اليوم آخر موعد للتقديم ل 3000 فرصة عمل بمحطة الضبعة النووية.. تعرف على التخصصات والمستندات المطلوبة للتعيين    بمشاركة عالمية، وزير البترول يفتتح اليوم مؤتمر حوض البحر الأبيض المتوسط    أسعار اللحوم والدواجن والخضروات والفواكه اليوم الأحد 20 أكتوبر    محافظ بني سويف: 1616 مشروعًا ضمن مبادرة «حياة كريمة» بمركزي ببا وناصر    الطيران الإسرائيلي يشن غارتين فجرًا على منطقتي الحدث وحارة حريك جنوب بيروت    فصائل عراقية مسلحة تعلن استهداف «هدف حيوي» في الجولان المحتلة    واشنطن تحقق في تسريب خطط إسرائيل "السرية" للرد على إيران    عاجل - روابط تحميل الواجبات المنزلية والتقييمات الأسبوعية 2024-2025 لجميع الصفوف: دليل شامل من وزارة التربية والتعليم    عاجل - تخفيضات جرير اليوم على الجوالات: خصم يصل إلى 61% على iPhone 11 Pro Max وتقسيط شهري أقل من 93 ريال!    إيمان العاصي تنتهي من تصوير مسلسل برغم القانون (صور)    أخطر دراسة عن عدوى كورونا للأطفال: معرضون لخطر الإصابة بمرض غير قابل للشفاء    ماهي القنوات الناقلة لمباراة ليفربول ضد تشيلسي؟    ميرنا نور الدين تتألق بإطلالة فورمال في أحدث ظهور لها عبر إنستجرام|شاهد    بعد شهرين على وفاتهم.. إسلام جمال يؤدي «عُمرة» للمنتجين الأربعة    الجزائر.. انهيار عمارة بأكملها جنوب غرب البلاد    الكوب المميت.. الإفراط في شرب الماء كاد ينهي حياة الأم نينا مونرو|ما القصة؟    مقتل ضابط إسرائيلي برتبة لواء متأثرًا بجراحه في لبنان    خبير استرتيجي يكشف لماذا قطع الاحتلال أصبع السنوار بالرغم من تأكيد بصمة الأسنان شخصيته (فيديو)    حزب الله يعلن شن 4 هجمات على قوات إسرائيلية في مواقع مختلفة    الغرف التجارية: لا زيادة في أسعار السلع الغذائية بعد تحريك المحروقات    اليوم .. محاكمة اللاعب أحمد ياسر المحمدي بتهمة اغتصاب فتاة في قطر    قبل الكلاسيكو.. ريال مدريد يحقق فوزًا ثمينًا على سيلتا فيجو 2-1 بالدوري الإسباني    نجم بيراميدز السابق يكشف مفاجأة مدوية بشأن موقف رمضان صبحي من العودة للأهلي    متعب والحضرى وشوقى ويونس فى الاستوديو التحليلى لمباراة الأهلى وسيراميكا    تامر عاشور يشدو بأروع أغانيه لليوم الثاني بمهرجان الموسيقى    طارق الدسوقي خلال افتتاح ملتقى المسرح للجامعات: هذه الدورة الأصعب على الإطلاق    تفسير آية | معني قوله تعالي «أَيَحْسَبُ الإنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى»    هل يجوز ذكر اسم الشخص في الدعاء أثناء الصلاة؟.. دار الإفتاء تجيب    ضبط مسجل خطر لسرقته مشغولات ذهبية بالنزهة    اليوم.. محاكمة 6 متهمين في «خلية الحدائق»    كلمة السر في مرض أحمد سعد .. خطر غير مرئى هو السبب    أمريكا: سحب المئات من منتجات الوافل المجمدة بسبب احتمال تلوثها ببكتيريا الليستيريا    بلدية المحلة في مواجهة صعبة أمام المصرية للاتصالات بدوري المحترفين    نوة رياح الصليب وأمطار غزيرة.. الأرصاد تحذر من طقس اليوم الأحد    الشرطة الألمانية تستخدم الكلاب لتفريق متظاهرين منددين بجرائم الاحتلال    هل تذكيري لأصدقائي بتلاوة القرآن وذكر الله عليه أجر؟.. دار الإفتاء تجيب    اللهم آمين | أثر الدعاء للشهداء وأهلهم    حزب الله يعلن استهداف تجمع لقوات الاحتلال في أبيريم بالصواريخ    فرض ضريبة جديدة على الذهب في مصر.. ما حقيقة الأمر؟    أحمد عبد الحليم: مشاركة القندوسي مع سيراميكا أمام الأهلي سلاح ذو حدين    أخبار التوك شو|انفعال أحمد موسى على الهواء.. وتطوير أول سيارة كهربائية بمصر.. لا زيادة في أسعار السلع الغذائية    نقص الفيتامينات والضغط العصبي.. تعرف على أهم أسباب الشيب المبكر    للمسافرين كثيرًا.. كيفية الصلاة في المواصلات ومعرفة اتجاه القبلة |الإفتاء تجيب    غارات جوية للاحتلال تستهدف منطقة المواصي في قطاع غزة    سعر التفاح والموز البلدي والمستورد بالأسواق اليوم الأحد 20 أكتوبر 2024    5548 فرصة عمل في 11 محافظة برواتب مجزية - التخصصات وطريقة التقديم    مصرع شخص وإصابة 20 آخرين في حادث تصادم سيارة برصيف بالفيوم    ابتعد عن العواطف.. توقعات برج القوس اليوم 20-10-2024    نشأت الديهي عن رفع أسعار البنزين: قرار مُؤلم للحكومة    يوفنتوس يهزم لاتسيو ويقفز لصدارة الكالتشيو    عبد الرحمن فيصل: بطولة إفريقيا هديتنا للجماهير    نشرة الفن.. حقيقة صادمة في سبب انفصال نادين نجيم عن خطيبها وشيرين ترد على اعتذار أحلام بمنشور مفاجئ    نائباً عن السيسي.. وزير الأوقاف يصل إندونيسيا للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس الإندونيسي الجديد    في تصنيف QS Arab Region.."طنطا"تحتل المركز 78 من بين 246 جامعة مصنفة    جامعة قناة السويس تنظم برنامجاً تدريبياً لطلاب STEM حول تصميم وتنفيذ كوبري مائي متحرك    رغم امتلاء بحيرة سد النهضة، إثيوبيا تواصل تعنتها وتخفض تدفق المياه من المفيض    فرص عمل جديدة بمحافظة القليوبية.. اعرف التفاصيل    رسالة أسبوع القاهرة للمياه: الماء حق لكل إنسان.. و"سد النهضة" انتهاك للقانون الدولي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بص يا شيخ ..!!
نشر في المصري اليوم يوم 30 - 10 - 2010

"تعودت على الذهاب إلى الحلاق لتخفيف ذقني فور أن يناديني من لا يعرفني قائلا :"يا شيخ". قبل يومين نبهني سائق التاكسي إلى تأخيري في الذهاب إلى الحلاق عندما قال لي: ممكن أسألك سؤال يا شيخنا صَعُبَ عَليّ أن أكسفه فقلت متقمصاً روح شيخ يقطر ماء الوضوء من لحيته: "تفضل يا أخي".
كان الأسطى قد انتهى لتوه من تقبيل استفتاح يومه، ورقة بخمسة نفحها له الزبون الذي سبقني في الركوب، وهو صحيح يا شيخ الواحد لما يبوس الفلوس اللي بتيجي له من شغله .. ده يبقى حرام ؟"
كان هذا الموقف الطريف الذي عرضته عليكم الآن من كتاب - ضحك مجروح - لبلال فضل.
ومن أرد أن يعلم ماذا فعل بلال فضل في هذا الموقف من الممكن أن يرجع إلى صفحات الكتاب وسوف يستمتع مع بلال فضل في موقفه، ولكن ما دفعني أن اقتبس هذا الاقتباس بالتحديد، رغم أن الكتاب يعرض مواقف ساخرة يتعرض لها الكاتب في حياته ويروى من خلالها أفكار الناس وما يجول بداخل بعض من أفراد مجتمعنا أو العادات والتقاليد التي أصبحنا مبتلين بها أو الفكر المسيطر أو السائد على عوام الناس من البسطاء والمطحونين في هذا البلد فربما نعرف سوياً لماذا تلعب هذه الأفكار في أدمغه المصريين وتسيطر على جل حياتهم وتصرفاتهم طوال اليوم.
ليس من المنصف أبداً أن أكتب دائماً عن الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية أو عن فساد النظام وظلمه وطغيانه وأعوانه وأن أصور للقارئ دائماً أن الشعب "تمام وزى الفل" وأننا لا نخطئ ولا تثريب علينا وأن من يحكمونا هم فقط المخطئين الدائمين ونحن ملائكة، ليس عدلاً أبداً أن نرفع أيدينا عن وصف مدى الاشتراك مع محكومينا في ظلم أنفسنا والطغيان على مجتمعنا وفساده ببعض الأفكار التي هي غريبة على الدين وعلى المجتمع، وليس عدلاً أيضاً أن لا نقف مع أنفسنا وقفة صادقة لكي نطهر أنفسنا قبل أن نطهر مجتمعنا وحياتنا العامة التي يشترك فيها جل المصريين.
قال لي أحدهم ونحن نتناقش في حديث موت النبي إدريس عليه السلام، هل مات على الأرض أم مات في السماء الثالثة، وهل الحديث يروى هذه القصة بالتحديد أم لا، وهل الحديث أصلاً صحيح ؟؟ كل هذه الأفكار والأسئلة قد تداولناها فيما بيننا، وبينما نتجاذب أطراف الحديث قاطعني احدهم وقد أحسست عبر كلماته علامات استهجان على استنكاري للحديث وسؤالي عن صحته أو سنده أو حتى نصه الصحيح، قال لي في غطرسة كأنه عالم بباب الأمر والخروج " بص يا شيخ..!!" نظرت إليه بنظرة غريبة وهو يلقي على أسماعي كلمه "شيخ".. سارعته على الفور وقلت له "أنا مش شيخ" ويبدوا أن الطول البسيط للحيتي التي اعتدت منذ فتره بسيطة أن أطلقها دائماً أكثر من شهرين لجمالها والحمد الله ولحبي في اللحية أو الذقن التي تبعث على الوقار والهيبة وحسن المنطق جعل الذي يتحدث إليّّ يظن أنني بهذه الهيئة والمنظر والشكل "شيخ" أو على ما يبدو أنى منغمس في الدين رغم أن الأمر عندي في موضوع ترك ذقني هذا غالباً ما يكون شكلياً فقط ولا أنوي به سنه عن النبي أو ما شابه ذلك رغم هذا أخذني أحدهم بالشبه والشكل، وساعتها ما كان لي أن أعمل فيها "شيخ بحق وحقيق" وأتقمص الدور جيداً وأرد عليه وأقول - "أيوه يا أخى..!!" ما كان لي فعل هذا، لأن الأمر ليس بالمظاهر أو الأشكال أو الهيئات وعندما تحدث النبي عن الإيمان قال: إنما هو ما وقر في القلب وصدَّقه العمل، فالأصل في الأمر هي القلوب وليست الظواهر، وهنا موضع الاختلاف الذي أنا أتحدث عنه الآن أننا أصبحنا عباداً للمظاهر نميل ونغدو معها أينما وجدنها ..، ولعل أحدنا يسمع وهو يسير في الشارع هذه العبارة "شوفت يا أخى الراجل السني ده، ده شكله راجل كله بركه وخير"، هذا الحكم بالظاهر على الناس من بعيد ومن خلال الوصف الخارجي للشخص فيه خلط كبير بين أشياء كثيرة جداً، منها أن هذا الرجل من الممكن أن تتعامل معه على هذه الهيئة الحسنة وهو ليس كذلك فتقع في مصائب ومشاكل لا آخر لها ولا أول أو تضع الثقة في شخص لمجرد أنه شبيه إلى حد كبير لشيوخنا الأفاضل أو علمائنا الأجلاء في الشكل والمظهر، هذا هو الخلط المحض بعينه وهنا ووقتها لا تلم إلا نفسك، أصبحت هذه الأحكام على الظاهر عامة (ولست أعني مسألة واحدة في مجتمعنا كموضوع اللحية مثلاً) أصبحت مشكلة تُعدم المجتمع أمانة وتبعده عن روح الدين الأصيلة والعظيمة.
ولكني لا أتكلم عن الأصل الديني القائل "أننا ما أمرنا أن نشق عن صدور الناس لكي نعلم ما بداخلهم كما قال النبيّ وحتى لا يختلط الأمر فكل ما أعنيه هو إطلاق الأحكام على الظاهر بالسلب أو بالإيجاب بدون الحديث مع الشخص نفسه ومعرفه هويته وفكره وانتمائه، يجب أن نعرف ونقترب أولاً قبل أن نطلق الأحكام على الغير من بعيد.
كما يقول الدكتور مصطفى محمود في كتاب الإسلام في خندق .. وهو يتحدث عن إغراق الناس في التفاصيل والقشور والمظاهر والابتعاد عن الجوهر والعمق ورح الإسلام الصافية.
" وهل بلغ النبي يحيى - حنا المعمدان - عليه الصلاة والسلام ما بلغه من نبوة إلا بذلك الحنان الذي كان يفيض منه. والذي قال فيه ربه - وحناناً من لدنا وزكاة وكان تقياً - 13 مريم - فتلك كانت أركان نبوته الحنان والزكاة والتقوى، ونبينا عليه الصلاة والسلام الذي كان يحتضن جبل احد ويقول هذا جبل يحبنا ونحبه حتى الجماد كان موضع حب النبي وتوقيره وهذا ربنا يقول عن المؤمنين -"أولئك الذي امتحن الله قلوبهم للتقوى" فالقلوب دائماً هي موضع الامتحان وحب الله وحب ما خلق وما صنع من أرضين وسموات ونبات وحيوان وبشر وهو جوهر كل الديانات الحقة وهو المقياس الذي نفرق به بين أهل الدين والأدعياء المشعوذين والكذبة وكل الدعاة الذين يغرقون أتباعهم في التفاصيل والقشور والمظاهر ويبتعدون بهم عن روح الدين .. عن الحب والرحمة والتقوى ومكارم الأخلاق".
وهنا يلقي الدكتور مصطفى محمود على الواقع الذين نعيشه من بعض العادات والأفكار التي أصبحت راسخة في أذهان الناس وينعكس ذلك على حياتهم وتصرفاتهم مع غيرهم في المجتمع فينظرون إلى التفاصيل والقشور لا القلوب والإيمان والأخلاق والجوهر والانتماء والفكر والعقل فيُسقطون ذلك على واقعهم فيصدرون الأحكام على الناس من خلال التفاصيل والقشور الخارجية التي ليس لها علاقة أصولية مع الدين.
ولكن دعونا نرجع الآن إلى صديقي الذي لم أتحدث إليه إلى الآن ولم أقابله في حياتي ولو مرة، وهو - بلال فضل-..وهو يختم هذا الموقف الطريف بينه وبين سائق التاكسي ويقول..
"أشرت له إلى مكان نزولي، وبعد أن توقفت السيارة فتحت الباب وخرجت منها على دفعات، ثم أحكمت غلق الباب وأدخلت رأسي من الشباك، وقلت له : بص يا أسطى من الآخر الفلوس اللي أنت بتسأل علي حكم بوسها دي تعتبر فلوس حرام ولا حلال ؟؟، رد مندفعاً : حلال طبعاً يا شيخ، قلت له: لو حلال مش بس تبوسها... نام معاها لو عايز. وجريت".
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.