هاريس: نراقب تطورات الضربات الإسرائيلية على إيران من كثب وسنبقى على اطلاع    بث مباشر، لحظة الهجوم الإسرائيلي على إيران    لاعب الزمالك يفتح النار على مجلس الإدارة: لا ترتقوا لتكونوا مسؤولين    بسبب الخلاف على ملكية كلب، مقتل شخص على يد أصدقائه بالمحلة    هدير عبد الرازق بعد أزمة الفيديو: "مكنتش في وعيي ولا عارفة أني بتصور ووالدي أغمى عليه"    اليوم، إطلاق 8 قوافل طبية ضمن مبادرة رئيس الجمهورية حياة كريمة    التقديم اليوم رسميًا.. شروط ومكان وظائف شركة مياه القاهرة 2024 (رابط مباشر)    انفجارات وسط العاصمة الإيرانية طهران (فيديو)    قفزة جديدة في عيار 21 الآن.. أسعار الذهب والسبائك ببداية تعاملات اليوم بالصاغة بعد الارتفاع    «إمكانياتك أقوي من رونالدو».. تعليق مثير من إبراهيم سعيد على أداء أفشة في نهائي السوبر    غلق القيد الصيفي للدوري الممتاز للموسم الجديد 2024-2025    ملف الجمعة.. خضوع لاعب الزمالك لفحوصات بالمخ.. فرمان بالأهلي .. واقتراب مرموش من مزاملة صلاح    تقرير: كهربا يعتذر ل محمد رمضان (تفاصيل)    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 26 أكتوبر 2024 بحسب ما جاء عن البنوك    مصرع شخصين في حادثين منفصلين بالبحيرة    تحذير ل9 محافظات.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم وتوقعات الفترة المقبلة    سعر الزيت والسكر والسلع الأساسية في الأسواق اليوم السبت 26 أكتوبر 2024    تجنب القرارت المتسرعة في حياتك المهنية.. توقعات ونصائح برج الدلو اليوم 26 أكتوبر    أصالة تشيد بحفل «ليلة عبدالوهاب» وتوجه الشكر لهيئة الترفيه.. ماذا قالت؟    لقاء مع فرصة مهنية جديدة.. حظ برج القوس اليوم 26 أكتوبر    «زي النهارده».. وقوع حادث المنشية 26 أكتوبر 1954    النائب العام يلتقى سكرتير الدولة للعدل الإسبانى    تعرف على مواعيد قطارات الصعيد على خطوط السكة الحديد    الطواقم الإعلامية فى مرمى غارات إسرائيل.. جيش الاحتلال يستهدف مقر الصحفيين والإعلاميين فى "حاصبيا" جنوب لبنان ومن بينهم طاقم "القاهرة الإخبارية".. واستشهاد اثنين من المصورين ليصل العدد فى لبنان ل9    ثاني أقوى جيش في العالم يدعم روسيا.. ماذا بين كيم وبوتين؟    تطبيق التوقيت الشتوى الخميس المقبل.. وهذا ما سيحدث للساعة    10 شركات سمسرة تستحوذ على 73.8% من تعاملات البورصة خلال الأسبوع الماضى    المخرج عمرو سلامة يثنى على متسابقة "كاستنج" منه الزهيرى.. فيديو    بعد ظهورها في افتتاح مهرجان الجونة.. من هي زينة أشرف عبد الباقي؟    برج العقرب.. حظك اليوم السبت 26 أكتوبر: مشروع جديد    إعمار بيوت الرحمن.. افتتاح مسجد الأربعين بقرية ميت ربيعة بالشرقية    واعظ بالأزهر: الإخلاص أمر مهم ذو تأثير كبير على الإنسان والمجتمع    إذاعة الجيش الإسرائيلى: الهجوم على إيران فى مراحله الأولى    العدسات اللاصقة تصيب فتاة أمريكية بالعمى.. تحتاج لعملية بتكلفة 5000 دولار    الكشف على 327 فى قافلة طبية مجانية ضمن مبادرة بداية بالمنوفية    «الصحة» تنظم جلسة حوارية حول الديناميكيات السكانية والاستدامة التحديات والحلول    فلسطين.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مدينة قلقيلية شمالي الضفة الغربية    حزب الله اللبناني يعلن استهدف مستعمرة كريات شمونة بصلية صاروخية    جامعة الأزهر تفتح تحقيقاً لكشف ملابسات واقعة تسمم طالبات الأقصر    هل يحقق فينيسيوس حلم الكرة الذهبية؟    بيان عاجل لجامعة الأزهر بشأن أنباء تسمم طالبات المدينة الجامعية بالأقصر    مطرانية ملوي بالمنيا تكشف سبب إحلال وتجديد الكنيسة المرقسية    محافظ كفرالشيخ: إزالة بناء مخالف على أرض زراعية بالحامول    الوزراء: مصر تتصدر إفريقيا في سرعة الإنترنت    "المروحة الورقية" وسيلة نجوم الفن لمقاومة الحر في مهرجان الجونة السينمائي    ضبط سلاح ناري وهيروين مع 3 متهمين في كفر الشيخ    تفاصيل إصابة سيدة أثناء نشر الغسيل بالجيزة.. وقع بيها سور البلكونة    تفاصيل مقتل شاب بطعنة في الصدر بالعمرانية.. بسبب معاكسة فتاة    أهلي جدة يتعادل مع الأخدود 1/1 في دوري روشن السعودي    النصر يتعادل مع الخلود 3-3 في الدوري السعودي    اتحاد الرهبانيات في الأردن يعقد لقاءه الأول لهذا العام    نقابة الصيادلة: تكليفات رئاسية بتوطين صناعة أدوية علاج الأورام    خبير: القوات البحرية قادرة على حماية المياه الإقليمية والمصالح الوطنية    مؤتمره العام الدوري .. المصرى الديمقراطي يبحث خطة الحزب وأداء نوابه    المفتي ووزير الأوقاف يقدمان التهنئة لأبناء السويس في العيد القومي    خطيب الجامع الأزهر: خيرية الأمة ليست شعارا بل نتيجة لامتلاكها مقدمات النجاح    مواقيت الصلاة .. اعرف موعد صلاة الجمعة والصلوات الخمس في جميع المحافظات    خطيب المسجد الحرام: شعائر الدين كلها موصوفة بالاعتدال والوسطية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



توازن العرب الإلكتروني
نشر في المصري اليوم يوم 26 - 03 - 2014

كان للثوره العلمية و التكنولوجية آثار بعيدة المدي علي طبيعة المجتمعات و الأفراد وقدر' المؤسسات علي التوسع في العقود الأخيرة، وتركزت تلك الطفرة كما سبقها من طفرات علمية في الولايات المتحدة و أكثر دول غرب اوروبا تقدما تاركة بقيه العالم يلاحقها، بما في ذلك روسيا و الصين، بلدين عملاقين بهما قاعدة علميه و صناعية واسعة، وفي حاله صدام دائم مع الولايات المتحدة.
كان إدخال الكمبيوتر بما له من قدرة علي إجراء أشد العمليات تعقيدا بسرعة متناهيه القفزة الأولي في تلك الثوره، ثم كانت القفزة الثانية، هي ظهور الشبكة العنكبوتية و امتدادها حول العالم كأخطبوط ضخم يدير و يحول قدرات الكومبيوتر الهائلة إلي أطراف كل الشوارع و المدن و المؤسسات متركزة في ذاك الجزء من العالم.
تطورت عملية إداره الدولة والمجتمع و طرق و سرعه تحليل المعلومات و آليه اتخاذ القرار إلي عملية إليكترونية في كل ركن من أركان الحياة، بحيث صار من المستحيل تخيل أو تصور كيف كانت تدار تلك العمليات المعقده بالورق و القلم و المنقلة و المثلث، و قد يصعب تخيل كيف كان من الممكن إداره مطارات كمطار هيثرو و باريس قبل تلك الثورة، هذه المطارات كمثال تدير فضائها الجوي و مدارج صعود و هبوط و تقاطر الطائرات بشكل مذهل تفصل فيه الدقائق، إن لم تكن الثواني بين الطائرات الحاملة لمئات الآلاف من المسافرين سنويا و بمعدلات أمان مذهله.
تلك المطارات المزدحمة و الأجواء الدولية المكتظة بالطائرات في قلب أهم حاضرات العالم تدار بكومبيوترات ضخمه هائله مجرية عمليات حسابية برنامجية رقمية دقيقة تتلافي العامل البشري بشكل كبير. ولربما يبدو أيضا من المستحيل تصور بورصة نيويورك التي تجري فيها ملايين عمليات شراء و بيع الأسهم و عمليات تبادل المال في بيع و شراء بين باعة و مشتريين لا يلتقون إلا علي شاشات تلك الكومبيوترات و في قلب برامجها المعقدة الدقيقة.
تجري تلك العمليات علي مدي الليل و النهار و بدقة متناهيه لا تتحمل الخطأ في جزء و لو ضئيل من السنت دعك عن الدولار، في العقود الماضية أيضا تفجرت عمليات التبادل المالي، بما يسمي النقود البلاستيكية، أي تلك التي تعتمد علي كروت الضمان، ملايين الملايين من الناس تشتري و تبيع أبسط الأشياء عبر تلك الكروت.
كروت تدار بكفاءة إليكترونية هائلة و دون أي تبادل حقيقي للمال، يخصم رقم من حساب ذلك و يظهر في حساب ذاك، خلاصة الأمر أن الحواسب الآليه الضخم' و شبكه الألياف و الاتصالات العنكبونية صارت هي الذاكرة الجماعي' للمجتمعات الصناعيه المتقدمة، و صارت هي العقل و القلب و العضلات فهي تدير شبكة الكهرباء و توزيع المياه تدفق المعلومات عبر شاشات التلفزيون، صارت تدير أدق و أصعب العمليات في تناغم تام و بدقة و سرعة و إحكام.
شجع الساسه و رجال المال نشوء المجتمع الإليكتروني المعتمد علي الكومبيوتر في كل مكان، بل و تداخله مع كل العالم فلقد كان ذاك هو جسر واسع و سريع لخلق آليات جديدة لصنع الثروه تخفيض النفقات و استبعاد العامل البشري بما يمثله من تكلفه.
إرهاصات الإحساس بالبعد الأمني و الثغرات الأمنية في هذا التطور ظهرت مع ظهور تلك الثورة، و لكن الجديد في الأعوام الخمسة الماضية، هو حدوث ظواهر تشير إلي أن تلك القفزة الحضارية الكبيرة قد تحولت إلي ثغرة أمنية استراتيجية ضخمه في قلب عالم الغرب.
و لربما يؤكد علي هذا ما نشر أن اسرائيل أعدت غرفة عمليات للتعامل مع أي محاولات إليكترونية للسيطرة علي شبكه الكهرباء بها، و ما كتب في جريده «التليجراف» منذ أيام أن أعلي اللجان الأمني' في بريطانيا تعد و تجند للتعامل مع الهجمات الإليكتروني' علي مؤسساتها الحيوية من ذات الغرفه التي كان يقود منها تشرشل الحرب العالميه الثانية.
ومن الدلائل علي تداعيات الهجمات و القرصنة الإليكترونية ما حدث في ذروه الخلاف بين روسيا و أستونيا عام 2007، أستونيا هي دولة نموذج يتم الترويج لها كمثال للتقدم الذي يمكن تحقيقه إذا انفصلت دولة ما عن روسيا، تلك الدولة محدودة السكان تحولت إلي دولة بها أكثر الحكومات الإليكترونية تقدما. وسط خلاف معقد مع روسيا فوجئت أستونيا بأن كافة مفاصل إداراتها أصابها هجوم إليكتروني معقد أصابها بالشلل.
حدث أمر مشابه عند اختلاف روسيا مع جورجيا عام 2008، ثم أخيرا أثناء الصراع مع أوكرانيا، حيث أغلقت شبكات الإنترنت للعديد من المؤسسات في أوكرانيا و مئات التليفونات للقادة الأوكرانين، تلك الأمثلة تتجاوز ما يسمي الحرب الاليكترونيه من تصنت و خلافه علي جيوش العدو او غيره مما هو مفهوم في هذا المجال لاقتحام مؤسسات الخصم المدنية و السيطرة عليها و أصابتها بالشلل أو إدارتها بأوامرك، وكمثال علي الأمثلة الغامضة التي لم يتوفر لها تفسير في هذا المجال هو ما تعرض له بنك «اتش بي سي» العملاق حيث عجز الملايين من عملاء البنك عن التعامل معه و توقفت مئات الآلاف من العمليات في أكتوبر 2012، مما بدي أنه عمليه قرصنه إليكترونيه كبيرة و معقدة مجهوله المصدر.
في عام 2013، ضم البنك إلي مجلس إدارته أحد القيادات الأمنيه البريطانية لتعزيز قدراته الأمنية، في الشرق الأوسط ظهر ما سمي بالجيش السوري الإليكتروني الذي اقتحم موقع جريدة «النيويورك تايمز»، ورفع عليها صورة الرئيس السوري بشار الأسد، يحق للمرء أن يتسائل هل الجيش السوري يمتلك مثل الكفاءات أو الجرأة علي اقتحام موقع جريدة أمريكية؟ شئ شبيه بذلك حدث أثناء معركه حزب الله مع إسرائيل عام 2006 بإيقاف التليفونات الشخصية للقيادات الإسرائلية؟ و يظهر السؤال أيضا هل يمتلك حزب الله مثل تلك التقنيات الفنيه العالية؟ و لربما يجب الربط بين تلك الأحداث و ما حدث لموقع حلف الأطلنطي علي الشبكه العنكبوتية منذ أيام، حيث اقتحمت مجموعه إليكترونية روسية موقعة «إنها روسيا ذاتها التي تمكنت من السيطرة علي درة الأسلحة الأمريكية: الطائرة دون طيار «الدرون»، ثم إجبارها علي الهبوط في مطار روسي كاملة و كقطعة واحدة دون أي خدش في مطار روسي في الشهر الماضي».
يبقي السؤال الأهم في هذا كله من هو صاحب تكنولوجيا الاقتحام الإليكتروني تلك؟ هل هي جماعات قرصنة حقا أم أنها دولة عظمي أدركت و تعرفت علي كعب إخيليس في قلب الحضار' الغربيه الحديثة و قررت أن تطوره إلي سلاح ردع استراتيجي في صمت و لسنوات؟
دوله قررت أن تختبره مرات عدة في صمت و أحيانا بإعلان؟ هل هي روسيا التي لم تخجل عن ترك آثار كثيرة تؤكد لخصومها أنهم هم أي روسيا التي قامت و تقوم بتلك التهديدات و الاقتحامات و المناوشات البسيطة؟ هل هو إعلان أنهم يمتلكون ما هو أكثر و أعنف و أخطر و أنهم قادرون علي إيقاف بورصة نيويورك أو اقتحام كمبيوترات شركة «أرامكو» السعودية كما حدث و تم إنكاره.
إن تداعيات هذا مذهلة وواسعة و خطيرة، الأهم ما هو الرد الذي تستطيع الدوائر الغربية القيام به؟ هل تستطيع أن ترد بالمثل؟ فلنفترض أنهم اقتحموا المؤسسات الروسية و الصينية فماذا يكون تأثير هذا؟ في الأغلب شئ ضئيل، مقارنة بما يمكن أن يصيب العالم الذي ترابط كله مع الولايات المتحده أساسا في عولمة رأسماليه ضخمة و عميقة، تُري لو أدرك صانع القرار الغربي هذا هل يستطيع أن يتجاوز خطوط روسيا الحمراء مرة أخري؟ عاش العالم مرحلة الرعب النووي و ردعه ثم توازن الطاقة و ردعها تري هل دخل العالم مرحله توازن الرعب الإليكتروني، وما هي تداعياته علي المنطقة وعلي المشروع الأمريكي في سوريا وإيران، وهل يفتح الباب أمام مصر لمراجعه علاقاتها في المنطقة، والعالم في ظل عالم ثنائي الأقطاب يتباعد تدريجيا عن توابع زلزال سقوط الاتحاد السوفيتي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.