انقطاع الكهرباء عرض مستمر.. ومواطنون: «الأجهزة باظت»    الكنائس تخفف الأعباء على الأهالى وتفتح قاعاتها لطلاب الثانوية العامة للمذاكرة    الأكاديمية الطبية العسكرية تفتح باب التسجيل فى برامج الماجستير والدكتوراة    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 27 يونيو 2024 في البنوك (التحديث الأخير)    الحكومة تحذر من عودة العشوائية لجزيرة الوراق: التصدى بحسم    أصحاب ورش باب الشعرية: إنتاجنا تراجع 40٪.. واضطررنا لتسريح عُمّال    شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي لمدرسة تؤوي نازحين شرق خان يونس    إجراء جديد من جيش الاحتلال يزيد التوتر مع لبنان    يورو 2024.. ترتيب مجموعة البرتغال بعد الخسارة أمام جورجيا    الأهلي يعلق على عودة حرس الحدود للدوري الممتاز    ميدو: الزمالك «بعبع» ويعرف يكسب ب«نص رجل»    خالد الغندور: «مانشيت» مجلة الأهلي يزيد التعصب بين جماهير الكرة    بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم.. والأرصاد الجوية تكشف موعد انتهاء الموجة الحارة    «نجار» يبتز سيدة «خليجية» بصور خارجة والأمن يضبطه (تفاصيل كاملة)    نجاة 43 أجنبيا ومصريًا بعد شحوط لنش فى «مرسى علم»    أبطال مسرحية «ملك والشاطر» يقرأون الفاتحة قبل دقائق من بداية العرض (فيديو)    «الوطنية للإعلام» تعلن ترشيد استهلاك الكهرباء في جميع منشآتها    «مسيطرة همشيك مسطرة».. نساء 3 أبراج يتحكمن في الزوج    على الهواء.. إيمي سمير غانم تغني لزوجها حسن الرداد «سلامتها أم حسن» (فيديو)    نشأت الديهي: هناك انفراجة في أزمة انقطاع الكهرباء    البابا تواضروس يتحدث في عظته الأسبوعية عن مؤهلات الخدمة    تنسيق الجامعات 2024.. تعرف على أقسام تمريض حلوان لطلاب الثانوية    دوري مصري وكوبا أمريكا".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    بمشاركة رونالدو.. منتخب البرتغال يسقط أمام جورجيا في كأس أمم أوروبا 2024    "أخوات للأبد".. شعار مباراة الإسماعيلي والمصري في ديربي القناة    يورو 2024، تركيا تفوز على التشيك 2-1 وتصعد لدور ال16    الاتحاد الأوروبي يدين الانقلاب العسكري في بوليفيا ويعتبره محاولة لخرق النظام الدستوري    موظفو وزارة الخارجية الإسرائيلية يهددون بإغلاق السفارات    عاجل - مرشح رئاسي ينسحب من الانتخابات الإيرانية قبل انطلاقها بساعات..مدافع شرس عن الحكومة الحالية    انتهت بالتصالح.. كواليس التحفظ على سعد الصغير بقسم العجوزة بسبب "باب"    هيئة الدواء المصرية تستقبل وفدا من اتحاد الغرف التجارية    السيطرة على حريق نشب داخل ورشة أخشاب في بولاق الدكرور    بينهم طفل وشاب سعودي.. مصرع 3 أشخاص غرقا في مطروح والساحل الشمالي    الكويت والعراق يبحثان سبل متابعة تأمين الحدود المشتركة بين البلدين    قانون جديد يدعم طرد الأجانب الداعمين للإرهاب في ألمانيا    جورجيا تحقق فوزا تاريخيا على البرتغال وتتأهل لدور ال16 فى يورو 2024    الاستعلام عن شقق الاسكان الاجتماعي 2024    تعرف على سبب توقف عرض "الحلم حلاوة" على مسرح متروبول    حدث بالفن | ورطة شيرين وأزمة "شنطة" هاجر أحمد وموقف محرج لفنانة شهيرة    «30 يونيو.. ثورة بناء وطن».. ندوة في قصر ثقافة قنا للاحتفال بثورة 30 يونيو    محافظ بني سويف يكلف التأمين الصحي بتوجيه فريق طبي لفحص سيدة من ذوي الهمم    حكم استرداد تكاليف الخطوبة عند فسخها.. أمين الفتوى يوضح بالفيديو    سماجة وثقل دم.. خالد الجندي يعلق على برامج المقالب - فيديو    بالفيديو.. أمين الفتوى: العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة عليها أجر وثواب    نقابة الصحفيين تتقدم بطلبات للنائب العام حول أوضاع الصحفيين في الحبس    في اليوم العالمي لمكافحة المخدرات- هل الأدوية النفسية تسبب الإدمان؟    القوات المسلحة تنظم مؤتمراً طبياً بعنوان "اليوم العلمى للجينوم "    إقبال طلاب الثانوية العامة على مكتبة الإسكندرية للمذاكرة قبل الامتحانات|صور    مساعد وزير البيئة: حجم المخلفات المنزلية يبلغ نحو 25 مليون طن سنويا    بتكلفة 250 مليون جنيه.. رئيس جامعة القاهرة يفتتح تطوير مستشفي أبو الريش المنيرة ضمن مشروع تطوير قصر العيني    المشدد 5 سنوات لمتهم بجريمة بشعة في الخصوص    كيف يؤدي المريض الصلاة؟    إسلام جمال يرزق بمولود.. اعرف اسمه    الكشف على 2450 مواطنًا وتقديم الخدمات مجانًا بقافلة القومى للبحوث فى أطفيح    تسليم 1155 جهازًا تعويضيًا وسماعة طبية لذوي الهمم بكفر الشيخ    هل يجوز الرجوع بعد الطلاق الثالث دون محلل؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    ميناء دمياط يستقبل سفينة وعلى متنها 2269 طن قمح    بدء جلسة البرلمان بمناقشة تعديل قانون المرافعات المدنية والتجارية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«المصري اليوم» تعيد نشر ملف «اعتقالات سبتمبر» (الحلقة الرابعة)
نشر في المصري اليوم يوم 07 - 09 - 2016

بطرقات قوية على الأبواب في فجر يوم 3 سبتمبر، فاقتحامات، بدأت قوت أمن الدولة تنفيذ أوامر السادات باعتقال عدد من رموز التيارات السياسية المختلفة، في مذبحة باردة لم يُعرف مغزاها في حينه، فحتى فكرة استهداف الرئيس للمعارضين غابت، لأنه القائمة مليئة بالمقربين وبعض المحسوبين عليه.
يومان كاملان على هذا الحال، تُطرق الأبواب وتُقتحم المنازل دون إنذار أو تفسير، حتى صباح 5 سبتمبر، يوم وقف السادات داخل مجلس الشعب ليلقي خطابا على الأمة، ليقول: «هناك فئة من الشعب تحاول إحداث الفتنة الطائفية، وأن الحكومة حاولت نصح تلك الفئة أكثر من مرة».
دفعت تلك الكلمات بالأزمة إلى مرحلة أصعب، في ظل سياسة كسب عداوات الجميع، اختلفوا في الأيديولوجيات واجتمعوا خلف سور المعتقل، دون مبرر منطقي أو تفسير واضح، سوى أن الرئيس يرى الرافضين لاتفاقية كامب ديفيد «دعاة فتنة»، وأن المعارضة في الوقت الحالي «تهدد وحدة الوطن» حسب تعبيره، وعليه استلزم الأمر إعمال المادة 74 من الدستور المصري، والتي تنص على أن «لرئيس الجمهورية إذا قام خطر يهدد الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة عن أداء دورها الدستوري، أن يتخذ الإجراءات السريعة لمواجهة هذا الخطر»، فكان قرار الاعتقال.
اليوم، يمر 35 عامًا على ما عرف وقتها ب«اعتقالات سبتمبر»، التي شملت ما يزيد عن 1536 من رموز المعارضة السياسية في مصر، إلى جانب عدد من الكتاب والصحفيين ورجال الدين، بجانب إلغاء إصدار الصحف المعارضة، في مشهد لن ينساه التاريخ، خاصة أن بعض المحللين يضعوه بين الأسباب الرئيسية لاغتياله في حادثة المنصة بعدها بشهر واحد.
«المصري اليوم» تعيد نشر حلقات عن الواقعة قدمتها للقراء منذ 10 سنوات، في ملف فتحه الزميل محمد السيد صالح، رئيس تحرير الجريدة، مع كافة الأطياف، حول آرائهم في الاعتقالات التي سبقت اغتيال السادات بشهر واحد، من خلال مجموعة من الحوارات والتقارير، ليضع الضوء حول هذا الحدث وملابساته وأثره، فالتاريخ مرآة الأمم، يعكس ماضيها، ويستلهم من خلاله الدروس لمستقبلها.
****
التشهير واستعداء الزملاء.. عقوبات إضافية للمعتقل هيكل
اعداد محمد السيد صالح 9/ 9/ 2006
لم تخل خطابات الرئيس السادات ابتداءً من يوم 5 سبتمبر 1981 حتي حادث المنصة من انتقاد للكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل، وكان الرئيس الراحل حريصاً في خطاباته هذه علي ذكر الكثير من المواقف والأسرار الخاصة في علاقته بهيكل، ويقارن بين ما كان يفعله معه وما كان يفعله الرئيس جمال عبدالناصر.
وبالرغم من أن هيكل كان وراء قضبان سجن استقبال طرة، فإن السادات كان يخشاه لحد كبير، خاصة أن كثيراً من الأسئلة التي كان يواجه بها في هذه الفترة خاصة من المراسلين الأجانب كانت عن هيكل ومبررات اعتقاله.
وفي يوم 9 سبتمبر، حكي السادات أن هيكل ذهب للرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران وتحدثا عن التضييق علي هيكل، وقال له الرئيس الفرنسي: لا تعد إلي مصر، لأنه لا يوجد استقرار، واطلب اللجوء، وسأعطيه لك فوراً.. وتحدث السادات أيضاً عن علاقات هيكل برؤساء التحرير الأمريكيين، وقال: هذه العلاقة لا تعني أن له حصانة، أو أنه لا يحاسب علي ما يفعل ضد بلده.
وأضاف: هيكل من يوم ما كان بيعمل معي، ودي يمكن هتطلع غريبة شوية، وبعد سنة واحدة، اكتشفت أن مهمته كانت محاولة التشويش علي النظام، علشان يكون له دور أساسي زي ما كان في عهد عبدالناصر، وأنا بطبيعتي أعرف جميع رؤساء التحرير الموجودين في الصحف زي السياسيين القدامي، مفيش واحد فيهم ماأعرفوش.. وبعضهم اشتغلت صحفي معاهم.. اشتغلنا معاً صحفيين في دار واحدة.. دار الهلال، وروزاليوسف أيضاً، فأنا بطبيعتي وتكويني محتك بيه زي ما أنا محتك بالوسط الصحفي كله وعارفهم واحد واحد.. وأنا لست من أنصار أن كاتب واحد، يعني يحتكر الكتابة، زي ما كان هيكل في وقت عبدالناصر وقلتهاله.. في 1973، وكان إلي جواري، لخبط في المقالات ومع ديفيد هيرست بالذات.. لخبط.. وجاء لي قائلاً «الأوضاع راحت».. وقاللي الكلام اللي قاله ديفيد هيرس.. الدنيا راحت وخلاص والبلد محتاجة اتخاذ قرار.. مصر رايحة لكارثة.. الحكومة منتهية.. الفساد.. مفيش حرب.. كل ده في 73.. منه كل حاجة.. فلما جاني هيكل.. وبيقول لي الكلام ده قلت له طيب.. الحل إيه في نظرك.. قال لي «والله تيجي يعني أنا عندي معهد اسمه الدراسات السياسية والاستراتيجية في الأهرام فيه أحسن ناس بتفكر في مصر.. يعني يجدوا لك الحلول».. كأن الدنيا غرقت وأنا مش لاقي الحلول.
قلت له مجلس الحكماء يعني.. ومن يومها أطلقت علي معهد الدراسات ده مجلس الحكماء، وكنت دايماً أضحك وأتريق لما أشوفه أقوله إزي مجلس الحكماء النهارده.. أنا قلت له لا مجلس الحكماء ولا البلد فيها حاجة.. دا كل ده فقاعات.. ومن بكره يافلان مقالتك تفوت علي الرقيب.. قاللي عبدالناصر ماكانش يفوت مقالتي علي الرقيب.. قلت له آه.. عيب ماتقوليش كده أنا.. لأني أنا.. دا أنا عارف البير وغطاه.. عبدالناصر قفل الصحافة عليك وأنت كنت بتكتب اللي عايزه ..عبدالناصر طيب.. أنا دلوقتي لأ.. إنت بتفكر غلط.
ما هي صنعة هيكل.. صنعته يكتب كتب يشتم فيها مصر.. يشتم فيها النظام.. يكتب مقالات.. أدلي بحديث صحفي لمجلة الأسبوع العربي في أبريل 1978 تحت عنوان «السادات طعن العرب.. الطبقة الحاكمة في مصر طفيلية انتهازية».. المقال موجود وراح للمدعي الاشتراكي.
ونشرت صحيفة الأخبار يوم 10 سبتمبر أكثر من عنوان عن هيكل: كل خطوات هيكل لتشويه سمعة مصر مع أصدقائه الصحفيين الأجانب.. ومع الصحف العربية التي تدفع بعشرات الألوف وبعد أن أصبح مليونيراً.
ونعود لخطابات السادات عن هيكل، وقال يوم 14 سبتمبر: «مهد للوفد وللجماعات الإسلامية في كتاباته وقال إنهم مستقبل مصر، ولم يكتفي وذهب لفؤاد سراج الدين وقابله في بيته علشان ينسقوا، لأن الراجل لازم يضمن زي عادته بأن يفرد خيوطه مع كل الجهات.
هو دايماً يحب يبان علشان محدش ياخد عليه إن عملية الدين دي ليه، لأنه هو في عملية الدين زي ما قال لي أنا شخصياً.. واليوم لم يعد من حقي أن أخفيها أبداً.
وزي ما يعرفوا كل من عملوا معه في الأهرام أو في غيرها هو رجل لا يؤمن بالأديان، هو ملحد.. ويهزأ بالصيام في رمضان علناً، في الأهرام دكان يتغدي علناً في الظهر ويلم الناس هناك فوق في الأهرام للغداء.
وأقول له: أنا لست ملحداً.. وما رأيك في السلاح الذي تبيعه إسرائيل للخميني باتفاق رسمي معروف.. العملية سلاح وقطع غيار من إسرائيل لإيران.
وما رأيه في أن إيران يصل لها ثلث الطعام من إسرائيل رسمياً وعلناً.
وفي مؤتمر صحفي آخر يوم 9 سبتمبر كان يخصصه للمراسلين الأجانب، قال: «الصحفي الذي سألتموني عنه الآن -يقصد هيكل- قال لي في مارس 1973 ما كتبه صديقه ديفيد هيرست.. وكأنها وجهة نظر.. ديفيد هيرست قال هذا.. وأن كل شيء قد انهار وأن الخبراء السوفييت قد خرجوا وأن الصواريخ تحتاج إلي مهارة فنية إلكترونية عالية وهكذا.. فلقد كرر ما قاله ديفيد هيرست في الجارديان ونيويورك تايمز، ولقد أعدوا هذا الصحفي ليقول هذا.. إن هذا هو إعلان أنه سوف يكون في برنامج لشبكة إيه بي سي وسيجري خلاله تصوير السادات علي أنه الشاه الجديد وقد طبعت هذه الصورة بواسطة هذا الصحفي.. ولقد قاموا ببرنامج آخر يبين حقيقتهم ويؤكد لكم ما سبق أن قلته لكم، لقد أرسلوا إلي بيروت ديفيد هيرست نفسه وسألوه عن أنور السادات ومصر، وكرر ديفيد هيرست كل كلمة قالها في المقالات الست في الجارديان وفي النيويورك تايمز قبل سبع أو ثماني سنوات من قبل وهذه الشرائط الخاصة بال إيه بي سي سوف أقدمها إلي رئيس هيئة الاستعلامات لكي تطلعوا عليها.
هيكل: دخلت «سجن السلام» بصحبة عادل عيد وإبراهيم طلعت وأبوالعز الحريري
9/ 9/ 2006
يروي هيكل في كتابه «خريف الغضب» تفاصيل اعتقاله يوم 3 سبتمبر، قائلاً: كنت أعرف أن السادات يستعد للانقضاض علي كل معارضيه.. وكنت أعلم أنه عندما يقع ذلك فإن شيئاً منه سوف يصيبني شخصياً. ولقد قدَّرت احتمال أن يأمر بإخراجي من نقابة الصحفيين ويتصور بذلك أنه يمنعني من ممارسة المهنة، ولكنه لم يخطر ببالي في ذلك الوقت أنه يمكن أن يعتقلني أو يعتقل آخرين في مثل ظروفي في صدد حملة يوجهها هو - باعترافه - إلي الفتنة الطائفية.
في حوالي الساعة الثانية من صباح 3 سبتمبر كانت هناك طرقات علي باب شقتي في الإسكندرية. كان معي في الشقة ليلتها اثنان من أبنائي، وسمع ابني الثاني طرقات الباب، فذهب ليجد اثنين من ضباط مباحث أمن الدولة يطلبان منه فتح الباب ولما رجاهما الانتظار إلي الصباح كان قولهما له: «إنهما يرجوان أن لا يضطرهما إلي كسر الباب» وجاء لإيقاظي من النوم، فذهبت وفتحت باب القة لهما، ودعوتهما إلي الدخول. وقالا لي علي الفور أنني مطلوب لمباحث أمن الدولة.
ونظرت في ساعتي، وكانت الساعة الثانية والثلث صباحاً وذكرتهما بأنني أنا الذي صغت عبارة «زوار الفجر» في مقالاتي في الأهرام، وانتقدت بها بعض تجاوزات الأمن في وقت عبدالناصر، فكيف يحدث في عصر يدَّعي الديمقراطية أن يدق علي بابي أحد في مثل هذه الساعة.. وقالا إنهما في أشد الأسف، ولكنهما مكلفان بأمر يتحتم عليهما تنفيذه، وسألتهما إذا كان غيابي سيطول، وبالتالي إذا كان من المستحسن أن آخذ حقيبة بما أحتاج إليه من ملابس أو أدوية.. وكان ردهما بأن لدي عشر دقائق أحزم فيها حقيبتي..
وعندما خرجت من باب الشقة، راعني ما رأيت، فعلي الردهة خارج الباب كانت هناك ثلة من الجنود المسلحين بالمدافع الرشاشة وكان هناك أحد الضباط يمسك بجهاز لاسلكي يبلغ فيه أولاً بأول تفاصيل عملية الاعتقال..
وصل موكبنا إلي مديرية الأمن في الإسكندرية، وكان المشهد الذي ينتظرنا هناك حافلاً، كان هناك مئات من الجنود يحيطون بعشرات من السيارات تحمل غيري من المعتقلين، وبدا لي أن مواكب بعد مواكب من سيارات المعتقلين تقوم من هناك محاطة بالحراسة اللازمة متجهة بأقصي سرعة إلي القاهرة. وكانت الصفارات الداوية والأضواء الملونة تفتح الطريق لكل موكب من هذه المواكب.
ونزلت من السيارة محاطاً بالحراسة، والتفت حولي فإذا خليط هائل من المعتقلين: شباب وشيوخ، مشايخ وقسس، كلهم الآن في نفس المصير، وحملت في سيارة الأسري التي كانت علي وشك أن تتحرك محاطة بحراستها ولمحت وجهاً مألوفاً داخلها هو وجه الدكتور محمود القاضي، ولوحت له مشجعاً، وقال الدكتور القاضي سوف نتقابل فيما بعد بالتأكيد.
وبدأ إعداد القافلة التي تقرر أن أكون ضمنها في الرحلة إلي القاهرة كان مركزها سيارة «بيجو» من سيارات البوليس المصفحة والعتيقة، ووجدت معي فيها رفاقاً بينهم إبراهيم طلعت النائب الوفدي والمستشار عادل عيد وأبوالعز الحريري.
وحين دخلنا إلي كورنيش المعادي بدا واضحا أننا في الطريق إلي منطقة سجون طرة، واستقر بنا المطاف أخيراً أمام سجن من سجون طرة، يبدو أنه رغم سوء أحواله بني بمعونة أمريكية، ومن المفارقات أن الاسم المقترح له في ذلك الوقت كان اسم «سجن السلام».
في صالة استقبال السجن صودر كل ما كان معي ومع غيري من الكتب والأوراق والأقلام، بل ومن الأدوية والمحافظ والنقود، وحتي الملابس.. سمح لكل منا بغيار داخلي واحد ومنشفة وبفرشاة أسنان دون معجون، لأن معجون الأسنان كان يجب أن يوافق علي دخوله معنا أطباء السجن باعتباره نوعاً من الأدوية في تقديرهم.
والتفت حولي ونحن مازلنا بعد في صالة استقبال السجن المحاطة من كل ناحية بالقضبان الحديدية فإذا مصر كلها تقريباً.
اقتادني بعض الحراس إلي الزنزانة رقم «14» وكنت وحدي فيها، وجاء أحد ضباط السجن وسألته: ما إذا كان سجني سيكون انفرادياً لأني ما زلت وحدي في الزنزانة، وكان رده بالنفي، وقال إن الزنزانة «13» امتلأت عن آخرها، وأنه سوف يجد رفاقاً يناسبونني وغاب نصف ساعة ثم عاد ومعه إبراهيم طلعت وكمال أحمد، وقال إن الاثنين تطوعاً لكي يسكنا في نفس زنزانتي، ثم قال إن هناك بعضا من الشباب المتدينين عرفوا أنني معهم في السجن وطلبوا الإقامة معي لكي يناقشوني في آرائي، ولكنه أمهلم لحين استئذاني في أمرهم، وشكرته ورجوته أن يأتي بمن يريد.
ودخل أحد الضباط يطلبني للخروج معه، وتفاءل إبراهيم طلعت بأسرع مما ينبغي، وقال: «هو الإفراج بالتأكيد لابد أنهم أحسوا بضغوط دولية بشأنك فقرروا الإفراج عنك فوراً» قلت له: «لا تسرف في حسن الظن، إن من قرروا اعتقالي لابد أنهم حسبوا مسبقاً ما يمكن أن يثيره القبض علي من ردود فعل في الداخل أو في الخارج، وما داموا أقدموا علي هذه الخطوة فليس من السهل عليهم أن يعودا عنها بهذه البساطة».
عند غرفة مدير السجن وجدت في انتظاري ضابطاً برتبة لواء ومعه ثلاثة من العمداء، وظهر أن الموضوع يتصل بطلب تفتيش شقتي ومكتبي وبيتي الصغير في ريف الجيزة.. وبدأت مسيرتنا في موكب مسلح جديد في اتجاه بيتي ومكتبي في الجيزة وبعد أن تم التفتيش، وصادروا بعض ما عثروا عليه من أوراق، سألتهم مشيراً إلي بعد المسافة ومشقة الطريق إلي بيتي في الريف، وتساءلت ما إذا كان ممكنا تأجيل ذلك إلي الغد لأني متعب، لكن الأوامر كانت صارمة.
وسألت الضابط المكلف بالعملية: «ما هو الذي تبحثون عنه بالضبط؟ وكان رده «أوراقك السياسية». وقلت له: «إن الكل بمن فيهم الرئيس السادات يعرفون أنني منذ زمن طويل نقلت أوراقي السياسية التي أخشي عليها إلي خارج مصر».
وأضفت: «إذا كنتم تريدون أوراقي السياسية، فلماذا لا تعيدون إلي جواز سفري الذي صادرتموه من أحد أدراج مكتبي أثناء التفتيش ثم نسافر معا إلي الخارج لنعود بهذه الأوراق؟» ولم يعلق بشيء.. وكان قد صادر أيضاً بعض المراجع الإسلامية، ومذكرة برأي حزب الوفد الجديد في اتفاقات كامب ديفيد مرفقة بها بطاقة باسم فؤاد سراج الدين وقلت: «أرجو ألا يكون بين التهم الموجهة إلي تهمة انتمائي إلي الجماعات الإسلامية».
حاولت أن أرفع بطاقة فؤاد سراج الدين، ومنعني من ذلك قائلاً: «إن البطاقة أهم من المذكرة نفسها».
وفي بيتي الريفي صادروا ما أرادوا مصادرته، وبينه كتب كارل ماركس، وقلت للمرة الثانية ضاحكا: «يبدو أنني هناك في شقتي كنت متهما بالتطرف الديني، والآن فإنني علي وشك أن أتهم بالشيوعية.
وبقينا داخل الزنزانات لا نبارحها لمدة أحد عشر يوما، ولم تكن لدي أي منا معلومات من أي نوع عما يجري في الخارج، ولم يكن في استطاعتنا في السجن أن نعرف ما الذي قاله السادات في خطابه يوم 5 سبتمبر أمام مجلس الشعب، كذلك لم نعرف ونحن في السجن بأصداء ما حدث في مصر أو في العالم العربي أو في العالم الخارجي.
الانتقام بالجذور والأصول.. واللون!
ربما دفع الغضب -الذي تفجر لدي هيكل بسبب اعتقال السادات له- إلي البحث لأول مرة في جذور السادات، سائراً وراءه من الدلتا إلي السودان، وهو البحث الذي أثار جدلاً كبيراً حوله، خاصة أن السادات كان قد رحل، كما أن هيكل لم يضمن بحثه إشارات توثيقية.
يحكي هيكل كيف أن والد السادات وهو محمد محمد الساداتي الذي كان يعمل مع إحدي الوحدات الطبية بالجيش البريطاني قد قرر التوجه إلي السودان نظراً لأن وحدته تلقت أوامر بذلك، وكان يري أن سفره مع وحدته سوف يحقق له زيادة في دخله.
لكن «أم محمد» التي كانت عيناها عليه دوماً حرصت علي أن تجد له زوجة جديدة تصحبه إلي السودان وترعي شؤونه هناك.. كانت العروس التي اختارتها هذه المرة فتاة تدعي «ست البرين».. كانت ابنة رجل اسمه «خير الله»، وكان لسوء حظه من الذين وقعوا في أسر العبودية، وساقه أحد تجار العبيد «من قرب أواسط أفريقيا» إلي حيث باعه في أحد أسواق العبيد في ذلك الوقت بدلتا النيل، وعندما ألغي نظام العبودية في مصر بعد اشتداد الحملة في العالم كله علي هذه الظاهرة اللاإنسانية فإن سادة «خير الله» أعتقوه من أسر العبودية.. كانت ابنته «ست البرين» مثله تماماً، ورثت عنه كل تقاطيعه الزنجية، ومن سوء الحظ أيضاً -وذلك من التعقيدات الدفينة في أعماق وجدان أنور السادات- أنه ورث عن أمه كل تقاطيعها، وورث مع هذه التقاطيع مشاعر غاصت في أعماقه إلي بعيد. هكذا رحل «محمد محمد الساداتي» قبل الحرب العالمية سنة 1914 إلي السودان مع زوجته الجديدة، وأنجب منها ثلاثة أبناء هم «طلعت» و«أنور» و«عصمت» وفتاة واحدة هي «نفيسة».
ثم عادت الوحدة الطبية البريطانية التي كان يعمل بها محمد محمد الساداتي إلي مصر سنة 1922، قبل سنتين من مقتل السير «لي ستاك» وتمركزت بعد عودتها في ثكنات العباسية قرب القاهرة. وبدأ محمد محمد الساداتي يبحث لنفسه ولعائلته عن مسكن يعيش فيه، وعثر بالفعل علي شقة في الطابق الأول من بيت يضم طابقين في «كوبري القبة» وانتقل محمد محمد الساداتي إلي شقته الجديدة سنة 1924، بعد سنة تقريباً استدعي عائلته -والدته «أم محمد» وزوجته «ست البرين» وأولادها- لكي تعيش معه هناك.
الجمهورية: هيكل.. الخشبي
كانت صحيفة الجمهورية التي كان يترأس تحريرها في عام 1981 الأستاذ محسن محمد من أكثر الصحف التي هاجمت محمد حسنين هيكل، لدرجة أن بعض الصحفيين قالوا إنها أكثر الصحف التي التزمت بتعليمات الرئيس السادات ووزير داخليته النبوي إسماعيل بالهجوم علي هيكل، وأنه تجاوز ما قامت به «الأخبار» التي كان يترأس تحريرها موسي صبري الذي كان علي خلاف قديم ودائم مع هيكل. ويوم 10 سبتمبر، وإلي جوار تغطيتها لمؤتمر موسع للسادات، نشرت تقريراً «غير موقع» قالت فيه حاولت الصحف الصديقة لمحمد حسنين هيكل في لندن بالذات أن تدافع عنه وأن تقول: إن التحفظ عليه ليس عملاً من أعمال الديمقراطية. وكأن الديمقراطية تتركز في شخص الدفاع عن هيكل.
وأضاف المقال والوثائق التي ضبطت في بيت محمد حسنين هيكل سواء في عهد جمال عبدالناصر أو في ظل أنور السادات ستكشف حقيقة هيكل للشعب وسيعلن المدعي العام الاشتراكي كل المستندات بعد انتهاء التحقيق.
ومواقف هيكل القديمة والحديثة تبين حقيقته. إنه يخفي عن الشعب ما يريد عندما يكون شريكاً في الحكم كما فعل في حرب اليمن عندما زعم أنها لم تتكلف سوي مليوني جنيه بالعملة الصعبة و15 مليوناً بالعملة المصرية.
وقبل حرب اكتوبر كانت الصحف المصرية كلها توحي بالحرب لخديعة إسرائيل إلا الأهرام، لأن هيكل كان يسعي أن يحطم النصر المصري، وقبل الحرب حاول أن ينشر ظلال الهزيمة ويوقع الرعب في قلوب الضباط والجنود المصريين من قوة إسرائيل ومن امتلاكها القنبلة الذرية، وبعد الحرب استمر يشكك في فوز الجيش المصري.
وانتهي المقال إلي القول «وهو الذي زعم أن قضية الشرق الأوسط لن تكون لها الأولوية في عهد كارتر أو في عهد ريجان، وكانت لها الأولوية ولا تزال، وفي إحدي الدول العربية قال المراسلون لهيكل تعليقاً علي المقالات التي يكتبها: إنك لا تنشر أخباراً.. وتحليلاتك لا تقدم جديداً.. لأنك لست بجوار الحاكم. أجاب منفعلاً: غير حقيقي. وكانت النتيجة أن بعض صحف تلك الدول وصفته بأنه هيكل الخشبي».
الأهرام : مُبرر الهزائم
نشرت صحيفة «الأهرام» يوم 14 سبتمبر، وفي صدر صفحتها الأولي «كلمة الأهرام» علي غير عادة الصحف التي تنشر هذا الباب في إحدي الصفحات الداخلية.. وركزت الكلمة، القاسية جداً، علي نكران هيكل للجميل لمؤسسته التي عمل فيها..
ويبدو أن «الأهرام»، التي كان إبراهيم نافع يترأس تحريرها وتخصص خلال هذا الشهر في تفنيد اتهامات الصحف الأجنبية للسادات، اضطر بضغط رسمي لأن يهاجم هيكل رغم عدم وجود مبررات لذلك خاصة أن رئيس تحرير الصحيفة السابق كان في هذا التوقيت أحد نزلاء سجن استقبال طرة ولا خطورة منه، إلا إذا كان الهدف من النشر هو منع أي تعاطف سياسي أو شعبي مع الرجل الأسير.
كان «الأهرام» يود لو أن محمد حسنين هيكل الذي عمل فيه قرابة 16 عاماً، جند قلمه واتصالاته إظهاراً للصورة الحقيقية لمصر وشعبها العظيم بعد انتصار أكتوبر المجيد، بنفس القدر الذي كان يبرر به الهزائم والنكسات قبل ذلك وآخرها هزيمة يونيو 1967.
كان يمكن أن يتم ذلك لو أن هيكل تخلي عن شيء واحد فقط: هو حلمه أن يكون شريكا في الحكم بعد رحيل عبدالناصر .
كان يمكن أن يتم أيضاً لو أنه اكتفي بأن يقوم بدور الصحفي الوطني الغيور علي بلده والوقوف إلي جانب مصر وقضاياها لزرع الأمل.
ولكن هيكل اختار بدلاً من ذلك أن ينحاز إلي جانب أعداء مصر من أمثال ديفيد هيرست وصدام حسين والشيوعيين وخصوم ثورة 23 يوليو وغيرهم.
مياه إيفيان لهيكل
نشرت مجلة «المصور» أن تعليمات المدعي الاشتراكي واضحة وتقضي بأن تجاب جميع مطالب الذين تم التحفظ عليهم والسماح لهم بإدخال كل ما يطلبونه من ملابس أو مأكولات أو أدوية باستثناء ما يمكن أن يكون رفاهية أو يمكن الاستغناء عنها، كالسيجار والمياه المعدنية، يذكر أن تقارير أخري أشارت إلي أن هيكل وسراج الدين هما اللذان كانا يطلبان مثل هذه الطلبات.
واللافت أن صحيفة الجمهورية نشرت في صدر صفحاتها يوم 17 سبتمبر أن هيكل يطلب مياه إيفيان الفرنسية في زنزانته، ونشرت الصحيفة صوراً لزجاجات المياه المعدنية.
السادات يطرد مراسل «إيه. بي. سي» بعد الاعتقالات
ام الرئيس السادات بعد حملة اعتقالات سبتمبر بطرد عدد من المراسلين الأجانب، ونشرت الأهرام في عددها الصادر في 12 سبتمبر 1981 خبراً مؤداه أن رئيس محطة تليفزيون «إيه. بي. سي» الأمريكية احتج بالأمس علي طرد «كريس هاربر» مراسل المحطة بالقاهرة.
وأضاف الخبر: أعلن المراقبون أن الاحتجاج لا يعدو أن يكون محاولة لمواجهة الحرج الذي تعرضت له المحطة بعد كشف أسلوبها في الشرائط التي أذاعتها الهيئة العامة للاستعلامات، والتي تضمنت عبارات خارجة، أجمع المراقبون علي أنها خارجة ولا يليق ورودها في أي تسجيلات من المفترض إذاعتها تليفزيونياً.
32 علبة مربى وخضروات وعصائر ب6 جنيهات
أعلنت إحدى شركان الأغذية بجريدة الأخبار عن منتجاتها وخاطبت الجمهورية بالئوجة إلى معارض الشركة بأرض المعارض وشراء «صندوق الحاج» والذى يحتوى على 32 علبة من الخضروات والمربات والعصائر والمخللات بمبلغ 6 جنيهات و250 مليماً.
الشقة للتمليك ب 12 ألف جنيه
أعلنت إحدى شركات العقارية عن بيعها شققاً بمساحات تبدأ من 67 مترا حتى 180 مترا بأسعار تبدأ من 12 ألف جنيه بمنطقة الهانوفيل بالإسكندرية وعددت الشركة المزايا الشقق، وقالت «نحن أطباء نعالج مرض الإسكان فى مصر» وأن الشقة تشطيب «سوبر لوكس بالتليفون».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.