هناك عقول تترك عقلها لاحد آخر يقودها و تنساق لفكره بدافع العاطفة لان العقلية الناقدة لديها لم تفعل نتيجة خطأ فى التعليم او فى التربية فلم تستطع البيئة التى يعيش فيها هذا الانسان ان تجعله حرا يستطيع ان يمعن النظر فى الامور ويحسب العواقب والآثار لقرارته فيسلك الطريق السهل و يسعى الى قدوة تفكر مكانه سواء اكانت شخصا ما او جماعة يندمج فيها ويترك لها عقله لتفكر بالنيابة عنه و المشكلة ليست فى القدوة فكل انسان يحتاج اليها لتكون النموذج الامثل فى حياته و يسير على خطاها وهنا يجب ان نفرق بين ان نسير على خطى تلك القدوة وبين الانقياد الاعمى ورائها دون اعمال العقل و الفكر لان القدوة لابد ان تمنح من يتبعها الحرية فى التفكير و يستطيع فى اى وقت ان ينقد تلك القدوة لو ارتكبت فعلا من وجهة نظره يتعارض مع افكاره و آرائه لانه لا يوجد تماثل او توحد بين الناس فى الافكار و المبادئ والآراء كلها و الا لن نكون بشرا على الاطلاق ولذلك فالانسان عندما يكون رأيا فى اى موضوع مثلما يحدث الآن فى مصر خاصة فى عملية الاستفتاء يجب ان يكون هذا الرأى من رأسه ليس لان فلان يتخذ توجها معينا او جماعة معينة تتخذ موقفا معينا لاننى اكتشفت ان هناك بعض الناس فى مصر منساقة وراء الجماعات التى تنتمى اليها دون ان يكون لها اى توجه مخالف لطريقة تفكير تلك الجماعات او تلك الشخصيات لابد ان يأتى يوم ينفصل الانسان عن قدوته ويكون رأيا مستقلا و حرا عن جماعته التى ينتمى اليها حتى ولو كان مخالفا لها ولابد ان تسمح له تلك الجماعات بحرية تكوين الرأى المخالف لها والا سنكون امام جماعات ديكتاتورية تعمل على اقصاء اى طرف معارض لها و لاتسمع الا لصوتها ثم تدعى بعد ذلك الديمقراطية وتقبلها للرأى الناقد فهذا يعتبر هراء وضحك على عقول الساذجين فقط و لا ينطلى على العقول المتحررة المتفتحة التى تستطيع ان تفكر دون قيد او شرط مسبق او تترك عقلها لاى احد او جماعة حتى لو كانت تلك الجماعات تتكلم باسم الدين و ترفع رايته فما حدث اليوم على المنابر فى المساجد بهدف توجيه الرأى العام فى اتجاه معين واقصاء اى رأى آخر يخالف وجهة نظرهم فهذا يعد بعيد تمام البعد عن فقه الاختلاف و احترام الرأى الآخر بل وصل الحد الى ان يتهم الرأى المخالف لهم على انه بيحصل على تمويل خارجى و اتهام الناس بالعمالة و الخيانة فكأننا نعود بعقارب الساعة الى الوراء عندما اتهمنا النظام السابق ان هناك عناصر اجنبية مندسة فى اوساط الثوار يحرضون الناس على العصيان فى وجه الحاكم اى اننا نعود الى مرحلة ما قبل الثورة و الكثير من هؤلاء منقادين دون وعى وراء قادتهم فى تلك الجماعات دون امعان فى التفكير لما يقولونه و فيما يلقونه من اتهامات للناس دون تحرى الدقة فى القول او الفعل او حتى تقديم دليل او اثبات على ما يدعونه من اتهامات لا هدف منها سوى تضليل الرأى العام فى مجتمع يتلقف الشائعات بسرعة و بخيال المجتمع الخصب و العقول الفارغة تتحول تلك الشائعات الى حقائق يصدقها البلهاء من الناس الذى ينقلون الاخبار دون تبصر فى مدى صدقها او كذبها و تجد تلك العقول المنقادة و التى لا تحاول التفكير فهى عقول مهيئة لتقبل اى فكر دون ان يمر على مرحلة التحليل و التدقيق التى تمكنه من ان يبحث و يقرأ و يسمع بقلب متفتح لكل الآراء حتى المعارضة لذلك التوجه او الرأى وتلك هى الطامة الكبرى عندما يحاول هؤلاء فرض آراء جماعاتهم على الناس و حملهم عليها حتى و لو ادى ذلك الى التنازع و الشجار بل لو رفضت رأيهم واثبت حجة رأيك بالبرهان الدامغ المخالف لهم اتهموك فى عقلك و قد يتهمنوك فى ايمانك ويشككون فيه كأنهم فقدوا الوعى و الحد الادنى من التعامل الراقى الذى يصل بنا الى بناء مستقبل افضل لاوطاننا بدلا من المهاترات التى لا تبنى على احترام العقول والآراء اننا نناشد ابناء الوطن الا تبنى رأيك على اساس انك سمعت فلان يقول او علان يحرض او ان جماعة او فئة تؤيد موقف معين او لانك مندمج فى جماعة بعينها و كل هذا ليس عيبا ولكن الى جوار ذلك فعليك ان تبنى رأيا بناءا على تفكير عميق ناقد حتى ولو كان مخالفا لفكر من تحب او لرأى الجماعة التى تنتمى اليها يتناسب هذا الرأى مع افكارك ومبادئك و طموحاتك المستفبلية بمعنى آخر الا تجعل احدا آخر يصنع لك مستقبلك و يتحكم فيه فعليك التمتع بالارادة الحرة التى تصنع لك مستقبل تحبه انت و تتخذ القرارات التى تبنى الحياة التى تراها انت فالمشاركة فى الشأن العام للامة لا تحتاج الى عقول مهيكلة قام ببناء قواعدها اشخاص آخرون فالذى يستطيع البناء هو نفسه الذى يستطيع الهدم و هنا ستجد نفسك امام كارثة لو هؤلاء الاشخاص قدموا لك الافكار الهدامة على انها افكار البناء والتعمير و زينوا لك الباطل حقا و الحق باطلا سيصبح عقلك مشوشا يرى الصورة مقلوبة فسيصبح عقلك فى تلك اللحظة مدفوعا بغرائزه التى ترفض ان تسمع للنصح او للرأى الآخر و تصبح الدوافع الغريزية هى المحرك الاصيل لذلك العقل المهيكل فى اتخاذ القرارات