أشعر بمرارة و أنا أكتب هذا المقال لأنه يمس أحد أهم أسس التقدم و الحضارة و للأسف هو في نفس الوقت من أخطر الأمراض التي أصابت مصرنا و أهلها في مقتل؛ إنها الأخلاق منذ طفولتي و أنا متلهف لأن نكون في مصاف الأمم الراقية؛ هؤلاء الناس الذين كنا ننظر إليهم من خلفهم من بعيد و الآن صرنا ننظر إليهم من مكان أبعد و لهذا لطالما جلست مع نفسي أرسم و أخطط أين السبيل للنهوض بهذا البلد؛ ما هو السر؟ أين ذلك الشيئ الذي نفتقده و هم يملكونه؟ لكي أكون صادقا مع نفسي و مع من يقرأ هذه الكلمات، هناك الكثير و الكثير من الفروق؛ ولكني كتبت هذا المقال لأتحدث (أفضفض) عن أهمهم في نظري. الأخلاق؛ تلك الصفة التي لم يخل منها كتاب دراسي منذ بدأنا التعليم (لن أتحدث عن التعليم الآن، هذا ليس موضوعنا) و لكم سمعنا من أحاديث شريفة تحث الناس على هذا الخلق و ببحث سريع على محرك جوجل سنجد كما هائلا من الأحاديث التي تخص موضوعنا أنقل منها هذا الحديث الشريف قال (صلى الله عليه وآله): ألا أخبركم بأشبهكم بي؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: أحسنكم خلقاً، وألينكم كنفاً، وأبركم بقرابته، وأشدكم حُباً لإخوانه في دينه، وأصبركم على الحق، وأكظمكم للغيظ، وأحسنكم عفواً، وأشدكم من نفسه إنصافاً في الرضا والغضب أجد اليوم في الشارع المصري كل ماهو عكس ذلك الحديث الشريف، من منا اليوم يأمن النزول إلى أي مكان عام من دون أن تتلوث أذنيه و أذن من معه بأقذع الألفاظ و السباب؛ أين صلة الأرحام و نحن نسمع كل يوم عن جريمة قتل بشعة بين الإخوة و الآباء و الأمهات لأسباب أقل ما توصف به بأنها تافهة؛ أين كظم الغيظ و لنا في قيادة السيارات أبلغ و أروع الأمثلة فيما وصلنا إليه؛ أين و أين و أين يؤسفني أن أقول بكل أسى و يقين أننا أصبحنا شعبا قليل الأدب و بمزيد من الأسى أقول أن هذه الصفات لم تعد مرتبطة بفئة معينة من المجتمع كالحرفيين مثلا أو مرحلة عمرية محددة بل صار المجتمع كله كبيره و صغيره مشاركا في هذا المهرجان الأسود. فلننظر إلى أي مشاجرة في الشارع و لنتسمع لكم البذاءات التي تطول أطراف المشاجرة و أبائهم و أجدادهم بل و تطول الدين أيضا أكتب هذا المقال لأعرض مشكلة لا لأطرح حلا، و قد لا يكفي ألف مقال لعرض كافة جوانب هذه الآفة و لكنها مجرد بداية؛ لا يوجد لدي سوى حل واحد، إنه الإلتزام بتعاليم ديننا السمحة، و ليست الصعوبة في الوصول إلى الحل و لكن الصعوبة في تطبيقه في ظل كل السفالات التي نراها على الفضائيات من رجال و نساء من المفترض أن يكونوا قدوه و في ظل النفوس التي تشبعت بثقافة أنه لا سبيل أن يحصل المرء على حقه بدون أن يقل أدبه أتمنى أن تجد هذه الكلمات طريقها إلى أولي أمرنا و أن ينتبهوا إلى ما وصلنا إليه و إلى ما سيحدث إذا إستمررنا على هذا الحال. أتمنى أن تشب ابنتي وسط ناس أفضل من ناسي و إلا فلتشب في بلد أفضل من بلدي