■لا تتعجل فى إيجاد علاقة من أى نوع، لتفسير عنوان المقال.. ولا تتعجل فى الربط بين مقعد «الشاذلى»، رحمه الله، ومقاعد الفلاحين.. فأنت تعرف أن المرحوم كمال الشاذلى كان نائبا على مقعد الفئات، وبالتالى لا معنى لأى ربط متسرع.. لكن وفاة الرجل فجرت أشياء كثيرة منها نسبة العمال والفلاحين، حين أراد الحزب أن يتدارك خسارته بخوض المعركة على مقعدى العمال بالباجور، فالدستور لا يمنع أن يفوز مرشحان من العمال فى دائرة واحدة. ■ ومقاعد الفلاحين والعمال بكل أسف هى المقاعد التى يتم اللعب بها والعبث فيها منذ كانت هذه النسبة الشاذة حتى الآن، وأظن أن مصر هى البلد الوحيد فى العالم الذى تطرح أرضه فلاحين بدرجة لواءات، وأظن أن مصر هى الدولة الوحيدة فى العالم التى أصبح الفلاحون فيها لواءات ورؤساء مجالس إدارات، وأصحاب شركات، ومهندسين وطيارين.. وبالتالى فإن نسبة ال 50٪ عمال وفلاحين، هى نسبة تم تفصيلها للعب فيها، وتكريم النواب الذين يحملون هذه الصفة، عن طريق إيجاد مخرج لهم، حتى يتم تقسيم التركة بين المرشحين، على أساس الفئات والفلاحين، دون أن يحدث أى صدام! ■ وللأسف فإن الفلاحين الحقيقيين لم يستفيدوا شيئاً بالمرة من هذ النسبة الظالمة.. وراحت نسبتهم الدستورية لغيرهم، كما راحت الأرض أيضا.. وأصبح الذين يملكون الأرض هم قوم آخرون، لا علاقة لهم بشىء.. لا بالفلاحة ولا بالزراعة.. والفارق كبير بين الفلاحين الذين تم إقرار هذه النسبة من أجلهم وقت قيام ثورة يوليو، أو الانقلاب الشهير، والفلاحين فى البرلمان، ربما لا أكون فى حاجة إلى شرح، ولا إلى توضيح حتى نعرف خطورة ما حدث من انقلاب على فكرة الثورة. ■ الآن.. لا قيمة لنسبة ال 50٪.. فهى لا تذهب إلى مستحقيها.. كما أن أشياء كثيرة لا تصل إلى مستحقيها الآن مثل الدعم.. وفى مصر عجائب كثيرة.. منها الدعم، ونسبة ال 50٪ عمال وفلاحين.. ونسبة ال 5٪ معوقين.. لكن لا الدعم يصل إلى مستحقيه ولا الفلاحون يحصلون على نسبتهم فى البرلمان.. ولا المعوقون يستفيدون من النسبة المقررة لهم فى الوظائف.. فلماذا هى موجودة؟ أعتقد أن القانون أجاب عن كل التفاصيل، ولكنه يظل يحلق فى السماء، دون أن يكون له ظل على الأرض.. ثم يستفيد بنسبة الفلاحين لواءات وطيارون، ويستفيد بنسبة المعوقين أصحاء تماما.. والجميع لصوص مثل لصوص الدعم. ■ الطريف أن الفلاحين حين يذهبون إلى لجان الاقتراع، يختارون فلاحين آخرين لا يمتون إلى الفلاحة بشىء.. ويختارون عمالا لا علاقة لهم بهذه الصفة.. وهم مهندسون ورؤساء مجالس إدارات.. أما العامل الذى يرتدى البدلة والأفرول فى المصانع، فلا يمكن أن يترشح أصلا.. لأنه لا يستطيع أن يدفع مصاريف الدعاية التى أصبحت بالملايين.. لا هو يستطيع ولا الفلاح.. فلماذا كانت النسبة الشاذة حتى الآن؟ لأنها من مكاسب العمال.. ولأن أحدا لا يريد أن يتقدم بمشروع قانون لإلغائها بدعوى استقرار الدستور. ■ وقد تلقيت فى هذا السياق خطاباً من الصديق محمد برغش، الذى يحب أن يلقب نفسه ب«الفلاح»، والخطاب تفوح منه المرارة الشديدة، وقد تطرق إلى مناطق عديدة ليس هذا مكانها.. لكنه تساءل: كيف أنتخب وأنا أشكو وأنتحب؟ ويقول: إنهم ينكرون وجودى، ويلهون بعذابى، ويحرمون أولادى من كل شىء يضمن لهم الحياة الكريمة مثل أقرانهم.. ثم يضع يده على نقاط مهمة، حين يرى أن الفلاحين الذين يحملون هذه الصفة فى البرلمان لا يمثلون الفلاحين، ولا هم يدافعون عنهم، ولا هم يرعون مصالحهم.. ثم يختتم بسؤال: ما المانع من تكوين نقابة للفلاحين، تراعى مصالحهم وتدافع عنهم؟ هل هناك خطر على الدولة من نقابة للفلاحين؟! ■ لا الفلاحون يجدون من يدافع عنهم عبر نقابة.. ولا يجدون من يدافع عنهم عبر البرلمان.. ولا هم يتمتعون بحقهم الدستورى فى الترشح.. ولا هم يملكون أن يتحملوا مصاريف الدعاية ولا الذين يترشحون نيابة عنهم يمثلونهم فى شىء.. ولا الفلاحون فى المجلس فلاحون.. وإنما لواءات وطيارون ومهندسون.. وحين وقعت «فردة الفئات» التى يمثلها الشاذلى فى الباجور استبدلها الحزب الوطنى بفردة فلاحين.. لأن الدستور لا يمنع من فوز «فردتى» فلاحين.. فى إطار النسبة الدستورية التى لا مثيل لها فى العالم.