ذُهلت منذ سنوات من «المرشد» السابق للإخوان المسلمين عندما قال «طظ فى مصر»، وكان يقصد أن الدين عنده أهم من الوطن، ونشرت مقالاً فى «المصرى اليوم» ضد أن يوضع الدين فى كفة والوطن فى أخرى من حيث المبدأ، وتذكرت الرسول الكريم الذى كان يحارب مكة دفاعاً عن النفس وعن الدين، وفى نفس الوقت يوصى بها خيراً لأنها وطنه، وتذكرت تحذيره الواضح عليه الصلاة والسلام بأن الغلو فى الدين خطر عليه. ورغم أن المغالين يكفرون كل من يختلف معهم، ورغم أن «طظ فى مصر» يمكن اعتبارها «خيانة وطنية»، ورغم إصرار الرجل على عدم الاعتذار عن هذه المقولة واعتبارها صياغة خاطئة للمعنى الذى يعتقده، إلا أننى وغيرى من الكتاب المدافعين عن الحرية، الذين اعترضوا عليه، لم نخوّنه، فالادعاء باحتكار الحقيقة لا يواجه بمثله. وللمرة الثانية ذُهلت من مقولة أخرى لأحد قيادات الإخوان نُشرت منذ أيام، وهى «لو رشح الإخوان كلباً ميتاً فى الانتخابات سوف ينجح»، وقائلها ليس فقط من قيادات «الجماعة»، وإنما عضو فى لجنة تعديل الدستور، التى وضعت خارطة الطريق لمستقبل مصر بعد ثورة الشعب فى 25 يناير، وهى مقولة يصبح معها الطغاة من هتلر إلى القذافى أقرب إلى الملائكة! هذا قائد يحتقر أتباعه، ويعتبرهم قطيعاً، إذا قال لهم انتخبوا كلباً ميتاً لانتخبوه ونجح، فماذا سوف يفعل مع معارضيه. ولا تقل إن الإخوان تيار حقيقى فى المجتمع، فهذا صحيح، ولكنه لا يعنى تأييد أفكارهم من «طظ فى مصر» إلى «نجاح الكلب الميت». لم يقم الشعب بثورة 25 يناير، ويضحى بآلاف الشهداء والجرحى تحت شعار «طظ فى مصر» و«ترشيح الكلاب الميتة فى الانتخابات»، وإنما من أجل الحرية، ولا شىء غير الحرية. مصر بعد الثورة ليست مصر التى تستقبل ثلاثة آلاف مصرى يعودون من البوسنة والشيشان وأفغانستان والصومال وإيران (انظر «المصرى اليوم» عدد أول أبريل وليتها تكون كذبة أبريل)، فمن حق كل برىء أن يعود إلى بلده، ولكن ليس ليجعلها مثل الصومال أو إيران. مصر بعد الثورة ليست مصر التى تهدم الكنائس وتحرق المساجد وليست مصر التى تُقطع فيها أذن مواطن مسيحى بدعوى تطبيق الحدود الإسلامية، وليست مصر التى يقال فيها علناً فى الإسكندرية إن على النصارى الاستسلام لحكم الله، ويناقش فيها علنا فى القاهرة إنشاء شرطة «الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر». مصر بعد الثورة ليست مصر التى تمر فيها كل هذه الجرائم دون محاكمة مرتكبيها. لم يتم بعد ترشيح الكلب الميت ونجاحه فى الانتخابات! [email protected]