إصابته بمرض «الربو» وهو في الحادية عشرة من عمره لم تكن عقبة تخطاها بالعلاج بقدر ما كانت درسًا واضحًا في أن الإنسان لا يستطيع تخطي الهدف إلا إذا بدا له مستحيلاً.. عَشق التحدي ولم يكتفِ بالانتصار عليه، موجهًا رسالة للمصريين في القدرة على تحقيق ما كنا نتخيله يومًا «مستحيلًا».. المصري الذي تخطى أكبر 7 قمم في العالم على بعد خطوات في أن يكون أول عربي يصعد للفضاء الخارجي، عن الرحلة وما بعدها كان الحوار مع المغامر عمر سمرة، الحاصل على البكالوريوس في الاقتصاد وإدارة الأعمال من الجامعة الأمريكية عام 2000، والماجستير في إدارة الأعمال من كلية لندن عام 2007، وفيما يلي نص الحوار: *ما الدافع وراء المغامرات من البداية والهدف وراء استمرار تلك الروح؟ -وأنا في عمر 16 عامًا تسلقت أول جبل ثلجي في «الألب السويسرية»، الرحلة التي ألهمتني القرار في تسلق قمة «إفرست» يومًا ما، وبدا الهدف وقتها غير واقعي، خاصة أنني مصاب ب«ربو» شديد وقتها. يعتبر «إفرست» واحدًا إن لم يكن أصعب التحديات الإنسانية، وكنت متحمسًا كثيرًا للتسلق وأنا شديد الإيمان بوجوب تحدي كل منا دائمًا لتصوره الشخصي عن حدود قدراته. وبدا صعود «إفرست» تحديًا لا عقلانيًا لمصري، فاحتضنته بكل إخلاص ونما هذا الشعور داخلي حين فوجئت حتى بعدم محاولة أي مصري خوض التجربة، منذ تلك اللحظة، وأصبحا الرغبة والفخر بتمثيل بلدي ورفع العلم المصري فوق أعلى الأماكن على وجه هذه الأرض دائمًا أمام عيني. *حدّثنا عن عملك الطبيعي وبين تغيير وجهة المغامرة من تسلق الجبال إلى الصعود للفضاء الخارجي؟ -بجانب عملي في الاقتصاد وإدارة الأعمال، كان حبي وعشقي للمغامرة وتسلق الجبال، علمًا بأن ليس هناك أي فوارق بين الاثنين، فالمغامرة واحدة، «عمري ما تفرغت تمامًا لتسلق الجبال أو المغامرة بل هذا كان بجانب عملي في مجال البنوك وعدد من المؤسسات المالية وأخيرا السياحة»، حيث رأيت في أن يكون هناك ربط بين حبي للسفر والاستفادة منه وبين مجال السياحة. *كيف تعرّفت على المسابقة؟ وكيف وصلت لمراحلها النهائية؟ -المسابقة بدأت منذ فبراير 2013 بالإعلان عنها، ووصل عدد المشتركين وقتها إلى مليون متسابق من حوالي 68 دولة، والتصويت الإلكتروني كان أولى مراحل المسابقة، ثم كانت هناك مرحلتان، أخراهما مرحلة النهائيات في «أورلاندو» في فلوريدا بالولاياتالمتحدةالأمريكية، ومررنا فيها ب 6 اختبارات كان أصعبها اختبار قوة التصارع مرورًا بمناورة الطائرات وقوة الاحتمال بضغط الهواء والجاذبية والفيزياء، واختبارات الأداء الجماعي والشجاعة والحماسة، كان أهم شيء بالنسبة للجنة التحكيم هو الشجاعة والطاقة الإيجابية، والعمل الجماعي، حيث يروون أنها شروط يجب توافرها في رواد الفضاء. *من قواعد المسابقة وجود مقاعد محجوزة لممثلي دول بعينها للصعود للفضاء.. فهل كان من الممكن ألا نرى واحدًا من المصريين الثلاثة المؤهلين لنهائيات المسابقة فائزًا؟ -مصر كانت من الدول، التي لم يكن يتوقع أحد أن يفوز أحد منها بتذكرة الصعود إلى الفضاء الخارجي، بالإضافة إلى أنها لم تكن لديها تذكرة مضمونة، حيث كنا 109 متسابقين في «أورلاندو»، فاز 23 من بيننا لخوض تجربة الرحلة إلى الفضاء، وكان من بيننا حوالي 16 مقعدًا مضمونًا من قبل لدول بعينها منها الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا وروسيا، وهي الدول المعروفة من قبل بتجاربها الفضائية، وتبقى حوالي 7 مقاعد فقط تتنافس باقي الدول عليها. *تكلمت في السابق عن الدور الإيجابي الذي لعبته وزارة الدفاع في اجتيازك المرحلة الأخيرة من نهائيات المسابقة ما تفاصيل هذا الدور؟ -تم إجراء كشف طبي شامل علينا مباشرة، بعد مداخلة المتحدث العسكري على إحدى الفضائيات استجابة لمطلب زميلي في النهائيات أحمد خالد، وكان الإجراء الطبي له عاملًا إيجابيًا لاكتشافنا أعراضًا مرضية. وأخذنا بعض المحاضرات في كيفية التعامل مع الأجهزة التي سيتم التعامل معها في نهائيات المسابقة ثم أجرينا التدريبات اللازمة على أجهزة وزارة الدفاع والتي وجدنا مثلها في المراحل النهائية في «أورلاندو» وساعدتنا بشكل كبير في اجتياز الاختبار. *متى تحديدًا سنشاهدك في الفضاء الخارجي؟ وكم المدة التي ستستغرقها الرحلة؟ -تاريخ السفر لم يحدد بعد، لكنه سيكون في 2014، حيث إن المكوك «مارك 2»، الذي سنصعد به للفضاء الخارجي، خارج الجاذبية الأرضية، لم ينتهي بناؤه، أما «مارك 1»، ارتفع إلى مسافة 90 كيلو مترًا فوق سطح البحر، ويتم تجهيزه الآن. أنا سأصعد مع قائد المكوك بمفردنا على مسافة 340 ألف قدم فوق سطح البحر بسرعة تضاعف 3 مرات سرعة الصوت، وستستغرق الرحلة حوالي ساعتين، وسيتم التصوير قبل وبعد خروجنا من الجاذبية، بالإضافة إلى أن المكوك سيتم تصويره من الداخل والخارج أيضًا، لكن الفترة التي سنقضيها خارج الجاذبية ستكون دقائق معدودة. يشار إلى أن المكوك المخصص للرحلة شكله مختلف إلى حد ما عن طبيعة الصور الذهنية المسبقة لرحلات الفضاء الأخرى حتى في طريق إقلاعه وطيرانه. *ما الرسالة التي ستحملها للعالم وأنت أول مصري وعربي يصعد للفضاء الخارجي؟ -لا أحمل سوى علم مصر في جميع مغامراتي السابقة بجانب الملابس الرسمية، التي ستحمل أعلام بلدي من مختلف الزوايا، وستكون هناك فترة بعد الصعود لالتقاط الصور. *كيف تكون رحلتك للفضاء مفيدة بالنسبة لك ولمصر؟ -أرى أنها قد تكون بداية نحو انطلاق مشروع مصري للفضاء الخارجي كعدد من الدول الأخرى التي لم تدخل هذا المجال من قبل، وعلينا أن نرى كيف مشروع كهذا يوضح خلاصة جميع ما أنتجته البشرية من التكنولوجيا، والقدرة الخارقة في العمل الجماعي وكذلك القدرة على الحلم وكيفية تحقيقه، وأفكر حاليًا في عمل مشترك مع عدد من الخبراء والقائمين على المسابقة سينفذ خلال السنوات القليلة المقبلة. هذا بجانب أن الذين صعدوا للفضاء على مدار التاريخ لا يتعدى عددهم 400 شخص الأمر الذي يوضح أن مصر ستظل تذكر عبر التاريخ ضمن هذا الإنجاز، وأن الفضاء سيلعب دورًا أساسيًا في الطيران من خلال اختزال وقت السفر من دول لأخرى. المسألة لا تختزل في شخصي، بل المسألة تتعلق بأن عمر يمثل المصريين ومصر وقد يكون ما يحدث نواة لمشروع مصري خاص بالفضاء، ولما لا، فيجب علينا جميعا أن نتعلم من تلك التحديات هو تحقيق الصعب والمستحيل. *وماذا عن وجهتك المقبلة؟ - 25 فردًا على مدار التاريخ هم من استطاعوا صعود أكبر 7 قمم عالمية في قارات العالم المختلفة بجانب قطبي الكرة الأرضية الشمالي والجنوبي، لكن لم يقم أحد في العالم بكل هذه المغامرات بجانب الصعود إلى الفضاء، وهذا ما أحلم بتحقيقه بعد عودتي من الفضاء الخارجي وسأقوم بالذهاب إلى قطب الكرة الجنوبي والشمالي، وهذا يتطلب مني استعدادات شاقة لأشهر، بالإضافة إلى مسألة التمويل لتحقيق هذا الإنجاز التاريخي في عام 2015.