من منتصف ليل الأحد إلى الرابعة والنصف فجراً.. مرت 270 دقيقة دموية بدأت بمقدمات التصادم المرعب وانتهت بمعاينة النيابة وسط الدماء المتناثرة، فعلى طريق «القاهرة - الفيوم» الصحراوي، وتحديدا أمام مزلقان الكيلو 25 دهشور، يقطع الطريق شريط قضبان السكة الحديد، تمر سيارتان في اتجاهين متقابلين من أمامه: الأولى نقل بضائع محملة بمادة طفلة الطوب من محاجر دهشور في طريقها إلى القاهرة، والثانية سيارة نقل ركاب جماعى «ميني باص» محملة بأسرتين كاملتين متجهة إلى الفيوم بعد حضورها عرسا بمنطقة المعادي. - مرت سيارة النقل المحملة بالطفلة كارتة محاجر أكتوبر والتي لا تبعد عن مزلقان دهشور سوى 10 أمتار، توقفت لسداد رسوم العبور ثم خطت خطواتها الأولى ببطء بحسب عامل الكارتة الذي حصل على رسوم عبور السيارة، باتجاه القاهرة مرورا بالمزلقان، بينما كانت تقترب أكثر للمزلقان على الناحية المقابلة في الاتجاه المعاكس سيارة نقل الركاب. - يصرخ أحد موظفي الكارتة ويهرول لتنبيه قائد السيارة النقل بقدوم قطار بضائع من الجهة الشرقية، يندفع القطار مسرعا من داخل الصحراء باتجاه المزلقان ليقطع الطريق الصحراوي إلى المزلقان دون إنذار مسبق بالعبور أو الصفير، وفي غفلة من عامل المزلقان الذي لا يبعد عنهم وعن حادث التصادم سوى مترين، بحسب شهود العيان، لكن دون أن يلاحظه سائق النقل. - يصطدم القطار بالسيارة النقل فيحطم واجهتها، وتميل السيارة على المزلقان، بينما يلتهم القطار سيارة النقل الجماعي في الناحية المقابلة ويدفعها باتجاهه مسافة 2 كيلومتر داخل الصحراء بموازاة معسكر الأمن المركزي بدهشور، وتتناثر أجزاؤها على يمين ويسار شريط السكة الحديد، وتنتشر الجثث على الأرض. - يندفع عمال «كارتة» محاجر أكتوبر إلى السيارة النقل محاولين إخراج السائق حامد محمود محمد البربري، وإسعافه، ويحاول مفتش الكارتة الاتصال بالنجدة، بينما ينزل عشرات السائقين من سياراتهم متجهين إلى داخل الصحراء لمحاولة إنقاذ الضحايا. - تمتلئ الأرض بموازاة شريط السكة الحديد بأجزاء من سيارة نقل الركاب «الميني باص» وملابس متناثرة على الناحيتين للقطار للضحايا ممزوجة بدمائهم، وأحذية على الجانب الأيمن، وسط الكراسي التي تكوم بعضها إثر اندفاع سيارة «الميني باص» بعد اصطدام القطار بها. - تصل سيارتا إسعاف إلى المنطقة، ويبدأ المسعفون في التوجه داخل الصحراء بموازاة معسكر الأمن المركزي بدهشور لنقل عشرات الجثث إلى السيارات وإنقاذ الضحايا وإسعافهم وانتقالهم إلى مستشفيات الجيزة بمساعدة الأهالي والشرطة. - وزارة الصحة تعلن مقتل 27 وإصابة 30 آخرين، بينما تعلن الأجهزة الأمنية إلقاء القبض على عاملي المزلقان وسائق القطار أثناء محاولتهما الهرب. - وصول النيابة موقع الحادث لإجراء المعاينة، فيتوقف الطريق عشر دقائق تقريبا عن طريق قوات الشرطة حتى يعاين فريق النيابة موقع الحادث، وغرفة عمال المزلقان وطول الجنزير الحديدي، وتفقد واجهة القطار الملصق بها الجزء الجانبي من الأتوبيس، وعشرات المقاعد المتناثرة حول العربة الأولى للقطار. - انصراف النيابة من موقع الحادث قبل بزوغ الشمس، بعد تفقدها الحادث ومعاينته، بينما تشرق الشمس معلنة استقبالها 27 ضحية جديدة.