حُلم راودنى منذ طفولتى وسيطر على فكرى ووجدانى وتجلى فى مخيلتى منذ طفولتى، فكم تمنيت أن أسمع كلمة «ماما» وأحس معناها وأشعر بالحنان الذى تغمرنى إياه هذه الكلمة التى لا تحمل إلا كل براءة وصدق إلى أن منَّ الله بها علىّ بابنى «على» يوم 8 أكتوبر 2007. ومرت الشهور والأيام بسرعة البرق، وجاء ميعاد عودتى إلى الجريدة، ووجدت نفسى أمام خيارين لا ثالث لهما، إما تحقيق رغبة والدى الوحيدة بأن أصبح صحفية يتباهى بها أمام عائلته الكريمة، أو الجلوس فى البيت لتربية ابنى الوحيد، إلا أننى لم أستطع عدم تلبية رغبة والدى، وعدت إلى «المصرى اليوم» بعد أن تركت ابنى لوالدة زوجى، التى تجاوزت الستين من عمرها، إلا أنها تبدو كفتاة لم تتجاوز العشرين أثناء لعبها معه، بدأ «على» يكبر يوماً بعد يوم، لم أشعر فيها بمعاناة التربية لغيابى عن المنزل لساعات طويلة. عجزت فيها عن التقرب إلى ابنى، وكان يتتبع خطوات جدته دون أن يلتفت لحظة لى وكأنها أمه التى حملته 9 أشهر، وكنت أشعر بغيرة بالغة، خاصة يوم الإجازة عندما يبكى بشدة عندما أحاول اللهو معه مثل جدته وكأنى غريبة عنه، وبدأ «على» يتفاعل مع من حوله وعلى غير العادة كانت كلمة «تيتا» هى أول ما نطق بها، وحينها شعرت بحزن بالغ وأحسست بأن فلذة كبدى لا يبادلنى الحب منذ أولى لحظات ميلاده، وما هى إلا شهور وبدأ «على» ينطق كلمة «بابا» على غير العادة ثم «ديدو» إشارة إلى جده، ثم «طنط» دون أن ينطق كلمة «ماما»، وهنا لم أستطع أن أتمالك نفسى وانفجرت فى وجه جدته وسألتها بحدة: ابنى مقلش ماما ليه؟. وأخذت أردد نفس السؤال عدة مرات وبصورة هستيرية، إلا أنها أجابتنى قائلة: ابنك مش عارفك يا هانم.. وهنا قررت أخذ إجازة من الجريدة، وجلست معه فى المنزل فى محاولة لسماع كلمة «ماما» دون أن أريه جدته، وأحضرت له بعض الحلويات من أجل التقرب منه. وسألته: أنا مين يا حبيبى؟ قال لى: إنتى «طنط»، فتمالكت نفسى ولم أنفجر فى وجهه، وكررت عليه نفس السؤال، فنظر إلىّ نظرة استغراب، وكأنه يقول بداخله: الست دى شفتها فين قبل كده، ولم يجب عن سؤالى، وهنا تخيلت حماتى وهى تضحك لانتصارها علىّ قائلة: مش قلتلك ابنك مش عارفك يا هانم.