لم يكن ميدان التحرير ميدان تيانانمين آخر؛ و لمن لا يعلم شيئا عن ميدان تيانانمين هاهنا نبذة تاريخية عنه. فميدان تيانانمين هو إحدى ميادين العاصمة الصينية بكين و الذي شهد قلبه اعتصامات طلبة الجامعة في عام 1989 على مدى سبعة أسابيع متوالية بعد تصفية الليبرالي هو يوبانج ؛ شهدت الإعتصامات تصعيدا قويا ضد الحاكم آنذاك مع المطالبة بالمزيد من الحرية و الديمقراطية التي لا يلبيها النظام الصيني الشيوعي و الذي يتسم بقدر كبير من العنف و القمع. استمرت هذه الإحتجاجات من 15 أبريل 1989 وحتى الرابع من يونيه من نفس العام يقودها طلبة الجامعة و المثقفون. و هنا كلف الجيش الصيني بالنزول إلى ساحة التظاهرات في محاولة لإحتواء الموقف و السيطرة عليه و فض الإعتصام بالقوة. و قد كان أن أطلقت الآلة العسكرية نيرانها لتحصد الآلاف من الشباب في مذبحة تاريخية وحشيةألقت بظلالها القاتمة على الصين حتى يومنا هذا وظل حتى الآن عدد القتلى غير معلوم. و الآن؛ بعد مرور شهرين على تنحي الرئيس السابق مبارك.... أرى للأسف نداءات تهدف إلى زعزعة ثقة المواطن بقيادات الجيش وتخوين المؤسسة العسكرية- و هي المؤسسة الوحيدة التي نجت من التجريف الأخلاقي الذي طال كافة مؤسسات الدولة- و لو أنصف هؤلاء لتذكروا في التاريخ كيف حسم الجيش في لحظات معدودة معركة ميدان تيانانمين لصالح الحاكم. هذا الجيش الذي أعلن انضمامه للشعب يوم الجمعة الحادي عشر من فبراير 2011 ليسجل صفحة من أزهى صفحات مصر في التاريخ المعاصر. هذا الجيش الذي أسقط دستور 1971 بعد رجوح كفة التعديلات الدستورية لا لشئ إلا لأنه يود استعادة ثقة المصريين و يكن لهم كل احترام وتقدير؛ و لأنه يخشى على الثورة كما نخشى عليها جميعا. هذا الجيش الذي توعد بملاحقة الفاسدين فتعقبهم و لا يدعوه إلى الإبطاء إلا ثقل ا لحمل الذي ألقي على كاهله و عظم الميراث السئ الذي استخلف فيه؛و الرغبة في إجراء محاكمات عادلة أمام محاكم عادية لا إستثنائية حتى لا تتعرض الأحكام للطعون بعدم الدستورية. و إن جاز لنا أن نعتب على جيشنا العظيم فهناك أمور أخرى في رأيي أهم مما التففنا حوله؛ كعدم توجيه تهم فساد سياسي لمبارك و رجالاته مع أن الفساد السياسي أخطر شأنا على الأمة من الفساد الإقتصادي. و كقانون الأحزاب الجديد الذي أطلق حرية الأحزاب من جهة ثم قيدها بالشروط المبالغ فيها و التي جعلت عملية تكوين حزب عملية مادية معقدة ضخمة التكاليف مما قد يضيع على مصر فرصة تكوين أحزاب قوية ذات أيديولوجيات متعددة تنضم كلها للنسيج السياسي في تناغم وتخلق قدرا من المنافسة الشريفة التي تلهب الحماسة و كله يصب في النهاية في مصلحة مصر. أيضا أثار دهشتي البدء في عقد جلسات الحوار الوطني في وجود بعض التيارات السياسية مع تجاهل لتيارات أخرى ؛ مع إقصاء واضح للشباب من المشهد السياسي حتى بات الحوار معدوم الفائدة "كمن يتكلم وبيرد على نفسه" كل هذه المشاهد أولى بالرصد والتحليل وإمعان الفكر والنقد البناء لتجويد الآداء لا للتخوين و المزايدة على حب الوطن. فاستفت قلبك وإن أفتوك؛ فلتنظر إلى المشهد السياسي بعين واسعة وقلب مفتوح ولتحكم بنفسك. فلا يعقل أن نكون عونا لفلول النظام السابق في إجهاض الثورة و إيقاع البلاد في براثن الفتنة.