من شوارع فيرجسون، التى أشعلتها الاضطرابات العنصرية إلى كواليس المحكمة العليا، خاض إريك هولدر، أول وزير عدل أسود فى تاريخ الولاياتالمتحدة، معركة دون هوادة من أجل الحقوق المدنية حتى استقالته. ووضع الوزير، الذى اعتبرته المنظمة النافذة للدفاع عن الحريات «بطل معركة الحقوق المدنية»، حداً لأسباب لم يحددها لولاية من 6 سنوات طبّق خلالها إصلاحات قضائية ناجحة واتخذ قرارات قاسية بحق أخطاء ارتكبتها الشرطة، مع إعطاء أولوية لمعالجة عدم المساواة على خلفية عنصرية. وهولدر شخصية محترمة من قبل منظمات حقوق الإنسان تعرض لانتقادات المحافظين الأمريكيين، لكنه لم يتردد فور وصوله إلى الحكومة فى وصف الولاياتالمتحدة ب«بلاد الجبناء» حول المسائل العنصرية، وفوق مكتبه فى وزارة العدل علق صورة لروبرت كينيدى الشقيق الراحل للرئيس الأمريكى الذى اغتيل. وواصل هولدر، وهو أول وزير عدل أمريكى من أصل إفريقى فى فريق إدارة أمريكية يتولاها أول رئيس أسود، عمل سلفه بوب كينيدى الذى اغتيل وقاد الحركة من أجل الحقوق المدنية إلى جانب مارتن لوثر كينج. ولد هولدر، 63 سنة، فى حى برونكس وهو مقرب من باراك أوباما وتزوج من الشقيقة الصغرى لفيفيان مالون أول طالبة سوداء فى جامعة ألاباما، التى يرتادها البيض. والتزامه فى مجال النضال من أجل الحقوق المدنية يعود إلى مطلع حياته المهنية، وعندما كان طالباً فى مدرسة الحقوق فى كولومبيا بنيويورك عمل هولدر محامياً فى جمعية الدفاع عن السود «إن اى اى سى بى». وعيّن الرئيس رونالد ريجان هولدر قاضياً، فى 1998، ثم مدعياً فيدرالياً فى العاصمة واشنطن من قبل بيل كلينتون، ثم اختاره الرئيس الديمقراطى ليكون الرجل الثانى فى وزارة العدل ليصبح أول أسود يتولى هذا المنصب. وفى 2009، قال الوزير الجديد فى فريق باراك أوباما: «حتى وإن كانت هذه الدولة تقدم نفسها على أنها مزيج إثنى فى الواقع لطالما كنا ولا نزال بلد جبناء فى أكثر من مجال». وبرز هولدر، الذى بدأ الشيب يغطى شعره الأسود، خصوصا فى أحداث فرجسون فى ولاية ميزورى مؤخرا بعد مقتل شاب أسود برصاص شرطى أبيض فى أغسطس. وجاء هولدر لتبديد الاضطرابات العنصرية التى أعقبت هذا الحادث، ثم فتح تحقيقا حول سلوك الشرطة المحلية وبشكل عام حول احتمال وجود تصرفات تمييزية كما فعلت قوات شرطة فى ولايات أمريكية أخرى. وناضل وزير العدل الثانى والثمانون أيضا لإصلاح قانون العقوبات وخفض الأحكام الطويلة بالسجن التى تصدر بحق مروجى المخدرات الذين غالبا ما يكونون من السود وإعادة العمل بحق التصويت لدى الخروج من السجن وتسهيل إعادة دمج السجناء فى المجتمع لدى انتهاء عقوبتهم. وكان آخر إعلان رسمى له هو الخفض التاريخى لعدد السجناء فى سابقة هى نتيجة لإصلاحاته لإنهاء «الدوامة المدمرة للفقر والإجرام والحبس التى طالت خصوصاً السود». ويضاف إلى توليه هذا المنصب لفترة طويلة انتصار غير مسبوق فى المحكمة العليا للزواج المثلى والبدء بإعادة النظر فى أساليب الإعدام المثيرة للجدل. لكن هولدر واجه أيضا إخفاقات أمام أعلى هيئة قضائية فى البلاد التى أبطلت مواد كاملة فى القانون الذى يحمى حق الأقليات فى التصويت ما أثار استياءه. وكانت علاقاته مع الكونجرس أيضا متوترة جدا لأن العديد من المحافظين اعتبروه شخصية تقدمية حزبية. وأمام تعنت الجمهوريين لم ينجح فى أن يحاكم خارج جوانتانامو المتهمين بتنفيذ اعتداءات 11 سبتمبر الذين لم يحاكموا بعد 13 عاما على وقوعها. وانتقد لتأييده الهجمات بطائرات من دون طيار أو برامج المراقبة الجماعية التى طبقتها وكالة الأمن القومى الأمريكية. كما اتهم بإهانة الكونجرس لعدم التعاون فى عملية لمكافحة الاتجار بالأسلحة مع المكسيك، وفى يونيو 2012 صوت مجلس النواب الأمريكى على حجب الثقة عنه فى سابقة تاريخية. اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة