أورسن ويلز مخرج سينمائي عالمي، وفوق كونه مخرجا كان مؤلفا وممثلا ومنتجا وقد عمل في مجال السينما والمسرح والتلفزيون والراديو وامتاز بإنتاجاته الدرامية المبتكرة وبصوته المميز وشخصيته، ويعتبر ويلز أحد أهم فناني الدراما في القرن العشرين. حاز ويلز شهرة لإخراجه وتقديمه تمثيلية إذاعية مقتبسة عن رواية ه.ج. ويلز حرب العوالم التي أدت،بسبب إذاعتها بأسلوب التقرير الإخباري،إلى إثارة الهلع بين الناس لاعتقادهم بحدوث غزو كائنات فضائية للعالم أفلامه المبكرة Citizen Kane وThe Magnificent Ambersons يعتبر من أهم الأفلام في تاريخ السينما العديد من أفلامه الأخرى وخاصة Touch of Evilو Chimes at Midnight يعتبرها العديدون تحفاً سينمائية وقد تم اختياره عام 2002 أعظم مخرج سينمائي في التاريخ في مسح نظمته مؤسسة الأفلام البريطانية. و«ويلز» من من مواليد مايو 1915وكان قد قدم في عام 1941فيلمه السينمائي الأول «المواطن كين»، عن حياة رجل يدعى «فوستر كين»، صحفى وناشر وقُطب سياسي ورمز اقتصادي ومجتمعي، وبعد وفاته تحاول صحيفة إخبارية أن تتبع معنى كلمة «روزبد»، التي كانت آخر ما نَطَقَ به وقوبل الفيلم بهجوم حاد من رجل الأعمال الأمريكي «ويليام هيرست»، الذي اعتبر أن الفيلم يتقاطع مع قصة حياته ويسيء إليه كثيراً، ليعمل على عدم خروجه إلى النور بأي شكل، وهو أمر كاد يحدث بالفعل بعد اتفاق مع منتجيه يفضي إلى حرق نسخ الفيلم، ولكنه عرض كاملاً وترشح لعدة جوائز أوسكار وفوزه بواحدة عن السيناريو العظيم الذي شارك «ويلز» في كتابته، إلا ظل يتعرض للتضييق على انطلاقته بأشكال مختلفة منها التَدخل في سيناريوهات أفلامه، وتأخير عرضها لمددٍ طَويلة أو إعادة مونتاجها بشكلٍ يُخالف رؤيته. ثم كان فيلمه The Lady From Shanghai الذي أخرجه «ويلز»، وقام ببطولته أمام زوجته في ذلك الوقت «ريتا هوارث»، حيث أنهى مونتاج الفيلم بمدة زمنية تصل إلى 150 دقيقة، ولكن شركة «كولومبيا» المنتجة للفيلم لم يَرُقها ذلك وعَهد رئيس الشركة حينها «هاري كون» إلى مونتيرين لإعادة مونتاج العمل من جديد، ليخرج بنسخة مختلفة يبلغ طولها 90 دقيقة فقط فرفض بحسم أن يُكتب اسمه على الفيلم وعلى نسخته المُشوهة، ومع عرضه عام 1947.. فشل بشكل تام في شباك التذاكر واعتبره بعض النقاد كارثة سينمائية، قبل أن يتفهموا أبعاد الجريمة التي ارتكبت في حق «ويلز» وفيلمه، ولكن بعد فوات الأوان.. حيث فُقدت المشاهد التي كان قد صورها ولم يعد محتملاً إعادة مونتاجه وخروجه في صورته الأولى. وأصيبَ «ويلز» باكتئاب وتسبب فشل الفيلم وحكايته المأساوية في انفصاله عن «ريتا هوارث»، وحاول البعد عن الشركات الكبرى، وإدخال دولٍ أخرى في تمويلِ أفلامه، خلال الخمسينيات كانت أعماله التليفزيونية الخفيفة هي الغالبة، قبل أن يتجه إلى أوروبا ويترك هوليوود كاملةً، وإلى الأبد، ويقدّم عدّة أعمال متراوحة القيمة خلال البقية من حياته، من ضمنها تحفته الوثائقية for Fake. إلى أن رد إليه التاريخ بعد عشرين عاماً على إنتاج «المواطن كين»، قبل أن تضعه مجلة Sight & Sound السينمائية على رأس قائمتها لأفضل الأفلام في تاريخ السينما، في استفتاء شارك فيه عدد كبير من النقاد والمخرجين، ولم يُبارح الفيلم مكانه منذ ذلك الوقت، وظل خيارالفنانين والكتاب المُفضَّل كلما جاء الحديث عن أفضل عمل تم إنتاجه. وفي عام 1997، وحين قدم «معهد الفيلم الأمريكي» قائمته لأفضل 100 عمل سينمائي في 100 عام من تاريخ هوليوود، كان «المواطن كين» أيضاً على رأسها، وهو الأمر الذي تكرر بعد عشر سنوات حين قدم المعهد قائمة مُحدّثة في ذكرى 110 أعوام هوليوودية حيث نفذه ب«حريةٍ كاملة» وبعيداً عن أي ضغوط، ظَل الرجل خالداً، ولا تذكر سيرته إلا ويصاحبها هجاء حاد لكيف يمكن أن يمنع غباء المنتجين والسياسات المالية في قهر الفنانين ومنع خروج روائع عديدة إلى النور، أما «فتاة من شنغهاي»، وعلى الرغم من أن نسخته الباقية ظلَّت مُشوهة، إلا أنه نالَ تقديراً حقيقياً من السينمائيين، تحديداً من ناحية رَوعته البصرية وعبقرية «ويلز» الشديدة في بناء بعض المشاهد بشكل ثوري بالنسبة لزمنه. وقد حاز ويلزأوسكار شرفيًا استثنائيًا عام 1971، بسبب «براعته الفنية الفائقة وقدرته على خلق أفلام مُختلفة» بحسب بيانها الصادر حينها، مما مثل انتصاراً صريحاً من فنان عظيم على رمز رسمي لهوليوود ممثلاً في أكاديمية العلوم والفنون، خصوصاً مع رفضه الحضور واكتفائه بتسجيلِ خِطاب يُذاع عند إعلانهم جائزته إلى أن توفي ويلز «زي النهاردة» في 10 أكتوبر 1985. اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة