رغم مشاركة عدد كبير من دول العالم والمؤسسات الدولية فى مؤتمر إعمار غزة الذى سيعقد فى مدينة شرم الشيخ اليوم، والذى يهدف إلى الحصول على الأموال اللازمة لإعادة إعمار القطاع الذى دمرته إسرائيل، إلا أن التعويل الأكبر سيكون على الأموال العربية، التى ستتحمل الجزء الأكبر من هذه التبرعات خلال مؤتمر الإعمار. وأبدى العرب استعدادهم منذ اللحظة الأولى لتقديم كل ما تحتاجه عملية إعادة الإعمار بالقطاع، حيث اتفق الزعماء العرب خلال القمة الاقتصادية، التى عقدت بالكويت فى شهر يناير الماضى على تقديم الأموال اللازمة لإعادة إعمار ما دمرته الحرب الإسرائيلية. وأشارت تقارير إلى أن وزراء الخارجية العرب رصدوا فى مشروع قرار أولى مبلغ 2 مليار دولار لإعمار غزة و500 مليون دولار لدعم السلطة الوطنية الفلسطينية، إلا أنهم فضلوا ترك مسألة تحديد المبالغ إلى اجتماعات القادة العرب. وقدرت الأموال التى تتطلبها إعادة إعمار القطاع بما يفوق 3 مليارات دولار، من المتوقع أن يقدم الجانب العربى ما بين 70٪ و80٪ منها، وهو ما سيتضح خلال مؤتمر شرم الشيخ، الذى تعقد عليه الآمال فى توفير هذه الأموال. ووصلت التبرعات العربية إلى ما يفوق 2 مليار دولار عقب انتهاء قمة الكويت، حيث أعلنت المملكة العربية السعودية وحدها عن تقديم مليار دولار، بينما أعلنت الكويت عن تقديم 500 مليون دولار وقطر 250 مليون دولار والجزائر 200 مليون دولار كما وصلت التبرعات، من خلال حملة تليفزيونية نظمتها هيئة الإذاعات العربية، نحو 150 مليون دولار. وقدمت هيئة خيرية قطرية حوالى 100 مليون دولار.ومن المتوقع أن تقفز التبرعات بشكل كبير خلال مؤتمر شرم الشيخ خاصة أن عدداً كبيراً من الدول العربية ستعلن عن تبرعاتها خلاله ومن بينها دول الخليج التى أعلنت خلال اجتماع مجلس التعاون الخليجى الطارئ الذى عقد فى الأسبوع الماضى عن إنشاء صندوق خليجى لإعادة إعمار غزة، مشيرة إلى أن رأسماله سيحدد خلال مؤتمر المانحين فى شرم الشيخ. وقد أثارت مسألة الجهة الفلسطينية التى ستحصل على هذه التبرعات جدلاً واسعاً أثناء قمة الكويت، خاصة فى ظل وجود خلاف عربى حاد كاد يؤدى إلى تفاقم حدة الانقسام العربى حول أحقية كل من فتح وحماس فى الحصول على هذه التبرعات. فقد أعلنت حركة حماس وتدعمها ما يسمى دول الممانعة العربية أحقيتها فى الحصول على هذه الأموال باعتبارها الحكومة المنتخبة المناهضة للاحتلال، والتى تمكنت من التصدى له والصمود فى وجهه، وهو ما اعتبر أنه نصر لها وإحباط لمخططات الاحتلال الذى كان يسعى لإقصائها. بينما ترى السلطة الوطنية الفلسطينية أنها الأحق بالحصول على هذه التبرعات باعتبار أنها الممثل الشرعى للشعب الفلسطينى، وكانت يدعمها ما يعرف بدول الاعتدال، والتى كانت ترفض تماماً حصول حركة حماس على هذه الأموال. وسارعت «حماس» إلى انتقاد ما أعلن ساعتها عن قيام الجزائر بتسليم قيمة تبرعاتها للسلطة الفلسطينية من خلال السفير الفلسطينى لديها، وهو ما نفته بعد ذلك الجزائر، كما سارع أمير الكويت عقب واقعة مشابهة إلى إعلان أنه لن يسلم أموال تبرعاته إلى السلطة الفلسطينية وإنما للصندوق العربى للتنمية. ومن أجل احتواء هذا الانقسام أعلن عمرو موسى، أمين عام الجامعة العربية أنه لن يتم تسليم الأموال المخصصة للإعمار لأى جهة فلسطينية، حيث قررت الجامعة العربية إنشاء هيئة عربية لإعادة إعمار غزة، وأن الأموال ستسلم لصناديق عربية مثل صندوق التنمية العربى لتولى الإنفاق على مشروعات إعادة الإعمار فى غزة، وهو ما نجح فى إخماد فتيل الخلاف العربى وتهدئة الموقف.