قبل نحو أسبوع من صدور قرار المحكمة الجنائية الدولية المرتقب بملاحقة الرئيس السودانى عمر البشير، سقط قرابة 50 شخصا قتيلا فضلا عن 100 جريح فى معارك وقعت فى مدينة ملكالبجنوب السودان بين متمردين جنوبيين سابقين من الجيش الشعبى لتحرير السودان وأنصار جبريال تانج وهو زعيم سابق لميليشيا جنوبية متحالفة مع الحكومة السودانية.. فيما هددت حركة العدل والمساواة كبرى حركات التمرد فى إقليم دارفور بتدبير انقلاب على الحكم فى الخرطوم معتبرة أن قرار المحكمة نهاية شرعية لحكم البشير.. تلك التطورات يتوقع خبراء ومحللون فى الشأن السودانى أن تتصاعد بعد صدور القرار المحكمة الجنائية الدولية تمهيدا لتقسيم السودان إلى 3 أو 4 دول وحدوث أى تطورات سلبية. حيث يتوقع الخبراء انهيار اتفاق نيفاشا عام 2005 للسلام فى جنوب السودان والذى انهى حربا أهلية استمرت أكثر من 21 عاما بين شمال وجنوب السودان والتى خلفت مليونى قتيل وأدت لتشريد 4 ملايين شخص. وطبقاً للخبير الدولى فى الشأن السودانى دى وال الذى ألف العديد من الكتب عن السودان، فإن التأثير الرئيسى لتوجيه الاتهام للبشير سيكون إبطاء العملية السياسية. وقال دى وال إن «المحكمة الجنائية الدولية ستجعل من المستحيل على أى قضية أخرى أن تأخذ الصدارة أو تكون فى بؤرة الأحداث فى السودان، كما أنها ستقتل إمكانية رؤية سودان جديد والتحول الديمقراطى فى هذا البلد» وحذر الجنوبيون مراراً من أن انهيار الاتفاق سيعنى بالضرورة العودة إلى الحرب. ولكن الحكومة السودانية وعدت بأنها ستواصل تنفيذ الاتفاق والتعاون مع بعثة الأممالمتحدة لحفظ السلام فى الجنوب طالما أن الأخيرة لديها الرغبة فى ذلك. وقال صادق المتحدث باسم وزارة الخارجية إنه «طالما أن بعثة الأممالمتحدة فى السودان وبعثة الاتحاد الأفريقى والأممالمتحدة فى دارفور لديهما الاستعداد لمواصلة العمل كالمعتاد فإن الحكومة ستكون ملتزمة بذلك». وفى معرض تعليقه على ذلك، يقول هانئ رسلان الخبير فى الشأن السودانى بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية « إن قرار المحكمة الجنائية الدولية بملاحقة البشير سيكون رسالة بالغة القوة فى دارفور لحركات التمرد لتنشط من جديد وهو سيمثل إرباكا شديدا للحكومة فى الخرطوم وسيعقد الوضع القائم فى جنوب السودان ويرفع من سقف المطالب التى تطالب بها حركات التمرد فى أنحاء السودان المختلفة خلال التسوية مع الخرطوم أو حتى يصل الأمر لابتزازها» وحول تأثير قرار المحكمة على السودان كدولة، قال إنه سيؤدى لتقسيم السودان إلى 4 دول على الأقل واحدة فى الجنوب وثانية فى الغرب وثالثة فى الشرق ورابعة فى الوسط والشمال وربما ينقسم الوسط والشمال أيضا. واعتبر الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن ذلك هو الهدف الحقيقى من تحركات المحكمة الجنائية الدولية التى تدعمها الكثير من الدول الغربية، محذرا من أن ذلك سيؤدى إلى أحداث توتر كبير فى منظفة القرن الإفريقى ومنطقة حوض النيل والشرق الإفريقى بأكلمة. ورأى رسلان أن السودان ينظر إليه على أنه دولة أكبر من اللازم كما أن التقديرات الاقتصادية تؤكد أنه رابع أكثر مستودع للثروة الطبيعية فى العالم بعد البرازيل واستراليا وكندا، ولكن سيطرة الخرطوم بتحالفاتها مع دول مثل الصين أصبحت تثير غضب دول كبرى تسعى للوصول لثروات السودان وتفكيكه سيكون أقصر الطرق لذلك. ودلل رسلان على ذلك بتوقيت صدور قرار المحكمة الذى يتزامن مع دخول السودان مرحلة مفصلية فى تاريخه حيث هناك انتخابات فى العام الجارى تعتبر مصيرية لكل القوى السياسية والمسلحة فى البلاد، وتأتى قبل عامين من استفتاء الانفصال لجنوب السودان، وهو ما يؤكد أن الهدف هو دعم عدم استقرار السودان.