ينظر دائما إلي المناظرات التي تقوم بها وسائل الإعلام الأمريكية بين مرشحي الرئاسة علي إنها من أكثر المشاهد الديمقراطية، و تتناول الصحافة الأميركية بشكل موسع تغطية و تحليل تلك المناظرات التلفزيونية التي تحدث بين المرشحين لمنصب رئيس الجمهورية. لا تقوم محطات التليفزيون بإذاعة المناظرات من باب الترفيه، و لكن لإنه دور أساسي لوسائل الإعلام في ظل المرحلة الإنتخابية، إلي جانب دورهم في توعية الناخبين بعملية التصويت، و تثقيفهم بأهم ملامح البرامج الإنتخابية للمرشحين. ولكن بعد إنتهاء فترة التغطية الإعلامية للحملات الإنتخابية الرئاسية المصرية، نجد أنه بالرغم من التغيير الذي حدث في وسائل الإعلام المصرية سواء في مستوي حرية الرأي و التعبير، أوفي عدد القنوات الهائل ، أن معظم وسائل الإعلام أهتمت بطريقة مبالغ فيها علي حث المواطنين للإنتخاب تاركه جوانب أخري كان من الممكن أن يكون لها تأثير إيجابي في المشاركة. فقامت القنوات بأستضافة المرشحان كل منهم علي حدي، دون القيام بأي مناظرات، بالرغم من أهميتها لتقريب ملامح شخصية المرشحين و طريقة تناولهم لمختلف القضايا. هذا بالإضافة إلي إهدارها مساحة و وقت كبير في تغطية إنتقادات الحملتين لبعضهما، مما اثر على دورهم الاساسى فى توعية الناخبين. فبرنامج السيسي الإنتخابي به محاور شديدة الأهمية مثل العمل والاجتهاد، توسيع الرقعة السكنية من خلال المدن الجديدة وخفض عجز الموازنة وتوظيف 3 مليون شاب فى سيناء وتأسيس المدينة المليونية بالعالمية وافتتاح مناجم للكشف عن الذهب فى اسوان .كما أهتم برنامج حمدين بتطبيق العدالة الأجتماعية و تعزيز دور القطاع العام وتشجيع الرأسمالية الوطنية وضمان أستعادة مصر لمكانتها الإقليمية وإطلاق الحريات والفصل بين السلطات الثلاثة . ولكن ما قامت به وسائل الإعلام المصرية هو الاهتمام بتغطية الاتهامات وعمليات التشويه التى قامت بها كل من الحملتين ضد بعضهما البعض .فكان التشويش على صباحى من خلال زرع فكرة ان الجماعة الاخوانية ستقوم بمساندته والتصويت له نكاية فى السيسى . أما تشويه حملة السيسى فكان معتمد على وضع أنصار السيسيى فى إطار الفلول و حزب الكنبة وان اللافتات تم تجهيزها على نفقة رموز الحزب الوطنى المنحل . لم تكن وسائل الإعلام قادرة علي وصف و تثقيف و تحليل البرامج الإنتخابية، وأكتفت بإستضافة خبراء للتعليق علي أحاديث الناخبين التليفزيونية وليس البرنامج بأكمله. و لكنها أستطاعت ان تقوم بعملية دقيقة فى إبلاغ الناخبين من عملية التصويت بما فى ذلك كيف ومتى وأين التصويت وكيفية التحقق من التسجيل الصحيح. من الطبيعي أن تواجه البلاد المتحولة ديمقراطياً تحديات لا تواجهها الديمقراطيات الراسخة في السعي لضمان نزاهة التغطية الإعلامية للحملات الانتخابية. فكان هناك قصور لوسائل الاعلام المصرية فى تغطيتها لفترة الحملات الأنتخابية الرئاسية ولكن قد يرجع هذا إلى طبيعة المرحلة التى تمر بها مصر خلال الفترة الحالية و تحررها المفاجيء من نظام سياسي سلطوى كانت تعمل كل وسائل الإعلام المملوكة للدولة و الخاصة تحت قيادته. و لكن عليه أن يعي دوره الأساسي ومدي تأثيره في الجمهور من جميع الطبقات و المستويات. غفلت وسائل الإعلام المصرية أن القيام بحوارات تليفزيونية تتسم بالجدية و الصرامة مع المرشحين من حيث الأسئلة، و تنظيم المناظرات، من أهم السمات التي تهيئ المناخ لحياة سياسية ديمقراطية و إعلام حر. وبالرغم من أن هذه الأخطاء ليست غائبة عن الديمقراطيات الراسخة ، لكنها تحدث بشكل أكثر في البلاد المتحولة ديمقراطيا. لذلك فإلتزام الحكومات ووسائل الإعلام بتلقي الناخبين معلومات متوازنة و كافية لتمكينهم من ممارسة الاختيار الواعي من اهم خطوات التطور الديمقراطي في البلاد.