جامعة الزقازيق تتقدم للمركز67 في تصنيفQs Arab Region    زراعة أشجار التوت العماني بشوارع الإسماعيلية    الإيجار القديم | ندوة ب حزب الاتحاد بحضور برلمانيين وائتلاف الملاّك والمستأجرين.. وإجماع على تعديل القانون    حكومة غزة: جيش الاحتلال يرتكب مجزرة مروعة في بيت لاهيا تسفر عن 73 شهيدًا    شرطة اليابان تعتقل رجلاً متورطًا في إلقاء مولوتوف على مقر الحزب الليبرالي    حارس يد الأهلي: سعداء بالتتويج بالبطولة الإفريقية للمرة الثانية على التوالي    سقوط عنصر شديد الخطورة هارب من إعدام ومؤبد في دشنا    خبير: 2 تريليون جنيه تكلفة تطوير منظومة النقل    تامر عاشور لجمهور الأوبرا: «مبسوط إني معاكم لليوم الثاني»    مصطفى أبو سريع لصدى البلد: أنتمي لمدرسة فؤاد المهندس    حزب الله: استهدفنا تجمعًا لقوات الاحتلال فى أبيريم بالصواريخ    أشهر كلب في العالم.. أعظم حملة دعاية للهرم|تفاصيل الحكاية    تكريم 300 طفل .. مسيرة حاشدة لحفظة القرآن الكريم ببني مزار بالمنيا| شاهد    طبيب أحمد سعد يكشف آخر تطورات حالته الصحية بعد العملية (فيديو)    طب أزهر بنين أسيوط تحقق شراكات مع أساتذة العظام في العالم    تعادل مثير بين ضمك والتعاون في غياب طارق حامد    واشنطن غيّرت موقفها من مسألة انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو    زراعة أشجار التوت العماني بشوارع الإسماعيلية    "الدولي لليد" يشكر وزير الشباب للمساهمة في نجاح بطولة العالم للأندية    الاتحاد السكندرى يستعيد الشيمى بعد تعافيه من ارتجاج بالمخ    حملة 100 يوم صحة.. تقديم أكثر من 124.7 مليون خدمة مجانية خلال 79 يوما    صور.. نجوم الغناء في عزاء الشاعر أحمد علي موسى| خاص    آخر موعد لتقديم التظلمات على نتيجة مسابقة 30 ألف معلم 2024 .. الحق خلال ال48 ساعة المقبلة    درجات الحرارة غدا الأحد 20-10-2024 فى مصر    الداخلية تنهي خدمة أمين شرطة لتجاوزه مع أحد السائحين بالأهرامات    أمين «البحوث الإسلامية»: شرف العمل الدعوي يتطلب الإخلاص    اقرأ غدًا في «البوابة».. الرئيس: يجب وضع حد للحرب الدائرة فى غزة ولبنان    جيش الاحتلال: مقتل جنديين وإصابة ضابطين بجروح خطيرة في معارك بشمال قطاع غزة    بنزيما يقود هجوم الاتحاد لمواجهة القادسية بالدوري السعودي    أستاذ حديث بجامعة الأزهر: صحيح البخاري يمثل الركن الأول من السنة النبوية    رمضان عبد المعز: أعظم نعمة من ربنا على الإنسان الإيمان ثم العافية    المؤبد و المشدد 15 سنة لشخصين تاجرا في المواد المخدرة بالخانكة    عباد الشمس تزين صحراء جنوب سيناء.. نجاح زراعة مستدامة في قرية الوادي    نائباً عن السيسي.. وزير الأوقاف يصل إندونيسيا للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس الإندونيسي الجديد    وزير الكهرباء: من طلبوا تركيب العداد الكودي قبل شهر أغسطس ليسوا مخالفين    وزير الشباب يضع حجر الأساس للمدرسة الرياضية الدولية بالمركز الدولي للتنمية بالغردقة    الاتحاد الأوروبي يدعو لتوسيع الصلاحيات العسكرية لقوات حفظ السلام الأممية بلبنان    في تصنيف QS Arab Region.."طنطا"تحتل المركز 78 من بين 246 جامعة مصنفة    مدبولي: استثمارات العام المقبل موجهة ل«حياة كريمة»    حكم قضائي جديد ضد "سائق أوبر" في قضية "فتاة التجمع"    رسالة أسبوع القاهرة للمياه: الماء حق لكل إنسان.. و"سد النهضة" انتهاك للقانون الدولي    الداخلية تكشف شبكة استخدام برامج عالمية مسروقة    جامعة قناة السويس تنظم برنامجاً تدريبياً لطلاب STEM حول تصميم وتنفيذ كوبري مائي متحرك    رغم امتلاء بحيرة سد النهضة، إثيوبيا تواصل تعنتها وتخفض تدفق المياه من المفيض    رئيس حي بولاق أبو العلا: تقديم كل التسهيلات للراغبين في التصالح على مخالفات البناء    بقصد الاستثمار بالبورصة.. التحقيق مع موظف بالنصب على مواطن في الشيخ زايد    مدبولي: نحرص على متابعة تنفيذ مشروعات تطوير الخدمات الطبية لكونها تأتي على رأس أولويات عمل الحكومة    «أسوان» تستعد للاحتفال بتعامد الشمس على وجه رمسيس في معبد أبو سمبل    وزير الخارجية: أخبار سارة قريبا بشأن التواجد السعودي الاستثماري في مصر    لأول مرة.. فيرجسون يكشف سر رحيله عن مانشستر يونايتد    تطورات جديدة بشأن مستقبل جافي مع برشلونة    «معندهوش رحمة».. عمرو أديب: جزء من القطاع الخاص لا يطبق الحد الأدنى للأجور    أفضل 7 أدعية قبل النوم.. تغفر ذنوبك وتحميك من كل شر    تامر عاشور ومدحت صالح.. تفاصيل الليلة الثامنة من فعاليات مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية    «اليونيسف»: القصف الإسرائيلي يضر بالخدمات الأساسية ويعرض الأطفال في لبنان للخطر    ليلة لا تُنسى.. ياسين التهامي يقدم وصلة إنشادية مبهرة في مولد السيد البدوي -فيديو وصور    جميل عفيفي: تطابق وجهات النظر المصرية والسعودية في كل قضايا المنطقة    مات بطل| تعليق الإعلامي عمرو أديب على مشهد نهاية السنوار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا تتعثر الحركات السياسية؟
نشر في المصري اليوم يوم 25 - 03 - 2010

شهدت الحركات السياسية المصرية انقسامات وصراعات داخلية كثيرة، وارتبطت أسماء كثير منها بالخلافات الداخلية التى تجرى على «لا فعل»، على عكس ما يجرى فى البلدان الديمقراطية حين تختلف التيارات السياسية على فعل يحرك الآلاف ويغير حكومات، ويكون غالبا نابعا من خلافات على رؤى وتصورات وليس فقط مجرد منافسات وحسابات شخصية.
والمؤكد أن مصر شهدت حراكا سياسيا معقولا منذ 2004 قادته حركات سياسية جديدة سرعان ما تراجعت حتى وصلت لحد الاختفاء، ومع عودة البرادعى تحرك قطاع واسع من الرأى العام ومن الشباب المتحمس الواعد وأبدى تأييده ودعمه للرجل، وتأسست بسرعة نادرة حركة جديدة فى أعقاب لقاء استمر عدة ساعات بين الرجل وبعض رموز النخبة المصرية، قرروا على أثرها تأسيس الجمعية المصرية للتغيير فى مشهد مستحيل أن نجده فى أى مكان آخر فى العالم إلا فى مصر حين تتأسس حركة من أجل «التغيير» تضم ألواناً مختلفة من الطيف السياسى وغير السياسى، وبعضهم التقى لأول مرة، وغالبيتهم الساحقة شاهدوا البرادعى لأول مرة، ومع ذلك أسسوا فى أقل من ثلاث ساعات حركة مهمتها تغيير مصر.
والسؤال المطروح: لماذا شهدنا هذا العدد الهائل من الحركات السياسية الفاشلة رغم حالة الاحتقان السياسى والاجتماعى الكبيرة، ولماذا نشهد دائما فارقاً هائلاً بين القيم العليا، التى تنادى بها كثير من الحركات السياسية، وبين الواقع المعيش؟
إن الإجابة عن هذا السؤال تعود بنا إلى تجربة حركة كفاية التى ظهرت فى 2004 كصرخة احتجاج على الجمود والتكلس داخل النظام السياسى المصرى، وحين انطلقت حاملة هذه الصرخة إلى الواقع نقل إليها هذا الأخير كل أمراضه وفشلت فى التواصل مع الناس وتراجع دورها لحد الاختفاء، لتكرس عجز كثير من المشاريع الملهمة فكريا وسياسيا فى التحول إلى ممارسة عملية ناجحة.
ومسار الفشل معروف ومتكرر، فيبدأ بالخلافات الداخلية ذات الطابع الشخصى غالبا، ثم الانقسام ولا مانع من خروج فواصل ردح متبادل تثير شهية الإعلام، وتتحول رسالة أى حركة وقيمها ومبادئها إلى مجرد حواديت لخلافات فلان ضد علان، وس ضد ص.
والمؤكد أن القيود السياسية المفروضة على هذه الحركات تمثل أحد عوامل ضعفها وتعثرها، كما أن حالة التصحر السياسى والثقافى التى أصابت المجتمع المصرى جعلته فى واد آخر بعيد عن خطاب هذه الحركات، دون أن يعفى قادتها من مسؤولية هذا التعثر.
والحقيقة أنه من المهم التمييز بين مسألة مواجهة الوضع القائم بالاحتجاج، وبين مواجهته ببديل قادر على البناء، ولأن كل الحركات السياسية التى شهدها المجتمع المصرى فى السنوات الست الماضية كانت بدائل احتجاجية اعتمدت على الصوت العالى والصراخ ضد الفساد والقهر وغياب الديمقراطية، فإنها لم تبن تياراً مؤثراً بين النخبة والجماهير، إنما حالة من الصخب المريح استطاع كثير من أعضائها أن يخرجوا طاقة هائلة من الكبت والإحباط فى وقفات احتجاجية متفرقة لا تتجاوز العشرات، ولكنها لم تنجح فى أن تنال ثقة الرأى العام باعتبارها بديلاً آمناً للحكم وليس مجرد صوت احتجاجى.
والمؤكد أن «الصوت الاحتجاجى» مطلوب لفترة ولكن ليس دائما، ولا يمكن لأى مجتمع أن يتقبل إلى الأبد حركة احتجاجية قد تؤثر فى الناس لفترة وتثير إعجابهم من بعيد ولكنهم لن يثقوا فيها ولن يدعموها إذا ظلت إلى الأبد صوتاً احتجاجياً، وهذا ربما ما جرى مع كفاية، فدورها فى تحريك المياه الراكدة تاريخى، خاصة دور مؤسسها جورج إسحق، ولكن فى اللحظة التى كان يجب أن تتحول فيها إلى حركة بديل آمن للحكم، تهدف لإصلاح النظام لا هدمه، ازدادت حدة صوتها الاحتجاجى فكلمت نفسها، وانفصلت عن الناس والنخبة.
ومع ظهور البرادعى وميلاد الموجة الثانية من الحراك السياسى، تكررت المخاوف مرة أخرى من تكرار الأخطاء السابقة نفسها، فالرجل حرك مياهاً راكدة كثيرة، وبدا أمام الرأى العام فى صورة «رجل الدولة» الذى احتل مكانة دولية مرموقة، ويرغب فى إصلاح أحوال وطنه، وحرك فى الناس قيم الحداثة والديمقراطية والمهنية والاعتدال، وكسر جزئيا ثنائية الوطنى والإخوان، وأثبت تيار واسع لدى الرأى العام والنخبة المصرية أن هذا المجتمع مازال ينبض بالحياة وأن تعاطفه مع الرجل كان فى الوقت نفسه اختيارا لقيم غابت أو غيبت عن المجتمع المصرى.
وبدا هناك فارق بين القيم التى مثلها البرادعى والأدوات التى اختارها، أو بالأحرى بين تعاطف فطرى ناله من قبل قطاع واسع من الرأى العام، والتسرع فى تأسيس جمعية فضفاضة من أجل التغيير دون أى حوارات عميقة بين أعضائها ومعايير واضحة لاختيارهم تساعد على تحسس المستقبل وصناعة التغيير.
لقد اتبعت الحكومة مع « حراك البرادعى» أسلوب «دعهم ينقسموا من داخلهم»، وتناست أنها مسؤولة عن إفقار الحياة السياسية وتجريف المجتمع من السياسة والسياسيين، وتغييب التقاليد الديمقراطية عن المجتمع، وبالتالى عن حركاته السياسية ونقاباته ومجتمعه الأهلى.
المؤكد أن «تسونامى البرادعى» هائل الحجم، وأوراق القوة والضغط التى يمتلكها داخل الدولة وخارجها كثيرة، ويجب أن يستفيد منها من أجل إنجاز مهمته بشرط أن يحسن استخدامها، وأن يدرس أسباب تعثر الحركات الأخرى، ولا يعيد تكرار تجارب الفشل ولا يستخدم الأدوات والوجوه والشعارات القديمة نفسها.
إن التجديد يجب أن يشمل كل شىء: الأفكار والوسائل والخطاب المستخدم، وأن يخرج كثير من قادة التيارات السياسية من شرنقة التمحور حول الذات، فيفهموا المجتمع كما هو وليس كما يرغبون هم، حتى لا نعيش على وهم ثورات لن تأتى واتهامات للناس بالخنوع والسلبية، رغم أن كثيراً من دول العالم تحولت نحو الديمقراطية دون المرور بوهم الثورة الشعبية.
إن هناك رغبة فى الإصلاح لدى قطاعات واسعة من الناس، صحيح أن قلة هى التى أبدت استعدادها لدفع ثمنه، وظل كثيرون متمسكين بقيمه وحالمين بقدومه، بعد أن عجزت كل التيارات السياسية عن جذبهم إليها، فظلوا متفرجين يشاهدون من بعيد ما يجرى حولهم.
لقد أعطى الشارع المصرى مؤشرات كثيرة على أنه يرغب فى بديل آمن للحكم، يصلح النظام ولا يهدمه، ولم يعط ثقته لأى احتجاج صاخب يحلم بهدم كل شىء ويتصور أن هناك بديلاً جذرياً للنظام القائم بمعزل عن المجتمع الذى أفرزه، متناسياً أن الأول يحمل أيضا كثيراً من سلبيات مجتمعه، مثلما أن الثانى تمحور على مقاس نظامه، وهى صورة تجعل مهمة البرادعى أو غيره فى الإصلاح صعبة ولكن ليست مستحيلة.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.