عند الساعة السابعة صباحاً، جلس خمسة مواطنين أمام مكتب خدمة المواطنين بوزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، لمتابعة بحث طلبات كانوا قد قدموها إلى الوزارة من قبل بخصوص الوحدات السكنية التى تطرحها الوزارة كل فترة، أقدمها كان الطلب الذى قدمه كمال سيد مراد، 48 عاماً، منذ 5 سنوات. يبحث مراد عن مسكن ملائم لزوجته وابنته، بديلا عن مسكنه الحالى الذى يحمل عبء ارتفاع إيجاره. يشتكى مراد الذى يعمل صاحب محل لصيانة الكمبيوتر فى أحد الأحياء الشعبية: «أدفع 850 جنيهاً شهريا كإيجار سكن دون الكهرباء والماء، تقدمت بطلب إلى الوزارة منذ 5 سنوات فى إسكان مشروع حلوان والمشاريع التى أعلنت عنها وزارة الإسكان تباعا لكن لم يتم الرد عليّ». صارت الساعة الثامنة والنصف، ولايزال مكتب متابعة الطلبات مغلقاً، ولم يحضر الموظف المختص، وهو ما يخالف تكليفات الرئيس عبدالفتاح السيسى للوزراء خلال اجتماعه الأول بهم، والذى تقرر فيه تواجد كل وزير فى مكتبه فى السابعة صباحاً. وضع مراد أفضل من وضع الحاج سيد مرسى محمد سليمان، 70 عاماً، الذى قدم طلباً لحجز وحدة سكنية فى مشروع إسكان النهضة منذ فبراير 2011. يقول: «خدمت الحكومة 27 عاماً فى حى مصر الجديدة، وأريد أن أحصل على شقة أقيم فيها بدلا من إقامتى عند أقاربى». يضيف سليمان: «آخر مرة جئت إلى هنا منذ 3 شهور، أخذوا منى الأوراق وطلبوا منى دفع 12 ألف جنيه»، يسخر سليمان من الرقم ويقول: «لو كان معايا نصف المبلغ كنت اشتريت أرض». مواطن آخر، محمد محمد إبراهيم، 48 عاماً، أتى قبل السابعة صباحاً بدقائق بعدما قرأ فى جرائد الأسبوع الماضى إعلان وزارة الإسكان بطرح عدد من الوحدات السكنية فى المدن الجديدة، توقع أن يكون المكتب مزدحما والموظف المختص موجودا، لكنه ظل واقفا إلى الساعة 8.30 ولم ير حضور الموظف أو فتح باب خدمة المواطنين، يقول: «جئت منذ السابعة صباحاً تفاديا للزحام أمام المكتب، لكنى لم أجد أحدا من العاملين، الآن الساعة 8.30 ومحدش عاوز يدلنا على حاجة». لدى إبراهيم إحساس بأن شيئا لم يتغير، يقول: «البلد لسه ماشية بالواسطة... واللى ليه ضهر ما ينضربش على بطنه». فى التاسعة إلا الربع، تم فتح مكتب تلقى الطلبات، دخل المواطنون وجلسوا على المقاعد انتظاراً لحضور الموظف، ثلاثة أمهات كن يقدمن طلبات لحجز وحدات سكنية لأبنائهن الذين لا يستطيعون المجىء لتقديم الطلبات بسبب عدم استطاعتهم أخذ إجازة من العمل. ابتسام أحمد ابراهيم، واحدة من تلك الأمهات، قدمت عام 2011 طلباً لحجز وحدة سكنية فى المشروع القومى للإسكان لابنها المتزوج، ودفعت مبلغ 5 آلاف جنيه، كانت شرط الموافقة وقتها أن يكون مرتب مقدم الطلب أقل من ألف جنيه، تقول السيدة ابتسام: «وقتها كان يحصل ابنى محمد على 400 جنيه كمرتب شهرى، موظف البنك كتب فى الأوراق أن مرتب ابنى الشهرى ألف وسبعمائة جنيه وتم رفض طلبنا». من وقتها تتردد ابتسام على الوزارة، استردت منذ أشهر قليلة على مبلغ 5 آلاف جنيه الذى دفعه ابنها مقدماً، وتجرى حاليا إجراءات تصحيح المرتب الشهرى لابنها. الساعة التاسعة صباحاً، يفتح الموظف باب المكتب، يتجمع حوله المواطنون، يخبرهم بأن الوزارة لن تطرح وحدات سكنية جديدة فى محافظة القاهرة قبل شهر أغسطس القادم، يسأله محمد محمد إبراهيم عن الإعلان فيخبره الموظف بأن الإعلان كان بخصوص المحافظات الأخرى، فيغادر المواطنون دون تعليق.
