قبل الكتابة: (التصنيف الطائفى بين مسلم ومسيحى وليد الحالة القناوية ويرفضه الكاتب كلية) لو خير أقباط قنا بين عودة اللواء «المسلم» عادل لبيب ، وتعيين اللواء «المسيحى» عماد ميخائيل ، لاختاروا على الفور عودة لبيب، راعى الأقباط والمسلمين، أخطأ القناوية فى هتاف «عاوزينه مسلم» كان يكفيهم «عاوزينه لبيب»، واللبيب بالإشارة يفهم، «والقناوية فاهمين مش نايمين على ودانهم». اللواء عادل لبيب ينتمى إلى عصر مبارك قولا وفعلا، مفتش أمن دولة فى عهد مبارك، ومحافظ لثلاث مرات فى عصر مبارك، محافظ لقنا والبحيرة والإسكندرية، لكن لبيب حالة استثنائية ، قولا وفعلا، وإذا كانت إسكندرية غلقت دونه الأبواب، فله فى قنا فى كل دار مقعد، له فى قلوب أهل قنا الكثير. الشعار الذى تردد على قضبان القطار على خجل «عاوزين لبيب» لم يكن عفو الخاطر أو تداعى إلى أذهان القناوية فجأة كحل للأزمة المستحكمة (استحكمت حلقاتها وإن شاء الله تفرج)، لم يكن نوعا من المكايدة الطائفية لمحافظ «قبطى» سابق هو اللواء مجدى أيوب، ولا نكاية سلفية فى محافظ قبطى تال، اللواء عماد ميخائيل، القناوية لم ينادوا على لبيب لأنه مسلم، لكن القناوية أقباطاً ومسلمين نادوا لبيب ، لأنهم شافوا الخير والنظافة والنظام على يديه، فى كل شارع شارة، وفى كل حكر علامة، تقول كان هنا أو مر من هنا محافظ أريب اسمه عادل لبيب، أحب أهل قنا وأحبوه. خلع عادل لبيب من أرضه ومن بين ناسه وأهله وعزوته، من قنا جنوبا ونقله إلى البحيرة ومن بعدها الإسكندرية شمالا، كما نقل نبت استوائى حلو المذاق إلى البلاد الاسكندنافية الباردة، لا هو أنجز، ولا قنا تقدمت، عادل لبيب وقنا حالة نموذجية للعلاقة بين المحافظ وشعب المحافظة، حالة إنجاز أرقت الكثيرين، وأطارت النوم من أعين مسؤولين كسالى نائمين فى العسل، وتآمر عليها نافدون مرجفون، من أين له كل هذه الشعبية، أخرجوه بليل، فى موسم الهجرة البيروقراطية إلى الشمال. رفض شعب قنا للواء مجدى أيوب لم يكن يخصه، لكن يخص حبهم لعادل لبيب، القلب له أحكام، ورغم الجهود المخلصة التى بذلها أيوب لينال الرضا، لم يرض عنه المسلمون ولا النصارى، كانوا يشتكون مر الشكوى من فراق عادل لبيب، ورغم تمسح أيوب فى مقام سيدى عبد الرحيم القنائى، كان يزوره صباحا ومساء وكأنه من المريدين، لم يلق قبولا من المسلمين، ولا ارتياحا من الأقباط، القلب وما يريد. عادل لبيب ظل حلما قناويا، رجلهم الغائب، كانوا يعتبرونه فى غربة وهيعاود الديار، عادل لبيب البشوش دوما، الرقيق دائما، الحازم فى نهاية الأمر، الذى يحكم بين العرب والأشراف والهوارة بالعدل، كان الأنسب، كان الأليق، كان مطلوبا بشدة ولايزال فى تلك المرحلة القلقة فى تلك المحافظة الصعيدية ال«ناشفة» الدماغ. ترحيل عادل لبيب شمالا كان غدراً مبيتا، وتكديره فى البحيرة كان عمدا متعمدا، وما جرى له فى الإسكندرية كان اغتيالا معنويا مؤكدا، أما إخراجه ضمن الخارجين فلا يتسق مع معايير الجودة المصرية، تخريد عصر (من الخردة) بأكمله ليس حلا، استئصال عصر بأكمله لا يشفى الوطن من العلل، الوطن إذا اشتكى منه عضو، تداعى... عصر مبارك قدر ما فيه من فاسدين مفسدين، قدر مافيه من العلماء والمفكرين، قدر ما فيه من الهليبة والمسقعين، قدر مافيه من الأطباء والمهندسين، ليس كل الحمقى من عصر مضى، هناك نابغون موهوبون وإن غيبوا عن المشهد المباركى. عصر مبارك مضى، لا رجعة، ولكن مصر باقية وستعود إلى ألقها ومجدها بين الأمم، الروح الاستئصالية حتى الشأفة، حالة كارثية، من تخريجاتها المكارثية التى صارت وبالا على وطن وثورة وشعب، تفكير ينطوى على مخالفة لأعراف مصرية مستقرة، كلهم أبنائى وإن أخطأوا وإن ضلوا جادة السبيل. ولا تزر وازرة وزر أخرى، إنما توفون أعمالكم، إذن هى الأعمال، صحيفة الأعمال، صحيفة السوابق، سابق الخبرات، معلوم المحبة من الله، والنظافة من الإيمان، والقيادة موهبة، وحسن السيرة سلوك، والترجمة القناوية لكل هذه المعادلات الإنسانية تعنى عادل لبيب، واللبيب بالإشارة يفهم، عادل لبيب حل ولايزال، لو تفهمون.