تابعت جميع الشعوب العربية، مساء يوم الخميس 2 ديسمبر الماضى، عبر الفضائيات وقائع حفل اختيار البلدين المنظمين لدورتى كأس العالم 2018 و 2022، ليس لأهمية الحدث الكروى العالمى فى حد ذاته ولكن لكونه يوم اختبار للمكانة العربية على الساحة العالمية من خلال ترشح الشقيقة الصغرى دولة قطر لتنظيم فعاليات كأس العالم 2022، يأتى هذا الترشح فى ظل واقع عربى غير مشجع بعد عدة انتكاسات سياسية فى القدس وغزة والعراق والسودان... لقد كان بحث العرب فى ذلك اليوم عن نصر معنوى يزيل مرارة الممارسات الإسرائيلية فى القدس وغزة والعنجهية الأمريكية فى العراق والمساومة الدولية فى السودان.... وقد فعلتها قطر. وها هى كرة القدم تجمع الإخوة مرة أخرى بعد أن كانت سببا فى فرقتهم، فتلك اللعبة التى أزّمت الموقف بين الشعبين المصرى والجزائرى وأدت وقتها لمواجهة إعلامية حادة بينهما، تعود اليوم لتجمع الشعوب العربية على قلب رجل واحد لمساندة قطر فى مواجهتها العالمية مع دول عظمى منها الولاياتالمتحدةالأمريكية تتنافس وتبذل كل غال ونفيس لنيل شرف تنظيم هذا الحدث العالمى، والذى يتعدى قدره اعتراف العالم بمكانة الدولة المختارة، ليدخلها مرحلة الإعداد لمشروع اقتصادى عالمى هائل يدر عليها مليارات الدولارات ويجعلها قبلة الاستثمارات الدولية على مدى الاثنى عشر عاماً المقبلة. نعود لملابسات الترشح ورحلة النجاح، من يتابع الموقف السياسى المصرى القطرى خلال السنوات القليلة الماضية، وبالتحديد منذ انفصال حركة حماس بغزة عن السلطة الشرعية بالضفة وتباين موقف البلدين من طرفى النزاع الفلسطينى، يدرك أن هناك أمراً ما كان يكدر العلاقة بين الشقيقة الكبرى مصر ودولة قطر، غير أن هذا لم يمنع مصر، وبتعليمات رئاسية عليا، من دعم الملف القطرى بكل قوة خلال تلك السنوات، باعتبار أن الخلاف بين الإخوة وارد لكن عند تسجيل المواقف يجب أن يجدنا العالم كله يداً واحدة وقد حدث. ومن ثم، فقد بذل السيد هانى أبوريدة، ممثل مصر بالاتحاد الدولى لكرة القدم، جهوداً مضنية ومكثفة لدعم الموقف القطرى وحشد الأصوات الأفريقية فى المجمع الانتخابى لصالح قطر وضد من، ضد السلطة المهيمنة على العالم أجمع وهى الولاياتالمتحدةالأمريكية!!! وكانت بوادر الانفراجة فى العلاقات المصرية القطرية قد بدأت مؤشراتها بالظهور المميز للسيد الدكتور الوزير مفيد شهاب على شاشات قناة الجزيرة الفضائية والتى توجت بزيارة لم الشمل التى قام بها الرئيس مبارك لدولة قطر مؤخراً حيث أعلن سيادته عن تأييد مصر الرسمى والشعبى التام هذا الترشح الذى يشرف العرب جميعا وهى المبادرة التى رد عليها الشيخ حمد بن خليفة بلفتة إنسانية كريمة تمثلت فى زيارته الخاطفة لمصر لتقديم واجب العزاء فى مدرسه المصرى الذى يدين له بفضل تلقى العلم على يديه وهكذا تأتلف الأفئدة العربية وتذوب الخلافات عند المواجهات إعمالا بروح أكتوبر العظيم الذى جمع شمل العرب جميعا وقاد لتحقيق نصر مؤزر ظل حديث العالم حتى يومنا هذا. وكانت قطر حاضرة عند الموعد بحضور مؤثر للشيخ حمد بن خليفة وقرينته الشيخة موزة والشاب العربى المتمكن الشيخ محمد بن حمد، مهندس الملف، الذى قدم واجهة مشرفة للشاب العربى غيرت كثيرا من نظرة العالم للشباب العربى عامة والخليجى بشكل خاص. أعزائى القراء... نحن وإن كان علينا مشاركة دولة قطر فرحة النصر العربى فإنه لزاما علينا أن نتدارس التجربة برمتها للوقوف على أسباب فشل مصر فى الوصول لنفس الهدف فى 2010 وإن كنت أعرف أن دولة قطر قد تعاملت مع ملف ترشحها على أنه مشروع المستقبل المصيرى والأهم بالنسبة لها، حيث سخّرت له جميع إمكانياتها الضخمة لتقديم ملف ترشح ملىء بالإبهار، وهو الأمر الذى لا يتوافر لمصر بحكم الفارق الكبير بين مسؤوليات البلدين فى ضوء الالتزامات والأعباء الداخلية والخارجية الهائلة التى تكبل مصر قياساً بدولة قطر محدودة السكان والالتزامات، وفيرة الموارد... كل التهنئة لدولة قطر ولكل العالم العربى ولعلها تكون بداية التحول العربى نحو الانتصارات. عضو أمانة العلاقات الخارجية بالحزب الوطنى الديمقراطى أمين عام جمعية «محبى مصر السلام» [email protected]
