أحيانًا أتامل ما يحدث من حولنا.. وأسأل نفسى: ترى هل استيقظنا متأخرين؟ أم هناك فرق فى التوقيت للإدراك السياسى؟! البعض يقول إنها أعراض ضعف للرؤية السياسية المشتركة بين الدول العربية، والبعض الآخر يقول إنها بسبب التقصير فى قدرة التعامل مع المتغيرات الدولية وعدم تفعيل للديمقراطية.. حقًا، لا توجد إجابة واحدة كافية تشفى غليلى، فأنا أيضًا أظن أن سياسة النفس الطويل لاتزال الرياضة المفضلة لدى الكثير من الحكام وأدمنها العديد من الشعوب، وبالتالى تأتى النتائج بما لا تشتهى الإرادة العربية.. المهم أننا هذا الأسبوع سنجد فجأة الكثير من التذمر والغضب لظهور مذكرة توقيف بحق الرئيس السودانى عمر البشير الذى وجهت إليه 7 اتهامات تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بإقليم دارفور.. وبعد الشجب والتنديد والدفاع المستميت بالمظاهرات المنظمة والزيارات الداعمة بالشعارات دائمًا.. فقط كان رد فعل البشير هو قيامه بطرد عدد من المنظمات للإغاثة الإنسانية التى يبلغ عددها الإجمالى أكثر من 100 منظمة تعمل هناك على إطعام الناس ومعالجتهم.. فالغريب أن كل هذا العدد يقوم وحده برعاية المواطنين فى دارفور فأين جهود الحكومة، وماذا عن دور الدولة السودانية منذ سنوات؟!!.. وبالأمس فقط، أعلن البشير عن زيارة لإقليم دارفور، فأين تحركات النظام السودانى منذ سنوات لإجهاض جرائم الإبادة التى وصل ضحاياها إلى أكثر من 250 ألف قتيل أغلبهم من المسلمين. . ويقول البعض من المسؤولين فى نظام البشير إن هؤلاء ليسوا ضحايا اغتيال ولكن ضحايا الجوع والمرض وهذه إدانة أيضًا للحكومة وتعتبر مستفزة لأنها تدل على أن الأمور تركت إلى حد الموت دون محاولة لإغاثة مواطنين ضعفاء جائعين.. فحتى الآن لا نجد خطوات تشفع لهذا النظام وإن كان بالفعل بريئًا ومضطهدًا فكان عليه إدراك تداعيات المؤامرة منذ زمن وإعطاء أدلة براءته وبرهان واضح للجامعة العربية والمجتمع الدولى للدفاع عنه لإيقاف هذه المهزلة. ولكنه ربما اعتمد على دعم إيران وحلفائها له فى المنطقة حتى أصبح فى السودان موطئ قدم واضح فارسى، فكما شهدنا مؤخرًا الوفد البرلمانى الإيرانى السورى «الحماسى» الذى حضر لمناصرة البشير بالكلمات لإثبات التواجد الواضح فى السودان وإرسال رسالة: إن أردتم الحل أو التهدئة فعلكيم النظر إلينا واللجوء لإرضائنا، أولاً، والحمد لله أن الأمين العام للجامعة العربية ذهب ليؤكد أن السودان لاتزال دولة عربية، ليست ورقة للمقايضة والتسوية. ولكن الحقيقة أن جميع الحلول أصبحت متأخرة فكان يجب أن تظهر السودان بأنها دولة تحافظ على مواطنيها وليس قانون الغاب والإلغاء للآخر هو الأسلوب الناجح دائمًا.. وأن الأمل هو ضرورة الضغوط للتأثير من دول مقبولة دوليًا وعربيًا فربما اعتماد السودان على الفيتو الصينى فى مجلس الأمن لن يفيد كثيرًا، فالصين حصلت على أكبر حق استثمار فى منابع النفط السودانية مقابل دعم السودان سياسيًا واقتصاديًا. فلا نعلم فى الأيام المقبلة إلى أى مدى سيستطيع السودان الاستفادة من خطوات حماس وإيران والفيتو الصينى.. وهل الدول العربية ستوقف هذه المهزلة القانونية؟.. حتى لا نرى البشير يدخل مثل صدام المحكمة أو يكون مصيره مثل معمر القذافى الذى قام بالاستسلام وإعادة حساباته من جديد فى شكل القليل من النيولوك وفتح المجال للكثير من الاتفاقات الاقتصادية أم سيبحث لإعادة الانفتاح مثل بشار رئيس سوريا الذى بدأ بالتوافق والتعاون مع الدول العربية والغربية؟! فالسودان ليس كيانًا مجاورًا فقط ولكن من الصعب فرض أمر واقع عليه. مفاجأة أخرى.. المملكة المغربية تقوم بقطع العلاقات مع إيران وهو رد فعل واضح على الأسلوب التوسعى الإيرانى الذى يحاول التدخل فى شمال أفريقيا أيضًا.. فعلى إثر التهجم غير اللائق على البيان الملكى الذى يدين التصريحات الإيرانية تجاه البحرين، بالإضافة للتدخل السافر الإيرانى فى الشؤون الداخلية المغربية ومحاولة نشر المذهب الشيعى، فذلك مس بالهوية ووحدة المذهب والعقيدة ومحاولة للإساءة للمقومات الدينية فى المغرب. كما أن هناك خطوات أخرى اتخذتها إيران بجانب حركة البوليساريو حاكمة لمواقفها المحايدة السابقة من هذا النزاع، وهذا من ضمن المواقف التى جعلت المغرب تسرع بإعلان القرار.. فهل من رؤية موحدة لمواجهة التحدى الإيرانى عن قريب؟! أم سننام ونفيق لنجد إيران تعيش بجوار إسرائيل على أراضينا ونحن لا نملك سوى أن نندم ونبكى من جديد!! [email protected]