تصنيف الكونفدرالية - الزمالك على رأس مجموعة وقد يرافق المصري    وكيل الطب البيطري بالمنيا يتفقد مزرعة الجاموس النموذجية للاهتمام بالثروة الحيوانية    أستاذ هندسة طاقة: الهيدروجين الأخضر يؤدي لانعدام الانبعاثات الكربونية بالجو    طرح 70 ألف وحدة لمنخفضي الدخل قريبًا.. الإسكان الاجتماعي: لا صحة لمقترح الإيجار التمليكي    خلال لقائه نظيرته السلوفينية.. عبد العاطي يؤكد تضامن مصر مع لبنان ضد الاعتداءات الإسرائيلية    وزير الخارجية يلقي كلمة مصر في قمة المستقبل ضمن أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة    سفيان رحيمى يعلق على مواجهة الأهلى فى كأس الإنتركونتننتال    بالصور .. الأنبا مقار يشارك بمؤتمر السلام العالمي في فرنسا    سيراميكا كليوباترا يعلن التعاقد مع لاعب الأهلي    غدا.. أولى جلسات محاكمة الفنان عباس أبو الحسن بتهمة دهس سيدتين في الشيخ زايد    مجد القاسم يشعل أجواء مهرجان الغردقة لسينما الشباب.. صور    النجوم يتفاعلون مع مجد القاسم على أغانيه بحفله فى مهرجان الغردقة لسينما الشباب    قوات الاحتلال تقتحم بلدة الريحية جنوب الخليل بأكثر من 100 جندي    تفاصيل الحلقة ال 6 من «برغم القانون»..القبض على إيمان العاصي    هل يجوز قضاء الصلوات الفائتة جماعة مع زوجي؟.. سيدة تسأل والإفتاء تجيب    صحة المنوفية لمصراوي: إصابات فيروس A في الباجور لا تصل لمرحلة التفشي    هل متحور كورونا يمثل خطرًا كبيرًا؟.. رئيس اللجنة العلمية يوضح    "أسطورة من الأساطير المصرية".. أول تعليق من بيراميدز على إعتزال أحمد فتحي    مصطفى عسل يهزم علي فرج ويتوج ببطولة باريس الدولية للإسكواش    تأثير مجتمع القراءة «الافتراضى» على الكتاب    إعلام عبرى: إدارة بايدن أبلغت إسرائيل عدم دعمها دخول حرب شاملة    محمود سعد: الصوفية ليست حكراً على "التيجانية" وتعميم العقاب ظلم    خبير شؤون إسرائيلية يكشف خلافات داخلية بسبب الوحدة 8200 بجيش الاحتلال    مواجهات نارية.. تعرف على جدول مباريات الأهلي والزمالك في دوري الكرة النسائية    محافظ أسوان يكشف مفاجأة بشأن الإصابات بالمستشفيات.. 200 فقط    "صعود أول 3 فرق".. اتحاد الكرة يعلن جدول وشروط دوري المحترفين    عبد الرحيم علي عن تشكيل حكومة يمينية متطرفة بفرنسا: "ولادة متعثرة".. وإسناد الداخلية ل"برونو روتايو" مغازلة واضحة للجبهة الوطنية    رئيس جامعة بنها يستقبل وفدا من حزب حماة الوطن    رئيس جامعة أسيوط يستجيب لأسرة مواطن مصاب بورم في المخ    بالفيديو.. خالد الجندي يرد على منكرى "حياة النبي فى قبره" بمفأجاة من دار الإفتاء    استبعاد مديري مدرستين بمنطقة بحر البقر في بورسعيد    العربية للتصنيع تحتفل بأبناء العاملين والعاملات من المتفوقين بالثانوية العامة    حمدي فتحي يصنع.. الوكرة يسجل في شباك الريان بالدوري القطري (فيديو)    محافظ بورسعيد: انطلاق الدراسة الأسبوع المقبل بمدرسة قرية "2" بعد تطويرها    دون مصطفى محمد.. تشكيل نانت الرسمي لمواجهة أنجيه في الدوري الفرنسي    عاجل| مصر تحذر المواطنين من السفر إلى إقليم أرض الصومال    الجنايات تعاقب "ديلر العجوزة" بالسجن المؤبد    يسرا تحيي ذكرى وفاة هشام سليم: يفوت الوقت وأنت في قلوبنا    سفير الصين: 282 مليار دولار حجم التجارة مع أفريقيا بزيادة 26 ضعفا منذ 2000    وزارة العمل تنظم ندوة توعوية بقانون العمل في المنيا    مسؤول أمني إسرائيلي كبير: الوضع الحالي في الضفة الغربية يقترب من نقطة الغليان    رئيس جامعة حلوان يشارك في مؤتمر دولي بفرنسا لتعزيز التعاون الأكاديمي    الاحتلال الإسرائيلي يواصل تقليص المساعدات إلى غزة    ضبط فتاة زعمت تعدى 5 أشخاص عليها لزيادة نسب المشاهدات    الجامع الأزهر يتدبر معاني سورة الشرح بلغة الإشارة    التعليم العالي: بحوث الإلكترونيات يطور منظومة تصوير بانورامي ثلاثي الأبعاد    البورصة تواصل ارتفاعها بمنتصف التعاملات مدفوعة بمشتريات عربية وأجنبية    الرئيس السيسى يتابع خطط تطوير منظومة الكهرباء الوطنية وتحديث محطات التوليد وشبكات النقل والتوزيع ومراكز التحكم ورفع مستوى الخدمة المقدمة للمواطنين بشكل عام.. ويوجه بمواصلة جهود تحسين خدمات الكهرباء بالمحافظات    الصحة تنظم ورشة عمل لبحث تفعيل خدمات إضافية بقطاع الرعاية الأساسية    قبل «رضا» ابن إسماعيل الليثي.. نجوم فقدوا صغارهم في عمر الزهور    بداية جديدة لبناء الإنسان.. فحص 150 مواطنا بقافلة طبية بالأقصر    المنوفية تستعد لتدشين المبادرة الرئاسية "صحة وطن"    طالب يسأل والمحافظ يجيب في طابور الصباح.. «سأجعل مدارس بورسعيد كلها دولية»    بالبالونات والشيكولاتة، مدرسة ابتدائية بالغربية تستقبل التلاميذ في أول أيام العام الدراسي (بث مباشر)    بداية فصل الخريف: تقلبات جوية وتوقعات الطقس في مصر    انتظام الطلاب داخل مدارس المنيا في أول يوم دراسة    "كلامه منافي للشرع".. أول تعليق من على جمعة على تصريحات شيخ الطريقة الخليلية    اللهم آمين | دعاء فك الكرب وسعة الرزق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لأننا خُلقنا للحب
نشر في المصري اليوم يوم 11 - 03 - 2011

كان لقاؤهما الأول فى البنك الذى تعمل به. ثمة مشكلة فى الإجراءات احتاجت تدخلها. كان ممكنا أن تُحلّ المشكلة فى دقائق ويغادرها. كان ممكنا أن يزدحم المكتب وتنشغل بالعمل. لسبب ما كانت منتعشة هذا اليوم. الطقس شتائى مشمس تصاحبه النسمات الباردة، وثمة غيوم تنذر بمطر منعش يغسل الكون ويغسلها. وعبير القهوة ينبه حواسها إلى أن الحياة - رغم الأحزان - حلوة، وتستحق أن نعيشها. والعمل هادئ على غير العادة فى هذا الصباح.
دخل «العميل» هذه اللحظة مع موظفة تحت رئاستها. حتى هذه اللحظة لم يكن أكثر من «عميل». لم يكن قد أصبح حبيبا بعد!. بل حتى لم تكن تعرف اسمه. انشغلت هى فى حل المشكلة، وانشغل هو فى بحيرة العسل بعينيها. خلع معطفه وطواه فى إهمال. فاح عطره فى الغرفة فاستنشقته بعمق. عاشقة هى للعطور، ولأشياء صغيرة، كثيرة، بسيطة، رائعة تصنع الحياة.
لسبب ما لم تستطع أن تنجز المعاملة فى نفس اليوم، لسبب ما باسطته الحديث فارتاحت إليه، لسبب ما حين جاء فى اليوم التالى استقبلته بألفة صديق قديم. لكن حينما جد الجد، وشعرت بالرجل داخله يفتش عن الأنثى، فإنها سرعان ما انسحبت إلى حصنها الحصين.
هذه أشياء تعرفها المرأة بالفطرة. من يهتم بها، ولماذا؟ أصياد يستبيح صيدها أم عاشق يتعهد أرضها؟، وكانت الإجابة: نعم. هذا الرجل جدير بثقتها. لكنها غير مستعدة للحب الآن. تكفيها جراح التجربة الماضية.
لكن ماذا تفعل وهو يُصرّ أن يطرق بابها بلطف، يتحمل جفاءها، وكأنه يعرف أنه مصطنع!. ماذا تفعل إذا كان يُضْحكها وينقل لها إحساسه بالتفاؤل، يخبرها بأن الحياة رائعة، ويوم واحد بلا فرح هو يوم ضائع من أعمارنا!.
أخبرته بقصة حبها الفاشلة، وأخبرها بحزنه العظيم على زوجته الراحلة، وتعاهدا أن يبدآ مع الأيام صفحة جديدة. كان الوقت يمضى، وكل شىء فيه يدفعها للثقة. مجرد النظر إلى عينيه يُشعرها بالطمأنينة. تستطيع أن تسلمه حياتها، واثقةً أنه لن يُضيّعها.
.............
لذلك كانت مفاجأتها كاملة حينما لم يحضر فى الموعد المقرر. صدمة لم تكن مستعدة لها. كان قد طلب منها مرارا أن يتعرف على أهلها، ويطلبها منهم. وكانت تستمهله. وأسعدها أنه يبدو لحوحا، متلهفا.
استعدت للمناسبة. شاع الفرح فى البيت. توهج خدها كمراهقة. جاء أشقاؤها ليقابلوه وكل منهم يحمل دعابة. وهى تسير بينهم كالفراشة. اتصالات صديقاتها لم تنقطع. حتى أمها طريحة الفراش ارتدت أجمل ملابسها.
كانت تعرف أنه دقيق فى مواعيده، لذلك حينما تأخر عن الموعد شعرت بالقلق، ليس منه وإنما عليه. اتصلت به فكان الهاتف مُغلقا. هذه الأشياء تحدث ولعله الآن سيطرق الباب.
لآخر لحظة ظل يراودها الأمل. لآخر لحظة ظلت تنظر إلى الباب مرهفة الحواس. كانت أصعب لحظات فى حياتها. ذكرياتها القديمة احتشدت أمامها. انطفاء وجه أمها، نظرات الإشفاق فى عيون أشقّائها. لاذت بالصمت، انسحبت إلى غرفتها. كانت ليلة لا تتمناها لألدّ أعدائها.
ثلاثة أيام لم تتصل به ولم يتصل بها. ثلاثة أيام هى الأسوأ فى حياتها. هل أظلمت الشمس وكفت أن تمنح نورها؟ لماذا يبدو الصباح سمجا ثقيلا مظلما؟ ولماذا تنطفئ شموع الروح وتُوصد أبواب الأمل؟، وحين تنظر إلى المرآة تبدو ناضبة، طاعنة فى الحزن، ذابلة.
...........
كان يمكن أن يستمر الأمر على هذا النحو، لولا أنها فى اليوم الرابع استردت نفسها. مستحيل أن تتخلى عن حبها بهذه البساطة، أو يمنعها الكبرياء من حقها فى الفهم؟. كان لحنا عذبا بسيطا رائعا، فهل من العدل أن تُكسرَ القيثارة وهى تتفرج!.
اختطفت حقيبتها فى عزم، انتفضت دون تخطيط مسبق، ذهبت إليه فى مقر عمله، قالوا إنه مُتغيب. سقط قلبها فى قدميها، ذهبت إلى بيته وهى تبكى. لماذا ظلمته؟ لماذا لم تستعصم بالثقة فيه، بعينيه الصافيتين الصريحتين. لو حدث له مكروه فلن تسامح نفسها.
..................
ضغطت على جرس بابه فى شجاعة. تأخر الرد. تصلبت أناملها على الجرس، وأخيرا فتح لها الباب، لكنه لم يكن هو. كان شخصاً هدّمه الحزن يقف أمامها.
انخرطت فى البكاء دون صوت. سالت دموعها مدرارا وهى تتأمله. ذقنه غير الحليقة، ملامحه المتهدلة، نظرة الفأر المحاصر فى ركن. ظل يرمقها فى عجز. دلفت إلى الداخل دون دعوة. جلست على الأريكة، وراحت تنظر إليه.
كان مكسورا، مهزوما من الداخل. ذهبت دعاباته الرقيقة، فارقته بشاشته. حاولت أن تستفهم منه لكنه لاذ بالصمت. عاملته كطفل. فى هدوء وصبر استطاعت أن تنتزع الحقيقة. أيام متتالية لم يستطع النوم. هاجمته ذكريات زوجته الراحلة. أول مرة شاهدها، أول مرة لاحقها، وتلك المشاعر الخيالية حين تصارحا، ليلة خطبتهما، حفل زفافهما، حياؤها، أيامهما السعيدة، وذلك الرباط الوثيق الذى ربط بين قلبيهما.
أيام مرضها المباغت، تأرجحهما بين الأمل واليأس. ثم آخر كلمة قالتها له، حين قبّل جبينها البارد، مشاعره لحظة دفنها، أيُعقل أن ينتهى كل هذا ويمنح أحضانه لامرأة أخرى؟ أليس من الخيانة أن يحب بعدها؟ أتراه لن يخطئ فى اسميهما؟ ولماذا حدث كل هذا!، إذا كنا نحب فلماذا نموت؟ وإذا كنا نموت فلماذا نحب؟.
استمعت إليه فى صبر، فى حنان أم تعرف كيف تعنى بطفلها. كان يمكن أن تنصرف غاضبة، أو تعاتبه وتحاسبه. لكنها بغريزة الأنثى أدركت أنه يحبها. وأن الصراع الناشب داخله دليل على وفائه وأصالة معدنه. لم تملك عواطفها، وراحت تهمس له أننا لا نصنع أقدارنا. وأنها تحبه، وأنه يحبها، وأنه يغلو بالوفاء فى نظرها، وستصبر عليه حتى يستعيد نفسه، ويفهم أن الحياة لابد أن تسير، والأحبة الراحلين يرون الأمر بمنظار أوسع، خال من الأثرة والأنانية. نحن فى الحقيقة خلقنا للحب، وبالحب فقط نُحقّق ذاتنا.
راحت تتكلم وهو يصغى إليها. ورغم أنه لم يتكلم فقد قرأت فى عينيه أنها استعادته، وأنها له، وأنه لها.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.