأهله للمناصب الكبرى ومنهم طريد الرسول عليه السلام هل في ذلك تجريحا لعثمان وخروجا على مكانته؟ يرتبط بذلك سؤال مبدئى حول من هو الصحابى: قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَر (ت:852ه): (وَأَصَحّ مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِك أَنَّ الصَّحَابِيّ: مَنْ لَقيَ النَّبِيَّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ- مُؤْمِنَاً بِهِ، وَمَاتَ عَلَى الإسْلامِ.فَيَدْخُل فِيمَنْ لَقِيَهُ: مَنْ طَالَتْ مُجَالَسَتُهُ لَهُ أَوْ قَصُرَتْ، وَمَنْ رَوَى عَنْهُ وَمَنْ لَمْ يَرْو، وَمَنْ غَزَا مَعَهُ أَوْ لَمْ يَغْز، ومَنْ رَآهُ رُؤْيَةً وَلَوْ لَمْ يُجَالِسهُ، وَمَنْ لَمْ يَرَهُ لِعَارِضٍ كَالْعَمَى) هناك من يقول أن أهل السنة والجماعة عليهم ان ينظروا إلى ما ما جري بين الصحابة على انه باجتهاد من الطرفين وليس عن سوء قصد، والمجتهد إن أصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد، وليس ما جرى بينهم صادر عن إرادة علو ولا فساد في الأرض؛ لأن حال الصحابة رضي الله عنهم تأبى ذلك، أنهم أوفر الناس عقولا، وأقواهم إيمانا وأشدهم طلبا للحق، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:«خير الناس قرني»وعلى هذا فطريق السلامة أن نسكت عن الخوض فيما جرى بينهم ونرد أمرهم إلى الله؛ لأن ذلك اسلم من وقوع عداوة أو حقد على أحدهم.وأرى في ذلك هروبا من التفكير وأخذ العظة من الأحداث التي القت بظلالها على الواقع الاسلامى حتى الأن لهذا لا أرى مبررا لما قاله الإمام أحمد بن حنبل في كتاب السنة: «ومن السّنّة ذكر محاسن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم أجمعين والكف عن الذي جرى بينهم، فمَن سبّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو واحداً منهم فهو مبتدع رافضي، حبهم سنّة، والدعاء لهم قربة، والاقتداء بهم وسيلة، والأخذ بآثارهم فضيلة.وقال: «لا يجوز لأحد أن يذكر شيئاً من مساويهم، ولا يطعن على أحد منهم؛ فمن فعل ذلك فقد وجب على السلطان تأديبه وعقوبته، وليس له أن يعفو عنه، بل يعاقبه ثم يستتيبه فإن تاب قبل منه، وإن لم يتب أعاد عليه العقوبة، وخلده في الحبس حتى يتوب ويراجع.ومع ما سبق فأنى أرفض ما يذكره البعض من سب للصحابة وتعدى عليهم دون وجه حق .وأؤيد ما قاله بعض العلماء من أنالصحابة ليسوا معصومين من الذنوب ،فإنهم يمكن أن تقع منهم المعصية كما تقعمن غيرهم، لكنهم أقرب الناس إلىالمغفرة للأسباب الآتية: تحقيق الإيمان والعمل الصالح. السبق إلى الإسلام والفضيلة، وقد ثبتعن النبي صلى الله عليه وسلم أنهم خيرالقرون. الأعمال الجليلة التي لم تحصل لغيرهمكغزوة بدر وبيعة الرضوان، التوبة من الذنب، فإن التوبة تجب ماقبلها، الحسنات التي تمحو السيئات. البلاء وهي المكارِه التي تصيبالإنسان؛ فإن البلاء يكفر الذنوب .دعاء المؤمنين لهم .شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم التيهم أحق الناس بها .وعلى هذا فالذي ينكر من فعل بعضهمقليل منغمر في محاسنهم، لأنهم خيرالخلق بعد الأنبياء وصفوة هذه الأمة التيهي خير الأمم، ما كان ولا يكون مثلهم . وفى الحديث الصحيح عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الخدرى، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِى لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِى فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ»، فكأن النبى- صلَّى الله عليه وسلَّم- حين كرر قوله: لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِى، يستشرف الغيب، ويعلم أن أقواما سيجيئون ويتطاولون على أصحابه- رضوان الله عليهم، ثم يقسم -صلَّى الله عليه وسلَّم- معللا لهذا النهى بقوله: فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ«، يعنى لو أن إنسانا يمتلك جبلا من ذهب مثل جبل أحد وأنفقه في سبيل الله، فإنه لا يساوى مد صحابى تصدق بتمر أو بغَلَّةٍ ولا نصف هذا، حتى لو كان المتصدق من التابعين، وذلك لأن الصحابى تشرف بصحبة النبى- صلَّى الله عليه وسلَّم- وفي الحديث دليل على أن عمل غير الصحابى مهما بلغ لن يكون أفضل من عمل الصحابى.قال الخطيب البغدادي: (على أنه لو لم يرد من الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم فيهم شيء مما ذكرناه، لأوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة، والجهاد، والنصرة، وبذل المهج، والأموال، وقتل الآباء، والأولاد، والمناصحة في الدين، وقوة الإيمان واليقين، القطع على عدالتهم، والاعتقاد لنزاهتهم وأنهم أفضل من جميع المعدلين والمزكين، الذين يجيئون من بعدهم أبد الآبدين). يرتبط بذلك قضية عدالة الصحابة،قال الْحَافِظُ ابْنُ حَجَر: [والْمُرَادُ بِالْعَدْلِ: مَنْ لَهُ مَلَكَةٌ تَحْمِلُهُ عَلَى مُلازَمَةِ التَّقوى والْمُرُوءةِ.والْمُرَادُ بِالتَّقوى: اجْتِنَابُ الأعمالِ السّيئة مِنْ شِركٍ أَوْ فِسقٍ أوْ بِدعةٍ) وهناك من قال بأن الصحابة جميعهم عدول، قال ابن الصلاح في مقدمته: ثم إن الأمة مجمعة على تعديل جميع الصحابة، ومن لابس الفتنة منهم فكذلك، بإجماع العلماء الذين يعتد بهم في الإجماع، إحسانًا للظنِّ بهم، ونظرًا إلى ما تمهد لهم من المآثر، وكأن الله سبحانه وتعالى أتاح الإجماع على ذلك لكونهم نقلة الشريعة. انتهى. يرتبط بما سبق أن البعض يرى أن قول الصحابى حجة في ذاته. وهنا نتساءل ألم يكن بين الصحابة المنافقين الذين وردت فيهم آيات كثيرة في القرآن؟ ماذا عن الصحابة الذين أقيمت عليهم بعض الحدود في السرقة وشرب الخمر وغيرها من العقوبات؟ هذه بعض التساؤلات التي ارى انها مشروعة وتحتاج للنقاش الموضوعى، اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة