استخدمت الشرطة التونسية الغاز المسيل للدموع الإثنين في محاولة لتفريق محتجين تجمعوا عند مكتب رئيس الوزراء محمد الغنوشي ضمن حملة للإطاحة بالحكومة التي تضم شخصيات على صلة بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. ورأى شهود من «رويترز» المحتجين ومعظمهم من المناطق الريفية المهمشة الذين جاءوا إلى العاصمة الأحد وهم يتدفقون على المنطقة قرب مكتب رئيس الوزراء وهشموا عددا من نوافذ مبنى وزارة المالية. وأعلنت وكالة الأنباء التونسية أن السلطات وضعت عبد الوهاب عبد الله (70 عاما)، المستشار السياسي للرئيس التونسي المخلوع المسؤول الأول عن قطاع الإعلام والصحافة في عهد بن علي «تحت الإقامة الجبرية». كانت الوكالة أعلنت الأحد أن السلطات بصدد «التفتيش» عن عبد الله الذي رجح صحفيون أن يكون هرب من البلاد خوفا من ملاحقته قضائيا. ويطالب صحفيون وإعلاميون تونسيون بمحاكمة «علنية» لعبد الله الذي يصفونه بأنه «مركع الإعلام والصحافة» في عهد بن علي الذي هرب ( يوم 14 يناير) من تونس إلى السعودية فارا من ثورة شعبية عارمة باتت تعرف باسم «ثورة الياسمين». كما يطالبون بتطهير المؤسسات الصحفية والإعلامية التونسية خاصة التابعة للدولة من القيادات الصحفية والمسؤولين الذين زرعهم فيها عبد الوهاب عبد الله. ويعتبر عبد الله من أقرب المقربين من الرئيس المخلوع ومهندس المشهد الإعلامي في تونس طيلة 23 عاما من حكم بن علي الذي وصل إلى السلطة في عام 1987. وكان الحبيب بورقيبة (أول رئيس لتونس) قد عين عبد الوهاب عبد الله وزيرا للإعلام في سبتمبر 1987 إلا أن الأخير ساعد من موقعه كمسؤول أول عن الإعلام في إنجاح حركة 7 نوفمبر 1987 التي أوصلت بن علي إلى الحكم. وأعلن حزب التجمع الدستوري الديمقراطي (الحاكم في عهد بن علي) يوم الثلاثاء الماضي طرد عبد الوهاب عبد الله من عضوية الديوان السياسي للحزب «تبعا لتحريات تمت على مستوى الحزب اثر الأحداث الخطيرة (الثورة) التي مرت بها البلاد» دون أن يعطي مزيدا من التفاصيل. وتقول «منظمة مراسلون بلا حدود» الفرنسية التي تعنى بالدفاع عن حرية الصحافة والتعبير إن الرئيس التونسي المخلوع كان طوال 23 عاما من حكمه من أبرز «أعداء» و«صيادي» حرية الصحافة والصحفيين في العالم. وأعلن بن علي في خطاب توجه به إلى الشعب التونسي في الثالث عشر من الشهر الجاري أي عشية الإطاحة به، أن كبار معاونيه (ومن بينهم عبد الله) غالطوه. وذكر في الخطاب الذي بثه التلفزيون التونسي: «العديد من الأمور لم تجر كما أحببت أن تكون وخصوصا في مجالي الديمقراطية والحريات وغالطوني (معاونوه) أحيانا بحجب الحقائق وسيحاسبون». وأضاف بن علي الذي واجه طوال فترة حكمه انتقادات دولية ضارية بقمع حرية الصحافة والصحفيين والإبحار على الإنترنت: «قررت الحرية الكاملة للإعلام بكل وسائله وعدم غلق مواقع الإنترنت ورفض أي شكل من أشكال الرقابة عليها مع الحرص على احترام أخلاقياتنا ومبادئ المهنة الإعلامية».