رأيت «مصر الجديدة» التى نحلم بها.. فى لقاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة برموز مصر.. لا إقصاء ولا استبعاد.. لا «البرادعى» مغضوب عليه، و لا «الجنزورى» تحت الإقامة الجبرية.. ولا عمرو موسى متمرد.. الكل مصرى.. المشير طنطاوى مصرى، والفريق عنان مصرى.. والمائدة مصرية جداً.. وهكذا كانت «مصر الجديدة» جداً، بعد 25 يناير.. لا أحد فى الصورة وحده.. «مصر الجديدة» تتسع للجميع! من المؤكد أن «البرادعى» عاد من اللقاء بروح مختلفة، وشعور مختلف.. وهكذا كان شعور «الجنزورى»، و«أبوالمجد»، و«موسى».. مثل شعورنا جميعاً عندما التقينا بالمجلس العسكرى.. يؤدون العمل بالأمانة والصدق.. ولا يمكن أن يخونوا القسم، ولا يمكن أن يوفروا حماية من أى نوع لأحد.. ولو كان الرئيس مبارك.. هم موجودون لحماية مصر.. وليس لحماية النظام.. هكذا قالوا، وهكذا صدقناهم.. ونصدقهم.. لأنهم أحرص على تسليم السلطة منا.. وهم أحرص على العودة إلى ثكناتهم، دون أن نطلب ذلك، بثورة أخرى! أعرف أن لديهم خريطة طريق للمرحلة الانتقالية.. فى شهر يونيو انتخابات برلمانية، وبعدها انتخابات رئاسية فى «أغسطس».. والرئيس يؤدى اليمين الدستورية فى 14 «أكتوبر».. هذا هو الاتفاق.. هكذا قالوا لنا فى لقاء «المفكرين والأدباء».. وهكذا قالوا لشباب «ائتلاف الثورة».. ولكن لا أدرى ماذا قالوا لرموز مصر.. عندما التقوا البرادعى وموسى والجنزورى.. فهم لديهم أفكار أخرى تماماً! لابد أن هناك أفكاراً قد تغيرت لدى المجلس العسكرى.. ولابد أن خريطة الطريق سوف تطرأ عليها تغييرات.. لأن البرادعى يرى ضرورة وجود فترة انتقالية.. يتولى فيها الحكم مجلس رئاسى، يمثل فيه الجيش.. كما أنه يرى ضرورة تأجيل الانتخابات البرلمانية.. لأن الأحزاب غير جاهزة.. فى الوقت نفسه يرى عمرو موسى ضرورة البدء بالانتخابات الرئاسية، وتأجيل الانتخابات البرلمانية.. لأن الأحزاب غير جاهزة.. وهو يرى أيضاً أن الرئيس القادم، يجب أن يكون لفترة واحدة.. وهذه الأفكار لها وجاهتها بالطبع! رؤية البرادعى تتضمن ضرورة إعطاء الفرصة حتى يظهر شباب الثورة على الخريطة السياسية، وحتى تستطيع الأحزاب أن تستعد.. ورؤية عمرو موسى لا تختلف كثيراً، حيث يجب أن تعطى فرصة حقيقية للأحزاب، ولكن الخلاف على المدة نفسها.. تطول هذا وتقصر هناك.. ولا أعرف ماذا يفعل المجلس العسكرى فى هذه الأفكار؟.. بينما لديه رؤية متكاملة تنتهى فى سبتمبر؟.. هذا هو السؤال، الذى يجب أن نبحث له عن إجابة! ينبغى أن أسجل أن هذا التباين هو الذى يدفعنى إلى الشعور بأننا نعيش روح «مصر الجديدة».. وهذا الاختلاف هو الذى يبعث على الطمأنينة أكثر.. وهو الذى يؤكد أن مصر تتغير.. وأن مصر تتطور.. وأنها تضع قدميها على الطريق.. انتهى زمن الفكر الواحد.. وانتهى زمن الرأى الواحد.. هناك آراء عديدة لم تقف عند البرادعى وحده، ولا عمرو موسى وحده.. كانت هناك آراء مهمة جداً للمهندس نجيب ساويرس.. كانت تتحدث عن «مصر بكرة»! والآن يجب أن نتجه بكامل تفكيرنا، وقوتنا إلى «مصر بكرة».. «مصر الجديدة».. «مصر الجميلة».. التى كنا نحلم بها، ولم يكن لها ظل على أرض الواقع.. وقد بدت ملامحها فى ثورة شعب.. وفى احتضان الجيش للشعب.. وفى لقاءات المجلس العسكرى بالمثقفين والكتاب والشباب والرموز.. كان يحنو على الجميع ويستمع إلى الجميع.. لأنه تأكد أننا نعيش روحاً جديدة.. هى روح «مصر الجديدة» جداً!