المقدمة و الفصل الأول في الوصلة التالية http://www.almasryalyoum.com/ar/node/267393 الفصل الثاني نويت الشحاتة في الرابط التالي http://www.almasryalyoum.com/ar/node/279697 أتممت دراستي الجامعية في بدايات التسعينات , بعدها إلتحقت بالعمل مباشرة , لم يكن يحكمني خلال سنوات الدراسة الطويلة من الحضانة حتى البكالريوس إلا قانون واحد و هو (إن تذاكر تنجح) , أما و بعد أن تعلق الأمر بأكل العيش فثمة قوانين كثيرة هي التي تحكم , قوانين مفرداتها الواسطة و المحسوبية و الكوسة و الحقد و الغل و الأنتهازية و الوصولية الغش و التدليس عملت في القطاع الخاص في أكثر من مجال و أكثر من مكان حتى سنة 1996 جمعت خلالها العديد من الخبرات و القليل من المال الذى كان يادوب بيغطي مصاريفي سنة 96 بدأت مشروع خاص بي و نجحت أن أحقق حوالي 35 الف أرباحاً حتى سنة 2000 عندها أنهيت مشروعي الخاص على غير رغبتي و كان هذا المبلغ دعماً كبيراً في زواجي , تزوجت و التحقت بعملاً حكومياً بمرتب جيد , لم يكن مكتوباً لي أن أتم عامي الأول في الوظيفة الميري , حيث تركت العمل بكامل إرادتي دون إقالة أو إستقالة تركته في جو من اللوم من كل من يعرفني رجعت مرة أخرى للعمل في القطاع الخاص حتى بدايات سنة 2005 كانت هذه الفترة أكثر قسوة علي من فترة التسعينات رغم أنها تشبهها في الخبرات الكثيرة و الأموال القليلة . صليّت فجر أحد أيام النصف الثاني من شهر شعبان 2005 وتوجهت الى محطة قطار المنصورة لأستقل قطار القاهرة الذي وصل الى محطة باب الحديد برمسيس في حدود الساعة التاسعة تقريباً, محطة القطار شكلها كان غريبا هذا اليوم و حتى كوبري 6 أكتوبر كان عبوسا قمطريراً , مأذنة جامع الفتح تنظر الى و كأنها تقول لي “إحنا ناقصينك ؟” و أمام مسجد الفتح كان الهتاف : الحي السابع الحي السابع الحي السابع يا أستاذ ؟ , فركبت دون أن أرد عليه , ركبت الميني باص الكبير اللي فيه طرقة في النص , جلست في منتصف السيارة , و بعد فترة , سمعت ولد صغير بيقول لزميله الراجل ده بيكلم نفسه و بيضحك بدون ما يكلمة حد , باين عليه أهبل , إنتبهت و قولت لنفسي إبسط يا عم أدي لقب تاني أضيف للسي في بتاعتك , دلوقتي بقيت شحات و أهبل كمان نزلت في أحد محطات مدينة نصر و دخلت أحد الشوارع السكنية مبتعداً عن الشارع العمومي و في عمق المنطقة السكنية بدأت سنة أولى شحاتة مازلت أتذكر شكل أول شخص سألته المساعدة كان شاباً وسيماً يميل الى الطول كان ينزل من سيارته و يقفل الباب في عجل و يحمل في يده شنطة إقتربت منه و قلت له “ لو سمحت أنا محتاج مساعدة “ قاللي الحقيقة أنا مش من المنطقة ممكن حضرتك تسأل المحل اللي هناك ده على العنوان اللي أنت عايزه , “إما أن سمعه تقيل و ده عادي أو أن صوتك واطي يا سي مؤمن و ده هو اللي مش عادي , الشحات الناجح لازم يكون صوته واضح و مخارج الألفاظ عنده واضحة “ أقول لنفسي معنفاً إيّاها ثاني شخص كان يهم لركوب سيارته قولتله بصوت واضح أنا محتاج مساعدة و أعطاني جنيهاً فرحت جداً بالجنيه و حسيت إني عملت إنجاز كبير لدرجة أن أنا كنت عاوز أروّح لأني حققت اللي أنا عاوزه و شحت ما زلت محتفظاً بهذا الجنيه حتى الأن تحت زجاج الكمودينو بتاعي أكملتُ يوما شاقاً و صعباً و مهيناً و لم أجمع سوى 26 جنيها و خمس و ثمانون قرشا منهم من أعطاني عشرة قروش و منهم من يعطيني ربع جنيه و منهم من يعطيني جنيهاً و الكثير كان لا يعطيني أي شيء كان ينتابني إحساس بالخوف و الرعب يصاحبه رعشة في إحدى قدماي في بداية عمل كل يوم و بدأ هذا الأحساس و أعراضه يتلاشوا تدريجياً بعد ثلاثة أيام كعادتي في بداية عملي في أي مجال بيكون معدل صعودي و تطوري أعلى من المتوقع طورت نفسي و علمت نفسي خلال عشرة أيام عمل فقط مهارات أعتقد أنها تغيب على الكثير من الشحاتين التقليديين ,على سبيل المثال لا الحصر الكلام اللي بتطلب بيه المساعده بيفرق جداً و أفضل الكلمات اللي عملت معايا مفعول جامد هي “ لو سمحت أنا ظروفي وحشة و محتاج مساعده أيضاً الا أقاطع شخصين يتحدثون حديث جاد و لو أن العديد من الشحاتين يفعلونها لإحراج أحد الشخصين ليظهر كرمه أمام الأخر , لكن أنا مكنتش بحب أعمل كده , حاجة كمان , حالة الجو بتأثر جداً في مزاج الناس ففي الأيام شديدة الحرارة بيكون المعدل ضعيف و خصوصاً في وسط النهار , لم يحدث ووقفت مرة واحدة أمام مسجد أيضا على عكس ما يتخيله الناس , فإن اللبس النظيف المهندم يتناسب طردياً مع قيمة المبلغ , فالشخص المبهدل المعفن و كأنه يقيم نفسه بربع جنيها , و الشخص النظيف الشيك فشريحته تبدأ من جنيه عجبت جداً لتباين الناس الشديد , فمنهم من يعطي الصدقة بيمينة و يخشى فعلا أن تراه شمالة و منهم يتمنى لو أن أحد القنوات الفضائية واسعة الأنتشار تأتي و تصوره و هو يعطي الصدقة لم أتوقف عن العطاء لأي شخص يسألني الصدقة اثناء سفري اليومي ذهاباً و إياباً أو حتى أثناء مواعيد العمل بل زاد حبي للفقراء و المساكين و الضعفاء بعد أن دخلت المهنة إزداد معدل ما أجمعه يومياً حتى وصل في أخر يوم عمل في شعبان الى 80 جنيهاً في اليوم بدأت عمل أول أيام رمضان و كانت المفاجأة التي قلبت جميع الموازين هذا ما سأوضحه في الفصل القادم , فعلى ميعاد قريب و فصل جديد