كيف تعاملت الدولة مع جرائم سرقة خدمات الإنترنت.. القانون يجب    واحة الجارة.. حكاية أشخاص عادوا إلى الحياه بعد اعتمادهم على التعامل بالمقايضة    التموين: التنسيق مع "الكهرباء" لعودة البطاقات الموقوفة أول نوفمبر    المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب أهداف إسرائيلية في غور الأردن والجولان (فيديو)    خبير استراتيجي: مصر تتخذ إجراءاتها لتأمين حدودها بشكل كامل    جهاد جريشة يكشف مدى صحة هدف أوباما الملغى في مرمى الزمالك    فتحي سند يعلق على مباراة الأهلي وسيراميكا كليوباترا    للمرة الرابعة تواليا.. إنتر يواصل الفوز على روما ولاوتارو يدخل التاريخ    "بعد مشاركته أمام بيراميدز".. عبد الله السعيد يحقق رقماً تاريخياً في كأس السوبر المصري    معتز البطاوي: سيراميكا كليوباترا قدم أداء عاليا ولم نستحق الخسارة أمام الأهلي    الأرصاد تحذر من نوة تضرب الإسكندرية خلال ساعات    الكشف عن أسباب تصادم قطار بضائع بسيارة نقل بمزلقان ميناء دمياط (صور)    أبرزهم سلمى أبو ضيف ومسلسل الحشاشين، قائمة الفائزين بجوائز رمضان للإبداع 2024 (صور)    10 صور تكشف عن إطلالات سارة سلامة المثيرة للجدل| شاهد    كرمها رئيس الجمهورية.. قصة امرأة تزوجت من زوج أختها لتربية الأبناء    قصة تقطع القلب.. أم فتحية عاشت حياة صعبة لتربية ابنتها وهذه النتيجة    ب مشهد من "نيللي وشريهان".. دنيا سمير غانم تنشر فيديو طريف مع ابنتها كايلا    هل كثرة اللقم تدفع النقم؟.. واعظة الأوقاف توضح 9 حقائق    حبس المتهمين بإلقاء جثة طفل رضيع بجوار مدرسة في حلوان    البحوث الفلكية: عام 2024 شهد 3 مرات ظهور للقمر العملاق.. وقمر أكتوبر الأكبر والألمع    فلسطين.. الاحتلال يداهم بلدة إذنا وجبل الرحمة بمدينة الخليل    ملخص مباراة برشلونة ضد إشبيلية 5-1 في الدوري الإسباني    صراع متجدد بين جوميز وكولر.. «معركة جديد علي حلبة أبوظبي»    رياضة ½ الليل| كلاسيكو جديد.. مشادة الإمارات.. صلاح يعشق الأرقام.. زيزو مع البنت.. وأسرع هدف سوبر    تحذيرات من جيش الاحتلال باستهداف بعض المناطق بلبنان    مستشار مركز الدراسات الاستراتيجية: مصر ستظل الداعم الأكبر للقضية الفلسطينية    عضو بمفاوضات الجات: مصر تسعى للاستفادة من إصلاحات منظمة التجارة العالمية والبريكس    سكب على جسده بنزين.. تحقيقات موسعة حول مصرع شاب حرقا بأطفيح    مستعمرون يحرقون غرفة سكنية في مسافر يطا جنوب الخليل    ملخص مباراة روما ضد إنتر ميلان في الدوري الإيطالي.. فيديو    رسميا بعد الانخفاض.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 21 أكتوبر 2024    نجم الأهلي السابق: تغييرات كولر صنعت خلل كبير أمام سيراميكا.. وحكم الزمالك وبيراميدز «مهزوز»    ضبط المتهم بقتل شخص فى عين شمس.. اعرف التفاصيل    النيابة تصرح بدفن جثة طفل سقط من الطابق الثالث بعقار في منشأة القناطر    إصابة 5 أشخاص إثر انقلاب سيارة ملاكى بمحور الضبعة الصحراوى    قوى النواب تنتهي من مناقشة مواد الإصدار و"التعريفات" بمشروع قانون العمل    سعر الذهب اليوم الإثنين بعد آخر ارتفاع.. مفاجآت عيار 21 الآن «بيع وشراء» في الصاغة    عمرو أديب بعد حديث الرئيس عن برنامج الإصلاح مع صندوق النقد: «لم نسمع كلاما بهذه القوة من قبل»    وفود السائحين تستقل القطارات من محطة صعيد مصر.. الانبهار سيد الموقف    حظك اليوم برج الدلو الاثنين 21 أكتوبر 2024.. استمتع بخدمة الآخرين    عمر خيرت يمتع جمهور مهرجان الموسيقى العربية فى حفل كامل العدد    نائب محافظ قنا يشهد احتفالية مبادرة "شباب يُدير شباب" بمركز إبداع مصر الرقمية    جاهزون للدفاع عن البلد.. قائد الوحدات الخاصة البحرية يكشف عن أسبوع الجحيم|شاهد    ترحيب برلماني بمنح حوافز غير مسبوقة للصناعات.. نواب: تستهدف تقليل الضغط على العملة الصعبة    استشاري الاستثمار: لا بديل لدينا سوى توطين الصناعة المصرية    «شوفلك واحدة غيرها».. أمين الفتوى ينصح شابا يشكو من معاملة خطيبته لوالدته    هبة قطب تطالب بنشر الثقافة الجنسية من الحضانة لهذا السبب    مدير مستشفى عين شمس: القضاء على الملاريا في مصر إنجاز عظيم    الانشغال بالعبادة والسعي للزيادة.. أمين الفتوى يوضح أهم علامات قبول الطاعة    للوقاية من أمراض القلب وتصلب الشرايين.. 6 نصائح عليك اتباعها    مجلس جامعة الفيوم يوافق على 60 رسالة ماجستير ودكتوراه بالدراسات العليا    فريق القسطرة القلبية بمستشفى الزقازيق ينجح في إنقاذ حياة 3 مرضى بعد توقف عضلة القلب    أستاذ تفسير: الفقراء يمرون سريعا من الحساب قبل الأغنياء    تمارين صباحية لتعزيز النشاط والطاقة.. ابدأ يومك صح    جامعة الزقازيق تعقد ورشة عمل حول كيفية التقدم لبرنامج «رواد وعلماء مصر»    ماذا يحدث فى الكنيسة القبطية؟    هل يجوز ذكر اسم الشخص في الدعاء أثناء الصلاة؟.. دار الإفتاء تجيب    5548 فرصة عمل في 11 محافظة برواتب مجزية - التخصصات وطريقة التقديم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورة اللوتس مُستمرة: رغم أن الرئيس ونائبه بآلاء شعبهما يُكذّبان
نشر في المصري اليوم يوم 12 - 02 - 2011

استمعنا إلى الرئيس حسنى مُبارك ونائبه اللواء عُمر سليمان، بعد بدء المُظاهرات العارمة، التى اجتاحت القاهرة، والإسكندرية، وبقية مُدن مصر، من أسوان إلى الإسكندرية بخمسة أيام كاملة. وليتهما ظلا صامتين ولم يتحدثا... فقد كان صمتهما يحتمل أنهما مشغولان بالتأمل فى ثورة الجماهير، وبالبحث عن حلول عقلانية للتعامل مع الثورة التى بدأت يوم الثلاثاء 25 يناير 2011.
ولكن النكبة الكُبرى أن الرئيس ونائبه أعطيا الانطباع بأنهما لم يُبصرا ولم يسمعا غضب شعبهما.. أو الأسوأ أن يكونا قد أبصرا ما حدث فى ذلك اليوم، وفى الأيام التالية، ولكنهما ظّلا يُنكران أن مصر تشهد ثورة شعبية غير مسبوقة فى تاريخها الحديث، بما فى ذلك ما كان قد حدث بعد الحرب العالمية الأولى (1914-1918) والتى عرفت بثورة 1919.
ربما لم يُدرك الرئيس ونائبه ما يحدث فى الشارع المصري، لأنهما لم يُشاركا أبداً، طوال حياتهما، فى أى عمل ثورى، سياسياً أو اجتماعياً. ففيما قرأناه عنهما (مُبارك وسليمان) أنهما عاشا طوال حياتهما المهنية موظفين حكوميين، وفى أكثر مؤسسات الدولة انضباطاً وهما بطبيعتهما شخصان منعزلان عن بقية المجتمع ثم إن كلا الرجلين بلغ من العُمر أرذله (83 و76 سنة على التوالى). أى أن الفارق العُمرى بينهما وبين المُتظاهرين فى ميدان التحرير هو حوالى خمسين عاماً، أى يفصل بينهما جيلان (الجيل 25 سنة). فهناك بالقطع فجوة جيلية طويلة وعميقة.
وربما كان سيُخفف من وطأة هذه الفجوة الجيلية لو كان الرجلان لديهما أولاد فى العشرينيات من العُمر. ولكن واقع الحال هو أن أولاد الأول، وبنات الثاني، هم فى الأربعينيات من العُمر أى يكبرون المُتظاهرين بعشرين سنة على الأقل. وهو ما يُمثل بدوره فجوة جيلية، فإذا أضفنا إلى ذلك غطرسة الكبار من المسؤولين نحو الشباب، وهو الأمر الذى يعوق التواصل والتفاهم، ناهيكم عن التعاطف والاستجابة للمطالب.
إن جيل هؤلاء، قد تصلبت معظم الشرايين التى تضخ الدماء والأكسجين إلى أدمغتهم. وإلا بماذا تفسر كيف يظل مُبارك ونائبه يُرددان نفس الأسطوانة المشروخة، التى تُرجع كل مشاكل الداخل المصرى إلى مؤامرات أو عُملاء من الخارج. ولم يُفكر الرجلان، كيف سيبدو ذلك سخيفاً وساذجاً! إذ كيف للخارج أن يُجنّد مليونى شاب مصرى للتظاهر ضد الرئيس مُبارك، وليس فى مدينة واحدة أو مدينتين، ولكن فى كل المدن المصرية؟
ولم يتوقف الرجلان للتفكير والتساؤل: كيف يخرج مليونا شاب مصرى للتظاهر السلمي، رغم أن لديهما مليوناً ونصف المليون من قوات الأمن المركزى والشرطة والمُسلحين بكل أنواع أسلحة التخويف والترويع والفتك؟
كذلك لم يتوقف الرجلان فى مصر المحروسة، للتدبر وإعادة التفكير والحساب، بعد أن تجاوز عدد ضحاياهم ثلاثمائة قتيل، وآلاف الجرحى، ومع ذلك يظل المتظاهرون فى مواقعهم صامدين، بل وتزداد أعدادهم، فى مدينة مصرية بعد أخرى؟
إن ثالثة الأسافى، هو أن يُصرّح عُمر سليمان نائب الرئيس، لوسائل الإعلام الخارجية ب«أن المصريين ليسوا جاهزين للديمقراطية».
إن هذا التصريح هو قمة مأساة النظام الذى يرأسه حسنى مُبارك، ونائبه عُمر سليمان، فلو كان ذلك صحيحاً، لكانا هما المسؤولين الرئيسيين. فإذا كانا، وهما فى السُلطة، لم ينجحا فى تأهيل شعبهما خلال ثلاثين عاماً، أليس من المنطقى أن يتخلياً عن السُلطة لغيرهما، ممن يستطيعون أن يقوموا بتأهيل شعبهم المصرى للديمقراطية؟ أم أنهما سعيدان بإبقاء الشعب بلا تأهيل للديمقراطية، حتى يستمرا فى استخدام هذه الوصمة كشمّاعة، لإنكار حق المصريين فى الحُرية والديمقراطية؟
طبعاً، لو كان السيد النائب عُمر سليمان قد قرأ شيئاً من تاريخ وطنه المصري، لكان قد أدرك أن المصريين مارسوا الديمقراطية، منذ عام 1866، مع انتخاب أول مجلس لشورى النواب فى عهد الخديو إسماعيل. أى أن أول برلمان فى مصر الحديثة، ظهر إلى الوجود قبل أن تولد «إيطاليا» و«ألمانيا» اللتان لم تتوحدا، إلا عام 1870. ربما لم تكن تلك المُمارسة الديمقراطية المُبكرة مُكتملة أو ناضجة تماماً، ولكن مصر سبقت معظم بُلدان العالم فى مسيرتها الديمقراطية.
فلو كان رئيس جهاز المُخابرات السابق، قد خصّص ولو ساعة واحدة كل يوم، أو حتى كل أسبوع، لقراءة التاريخ المصرى الحديث، لما ارتكب الرجل هذا الخطأ الفادح، فى حق شعبه وفى حق التاريخ. هذا فضلاً عن أنه لو قارن شعبه المصرى بشعوب أفريقية شقيقة مثل (تنزانيا، وكينيا، وجنوب أفريقيا)، أو بشعوب أسيوية مثل (الهند، وكوريا، وسيرالانكا)، أو بشعوب إسلامية مثل (إندونيسيا، وماليزيا، وتركيا)، أو بشعوب عربية مثل (لبنان، والكويت، والمغرب، وموريتانيا)، لو فعل الرجل ذلك، لما سقط هذه السقطة الرهيبة.
فإذا كان لى أن أسدى نصيحة للسيد عُمر سليمان فهى أن يستجمع كل شجاعته، ويتوجّه إلى ميدان التحرير، حتى يكتشف أن جيلاً جديداً من أبناء وبنات وأطفال مصر، قد أسّسوا بالفعل «ديمقراطية» حقيقية. فهم يُديرون حياتهم اليومية للأسبوع الثالث إدارة ذاتية. فلديهم نظام للإعاشة، وتوفير المرافق والخدمات، لآلاف المتظاهرين فى ميدان التحرير. بما فى ذلك جمع القمامة، وحفظ النظام. وإذا كان هناك من عُنف على الإطلاق، خلال تلك الأسابيع الثلاثة، فقد كان بسبب القوات الأمنية لنظام الرئيس مُبارك.
لقد أفرزت «ثورة اللوتس» المصرية، عبقريات شعبية وتنظيمية عديدة. كما فعلت نفس الشىء فى توليد جيل جديد من القادة الشباب، الذين يُنكرون ذواتهم، ولا يدّعون أى بطولات، رغم أنهم فعلاً أبطال وبطلات بكل المقاييس.
فتحية لهم جميعاً، ولثورة اللوتس المصرية..
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.