قال د. سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، إن كتابه «المواجهة الدينية لظاهرة الإرهاب»، «جاء كمحاولة للتنوير، ومواجهة الأفكار المسمومة، لمن حكموا أنفسهم أوصياء للدين، وهذا لا يمكن أن يتم إلا بواسطة الاقتراب من تلك الأفكار الأساسية المغلوطة»، وهنا تساءل الهلالى لمن جاء الدين؟ ثم واصل حديثه مؤكدًا على أن الأديان كلها بما فيها الدين الإسلامى، جاءت للإنسانية جمعاء، متفقة فى المقاصد التى لا تؤدى إلا للخير، كما أشار إلى تعدد معانى الألفاظ فى اللغة العربية، معتبرًا هذا يؤكد على استحالة تفسير النص القرآنى تفسيرًا أحاديًا، ومن هنا نعلم جيدًا أن القرآن الكريم حمال أوجه وتتعدد تفسيراته، وهو ما يصر أوصياء الدين على إخفائه. جاء ذلك خلال ندوة مناقشة كتاب «المواجهة الدينية لظاهرة الإرهاب» للدكتور سعد الدين الهلالي، الصادر عن هيئة الكتاب، أمس الأحد، بالمجلس الأعلى للثقافة، بحضور د. حاتم ربيع أمين عام المجلس، د. ثروت الخرباوي، د. عمرو شريف، المستشار خالد القاضي، د. أحمد زايد، الإعلامي عاصم بكري، د. أنور مغيث، وعدد كبير من الحضور. وأكد «الهلالي» على أنه يجب على كل مجتهد فى شؤون الدين أن لا ينسب اجتهاده إلا لنفسه، فهو لا يحمل تفويضًا إلهيًا، وفى ختام حديثه توجه الدكتور سعد الدين الهلالى بالشكر للمجلس الأعلى للثقافة، آملًا أن تصل الفعاليات القادمة إلى الجامعات والمدارس، بدلا من أن تظل الجهود المبذولة لتنمية العقل حبيسة الجدران. وأشاد الدكتور ثروت الخرباوي القيادى السابق بجماعة الإخوان، بالكتاب، مؤكدًا على أن «فكر تلك الجماعات الإرهابية، يعتمد على فكرة تنفيذ شرع الله كما يفهموه، وكأن الله قد فوضهم ليقوموا بتلك الأفعال الشنعاء»، وواصل حديثه متناولًا الرأى القائل أنه لن يدخل الجنة غير المسلمين، حتى وإن كان أحد العلماء الذين أفنوا حياتهم من أجل إفادة البشرية جمعاء، متسائلًا: «لماذا نعطى لأنفسنا الحق فى الاختلاف حول تأويل الدين الإسلامى، ثم نسلب الحق ذاته من غير المسلم؟»، وانتقل بعد ذلك متناولًا مناهج الأزهر، مؤكدا أنها فى حاجة للتنقيح؛ ويرجع هذا «لاختلاف المناخ الحالى عن السابق، ويكفى أننا نعانى شرور ما تدعى الجماعات الإسلامية». واختتم حديثه مشيرًا إلى أن كتابه «سر المعبد» طبع ما يصل لمليونى نسخة، مضيفًا أن تلك النوعية من الكتب مثل كتاب الدكتور الهلالى، تعد أحد أهم السبل لمواجهة الإرهاب؛ وعليه فلن نكتفى بأن يناقش الكتاب فقط داخل القاعات المغلقة، ولكن سننتظر دور وزارة الثقافة الحقيقى، وهو أن يصل الكتاب ليد كل شاب مصرى، حتى وإن كان مجانًا. وأشار الدكتور عمرو شريف، رئيس قسم الجراحة بكلية طب جامعة عين شمس، إلى أن ما قامت به الدولة من مراجعات مع الجماعات التكفيرية فى الماضى، لن يؤدى بدوره نفس الفعالية فى زمننا هذا؛ لأن الجماعات الحالية تختلف عن أسلافها بأنها تعمل من خلال نظرية المؤامرة، وهدفها الحقيقى هو تضليل المجتمع العالمى بأسره وتدميره، كما تنقسم بطبيعة الحال لشقين، أحدهما مدبر وهى القيادات، والآخر منفذ وأغلبهم من الضحايا المغرر بهم، وهى القضية التى يجب أن نتداركها لكى نقدر أن نواجهها. وأشار المستشار خالد القاضى، رئيس محكمة الاستئناف، إلى اختلافه مع الدكتور الهلالى فى بعض المسائل، مؤكدًا أن الدين الإسلامى لا يقتصر على كونه هدى ونور، بل أيضًا هو بمثابة شريعة ومنهج ودستور، لقطعية الدلالات والثبوت بالقرآن الكريم.