إخلاء سبيل صلاح التيجاني بكفالة 50 ألف جنيه    مجلس الوزراء: خطوات هامة وبدايات مبشرة لصناديق الاستثمار المصرية في الذهب    وزيرة التضامن تبحث مع سفير الاتحاد الأوروبي التعاون في مجالات العمل المشتركة    الأسهم الأمريكية تسجل مكاسب للأسبوع الثاني.. وداو جونز يصل مستوى غير مسبوق    الدفاع الروسية: قواتنا استهدفت منشآت طاقة أوكرانية بأسلحة عالية الدقة وطائرات دون طيار خلال الليل    وزير الداخلية اللبناني: نعمل على صد أي محاولة لضرب الأمن الداخلي في لبنان    الناخبون في التشيك يواصلون التصويت لليوم الثاني في انتخابات مجلس الشيوخ والمجالس الإقليمية    التشكيل المتوقع للمصري في مواجهة الهلال الليبي بالكونفدرالية    القنوات الناقلة لمباراة ريال مدريد وإسبانيول في الدوري الإسباني.. والقنوات الناقلة    تأجيل محاكمة مضيفة الطيران المتهمة بقتل ابنتها في التجمع الخامس لدور أكتوبر    عمرو الفقي: تحية لفريق عمل والقائمين على مسلسل برغم القانون    مفتي الجمهورية من موسكو: علينا تصحيح الصورة المغلوطة عن التراث الإسلامي بالحوار    المشاط تبحث تعزيز الشراكة الاستراتيجية مع الوكالة الفرنسية للتنمية    مستثمرو مرسى علم يطالبون بمشاركة مصرية قوية فى بورصة لندن السياحية نوفمبر المقبل    واتكينز ينهي مخاوف إيمري أمام ولفرهامبتون    موعد مباراة ريال مدريد وريال سوسيداد والقنوات الناقلة في الدوري الإسباني    غدًا.. وزير التعليم يزور قنا لتفقد عدد من المدارس مع بداية العام الدراسي    سقوط 3 عناصر إجرامية بترسانة أسلحة بالقليوبية    توجيهات عاجلة من مدبولي ورسائل طمأنة من الصحة.. ما قصة حالات التسمم في أسوان؟    ضبط المتهم المتهم بالتعدي على سيدة لخلافات على أولوية المرور في القاهرة    محافظ المنوفية: طرح 12 مدرسة جديدة للتعليم الأساسي والإعدادي والثانوي    الليلة، انطلاق عرض مسلسل تيتا زوزو على منصة Watch It    انطلاقة قوية لمواليد برج الأسد في بداية الشهر الشمسي الجديد    القصة الكاملة لشائعة وفاة محمد جمعة.. ما علاقة صلاح عبد الله؟    داعية إسلامي: يوضح حكم التوسل بالأنبياء والأولياء والصالحين وطلب المدد منهم    مستشفيات جامعة سوهاج تنهي قوائم الانتظار بنسبة 98 ٪؜    «اللي بيحصل يهد ريال مدريد».. رسالة نارية من ميدو ل جمهور الزمالك قبل السوبر الإفريقي    رواتب تصل ل25 ألف جنيه.. فرص عمل في مشروع محطة الضبعة النووية - رابط التقديم    في يوم السلام العالمي| رسالة مهمة من مصر بشأن قطاع غزة    تقرير أمريكي: بلينكن لم يزر إسرائيل بجولته الأخيرة خشية تقويضها لجهود الوساطة    شيخ الأزهر يعزي اللواء محمود توفيق وزير الداخلية في وفاة والدته    تحرير 458 مخالفة «عدم ارتداء الخوذة» وسحب 1421 رخصة بسبب «الملصق الإلكتروني»    وزير الشئون الاجتماعية اللبناني: التفجيرات الإسرائيلية الأخيرة غير مسبوقة وتتطلب تكاتف جهود الجميع    وزير الإسكان: تخفيض 50% من رسوم التنازل عن الوحدات والأراضي بالمدن الجديدة    بعد ارتفاع الطن.. سعر الحديد اليوم السبت 21 سبتمبر 2024 في المصانع    "تحيا مصر وعاش الأزهر".. 12 صورة ترصد أول أيام الدراسة في معاهد أسيوط (صور)    زاهي حواس: مصر مليئة بالاكتشافات الأثرية وحركة الأفروسنتريك تسعى لتشويه الحقائق    بسمة بوسيل تنشر إطلالة جريئة لها.. وتغلق التعليقات (صور)    انتظام الدراسة في أول أيام «العام الجديد» بقنا (تفاصيل)    عالم بوزارة الأوقاف يوجه نصائح للطلاب والمعلمين مع بدء العام الدراسي الجديد    تأهل علي فرج لاعب وادى دجلة لنهائي بطولة باريس للإسكواش    دراسة فرنسية: 35 مليون شخص مصابون ب"الألزهايمر" حول العالم    بدء العام الدراسي الجديد.. ما هي خطة وزارة الصحة لتأمين للمنشآت التعليمية؟    عقب الإصابة بأعراض النزلات المعوية.. «الوقائي» يتفقد الحالات المرضية ب4 مستشفيات بأسوان    الفرق الطبية بالشرقية تجري 475 زيارة لخدمة كبار السن وذوي الهمم    «بعد حبسه».. بلاغ جديد للنائب العام ضد الشيخ صلاح التيجاني يتهمه بازدراء الدين    استقرار أسعار اللحوم الحمراء اليوم السبت 21 سبتمبر    «اعرف واجبك من أول يوم».. الواجبات المنزلية والتقييمات الأسبوعية ل رابعة ابتدائي 2024 (تفاصيل)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024    انخفاض جديد في درجات الحرارة.. الأرصاد تزف بشرى سارة لمحبي الشتاء    وزير خارجية لبنان: لا يمكن السماح لإسرائيل الاستمرار في الإفلات من العقاب    لطيفة: أمي قادتني للنجاح قبل وفاتها l حوار    رياضة ½ الليل| مواعيد الإنتركونتينتال.. فوز الزمالك.. تصنيف القطبين.. وإيهاب جلال الغائب الحاضر    مريم متسابقة ب«كاستنج»: زوجي دعمني للسفر إلى القاهرة لتحقيق حلمي في التمثيل    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    الزمالك يُعلن طبيعة إصابة مصطفى شلبي ودونجا قبل مواجهة الأهلي في السوبر الأفريقي    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    ضحايا جدد.. النيابة تستمع لأقوال سيدتين يتهمن "التيجاني" بالتحرش بهن في "الزاوية"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحزب الوطني.. التأسيس الثالث
نشر في المصري اليوم يوم 25 - 12 - 2013

عزيزي الثائر.. هل صدمك تقرير هيئة مفوضي الدولة الصادر مؤخرًا الذي أوصى بعدم قبول دعوى تطالب بعزل ومنع رؤساء وأمناء وأعضاء أمانات الحزب الوطني المنحل ولجنة سياساته وممثليه في المجالس المحلية والبرلمان، من ممارسة الحياة السياسية لمدة 10 سنوات؟
هل شعرت أن المُقام في حقهم الدعوى، وعلى رأسهم مبارك ونجلاه علاء وجمال، عائدون إلى الحياة السياسية، وربما إلى السلطة قريبًا، بعد أن حصلوا على البراءة في القضايا التي كانوا يُحاكَمون فيها؟ هل أصابك التقرير بالإحباط وألقى في نفسك الإحساس بأن الثورة قد هُزمت، وأن دماء الشهداء ذهبت سدى، خاصة أن رفاقك الثوار يقبعون الآن خلف الأسوار التي غادرها مبارك ورجال الحزب الوطني؟
إذا كان هذا هو الشعور الذي سبّبه لك التقرير، اسمح لي أن أصدمك أكثر وأقول لك إنك مخطئ أو على الأقل تأخرت كثيرًا في إدراك تلك الحقيقة المُرّة، فالحزب الوطني كتجسيد تنظيمي لسلطة النظام الذي ثُرت عليه، تُجرى عملية إعادة تأسيسه منذ اليوم التالي مباشرة لتنحي سيئ الذكر مبارك، تلك العملية التي كان من ضمن إجراءاتها – ويا للعجب- حكم من المحكمة الإدارية العليا بحل الحزب في أبريل 2011 بعد توصية من نفس هيئة المفوضين في مارس من ذات العام بحل الحزب، لأنه «تبنّى سياسات أنتجت ديكتاتورية وهيمن على السلطة وزوّر الانتخابات وتحكّم في البرلمان، فأفسد الحياة السياسية وسخّر الأجهزة الأمنية لصالحه، والوطن اقتصاديًا واجتماعيًا، وتسبّب في زيادة الفقر والبطالة والاحتكار، وهو ما يستدعي حله»، وفي حكم تاريخي، حسب ما وصفته الصحافة في ذلك الوقت، أصدر القضاء الإداري حكمًا في نوفمبر 2011 بمنع أعضاء الحزب الوطني المنحل من الترشح لعضوية مجلسي الشعب والشورى.
أقول لك إنك مخطئ، لأن الأحزاب الحقيقية، وليست مجرد «يافطة» على مقر، لا تنشأ ولا تكتسب نفوذها وقوتها من مجرد الاعتراف القانوني بها، وإنما بالقوة التي تقف وراءها، والظروف السياسية التي تنشأ أو تنحلّ خلالها، فالأحزاب الشعبية مثلًا، تفرض وجودها على الأرض بقوة الجماهير الملتفة حولها، انظر مثلًا لجماعة الإخوان المسلمين، رغم أنها محظورة رسميًا منذ عام 1954 إلا أنها عمليًا في الواقع السياسي من أهم وأكبر الأحزاب، رغم أنها لم تستطع تأسيس حزب سياسي - الحرية والعدالة - «بشكل قانوني» إلا مع تغير الظرف السياسي بعد ثورة 25 يناير. ومع طرد «الإخوان» من الحكم وتوجيه السلطة الحالية ضربات موجعة للتنظيم إلا أنه مازال يعمل، لأن مصدر قوته، المتمثل في الجماهير الملتفة حوله، مازال حيًا.
رغم الضربات الموجعة التي تلقاها الحزب الوطني في أعقاب ثورة 25 يناير إلا أن القوة المؤسسة والراعية له «الدولة والنظام الحاكم»، لم تسقط، هي فقط أصيبت بالضعف والوهن نتيجة الموجة الثورية العاتية، لكنها ظلت في مكانها، تحاول تلافي آثار الضربة للتعافي، وقدمت في سبيل ذلك الكثير من التنازلات، من بينها هذا «الحكم التاريخي» الذي ضحّت فيه بتنظيمها «الحزبي»، وضحّت من قبله بزعيمها الرسمي «مبارك»، لكي تبقى مكانها في السلطة تتحيّن الفرصة السانحة لأخذ دورها في الهجوم، كما يبدو واضحًا الآن لكل ذي عينين.
إذا اتفقنا على أن السبب الأساسي في وجود «تنظيم» الحزب الوطني على قيد الحياة هو نظام مبارك، راجع معي عزيزي الثائر تاريخ الثورة في السنوات الثلاث الماضية، وقل لي متى غاب الحزب «المنحل» عن السلطة أو ما هي الأمارات السياسية وليست القضائية لاختفائه؟
بعد تنحّي مبارك، أصبح قادة القوات المسلحة، الذين اختارهم المخلوع، على رأس السلطة برئاسة المشير حسين طنطاوي، وزير دفاع المخلوع لمدة تزيد على العقدين من الزمان، وظلت المصيبة الكبرى المسماة وزارة الداخلية، ذراع نظام مبارك الأمنية، كما هي لم يمسسها أحد، بل كافأتها الحكومات المتتالية بعد الثورة ماديًا ومعنويًا ورمّمت آلة بطشها لتستأنف مهمتها في حماية النظام بسحق كرامة المصريين وإزهاق أرواح الثوار، مدعومة بدبابات وأسلحة الحكام الجدد، هل تذكر معارك «محمد محمود»، مذابح «ماسبيرو»، العباسية، بورسعيد، كشوف العذرية.. وغيرها، هل تذكر تكريم الرئيس السابق محمد مرسي ل«طنطاوي» وسامي عنان، هل رأيت مرسي يحاول فاشلًا خطب ود الشرطة باعتبارها «ساهمت في الثورة»، هل شاهدت الرئيس الإخواني يُعيّن «السيسي»، رئيس المخابرات الحربية وصاحب كشوف العذرية، وزيرًا للدفاع، هل رأيت هذا «السيسي» بعد أن انقلب على مرسي، يتحوّل إلى بطل قومي يرتدي ال«أوميجا» ويحمل سيفًا مكتوبًا عليه باللون الأحمر، هو غالبًا لون دماء الآلاف الذين ذُبحوا قربانًا لنبوءة توليه حكم مصر.
هل تريد عزيزي الثائر دلائل أخرى على عدم ابتعاد الحزب الوطني ورجاله عن السلطة، راجع عزيزي تكوين جميع الحكومات منذ الحكومة الأولى بعد التنحّي برئاسة عصام شرف، وزير النقل في حكومة أحمد نظيف، مرورًا ب«مستر إكس»، أقصد كمال الجنزوري، رئيس وزراء مبارك الأسبق، لتعلم أن بعض قيادات الصف الأول للحزب الوطني دخلوا السجن قبل أن يحصلوا على البراءة مؤخرًا، ليتولى الصف الثاني الوزارات المختلفة في الحكومات المتتالية، في نفس التوقيت ويا للعجب يظهر الراحل عمر سليمان، رئيس مخابرات مبارك، كمرشح محتمل للرئاسة، ويترشح بالفعل عمرو موسى، وزير خارجية مبارك، لينافس أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد المخلوع، الذي صعد يا للهول إلى جولة الإعادة، قبل أن يهرب خارج مصر بعد اتهامه في قضية فساد، حصل فيها مؤخرًا على البراءة مع رفيقي «فساده» جمال وعلاء مبارك، ليعلن عودته قريبًا، ربما لينافس من جديد في انتخابات الرئاسة صديقه اللدود، عمرو موسى، الذي انتهى قبل أيام من صياغة دستور جديد تم «تفصيله» بنجاح بعد عشاء هانئ أعده الجيش لأعضاء لجنة الخمسين، و«دوخيني يا لمونة».
أظنّ «كفاية دلائل»، وآن الأوان يا عزيزي الثائر أن تفيق من وهم أن الحزب الوطني قد أُزيح من السلطة بعد ثورة 25 يناير ب«حكم القضاء»، والحقيقة أننا نشهد الآن التأسيس الثالث للاتحاد الاشتراكي الذي أعلنه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر عام 1962 كتنظيم حزبي لسلطة «ثورة 1952»، التي كان يرى أنها الوحيدة من حقها أن تمتلك تنظيمًا حزبيًا، ثم اضطرّ الرئيس الراحل أنور السادات تحت وطأة «الهزيمة»، إلى إعادة تأسيسه عام 1978 باسم «الحزب الوطني» كمعبر عن سلطة «ثورة التصحيح»، إعمالًا لدولة «الديمقراطية» التي كان يراها ب«أنياب»، ونحن الآن في انتظار التأسيس الثالث للتنظيم الحزبي لسلطة «ثورة 3 يوليو» بقيادة الفريق أول «السيسي»، بعد أن نلقي بعدونا «الإخوان» في البحر، لتصبح مصر «قد الدنيا» ونحن نغنّي جميعًا «تسلم الأيادي».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.