فى خطوة قد تؤدى إلى تحسين العلاقات وإزالة التوتر بين الولاياتالمتحدة وسوريا بعد سنوات من الجفاء، أكدت واشنطن أن الحوار مع دمشق مفيد للمصالح الأمريكية فى المنطقة رغم اختلافهما معها فى العديد من القضايا وعلى رأسها رعاية منظمات سمتها «الإرهابية» والتدخل فى شؤون لبنان وتردى سجلها لحقوق الإنسان وسعيها لامتلاك سلاح نووى، وطلبت من السفير السورى لديها لقاء القائم بأعمال رئيس إدارة شؤون الشرق الأدنى بوزارة الخارجية لبحث تلك المخاوف فى خطوة هى الأولى من نوعها منذ سنوات. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية جودورن دوجايد إن واشنطن طلبت من السفير السورى لديها عماد مصطفى لقاء القائم بأعمال رئيس إدارة شؤون الشرق الأدنى بوزارة الخارجية جنرى فيلتمان الأسبوع المقبل، لمناقشة مخاوف الولاياتالمتحدة من البرنامج النووى السورى المحتمل ودعم دمشق لجماعات تصفها واشنطن بأنها إرهابية، ويأتى هذا الطلب بعد تقرير لمفتشى الوكالة الدولية للطاقة الذرية أكد العثور على جرافيت ومزيد من أثار اليورانيوم فى عينات أخذت من موقع الكبر السورى تقول واشنطن إنه مفاعل نووى جرافيتى كان مكتمل البناء تقريبا وقامت إسرائيل بتدميره فى نوفمبر 2007. وأضاف المتحدث «مازالت توجد خلافات رئيسية بين حكومتينا من بينها المخاوف المتعلقة بدعم سوريا لجماعات وشبكات إرهابية وحيازة سوريا لأسلحة نووية وغير تقليدية والتدخل فى لبنان ووضع متدهور فيما يتعلق بحقوق الإنسان»، موضحا أن هذا اللقاء «سيمثل خيارا لبحث القلق الذى ينتابنا مع السوريين» ولكنه لم يحدد أى موعد للقاء. كانت إدارة الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش قاطعت السفير السورى لديها ورفضت دعوته لحضور أى مناسبة أو لقاء أى مسؤول أمريكى فى السنوات الأخيرة بسبب الخلاف بين الجانبين حول تدخل دمشق فى لبنان بعد اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريرى، كما فرضت واشنطن منذ 2004 عقوبات على دمشق فيما يعرف بقانون محاسبة سوريا. وفى دمشق، أعلن مصدر رسمى أن الرئيس السورى بشار الأسد استقبل هاورد بيرمان رئيس لجنة العلاقات الخارجية فى مجلس النواب الأمريكى، ويأتى ذلك بالتزامن مع زيارة السيناتور جون كيرى رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكى لسوريا أمس فى خطوة جديدة تؤشر على تحسن فى العلاقات بين الجانبين وانفتاح دمشق على الغرب. واعتبرت صحيفة «تشرين» السورية الرسمية أن ثمة مؤشرات تؤشر لفتح صفحة جديدة فى العلاقات السورية الأمريكية والتى يترجمها زيارة وفد الكونجرس الأمريكى لدمشق والذى أكد أن الإدارة الأمريكية تواقة للحوار مع سوريا، كما يعكسها تأكيد الرئيس الأمريكى باراك أوباما نيته التحاور مع خصوم واشنطن، وإعلان الرئيس السورى بشار الأسد عن أمله فى تحسن العلاقات مع واشنطن فى ظل إدارة أوباما، وقال الأسبوع الماضى إنه يأمل فى أن يرسل أوباما سفيرا إلى سوريا قريبا. إلا أن الصحيفة انتقدت إدارة أوباما، موضحة أنه «حتى هذه اللحظة لا تتطابق المؤشرات تماما مع ما أعلنته»، وأضافت الصحيفة أن «الولاياتالمتحدة صنفت سوريا كدولة راعية للإرهاب ولا تضبط حدودها مع العراق واتهمتها بالتدخل فى شؤون لبنان»، وأكدت أن «سوريا مقاتل حقيقى فى مواجهة الإرهاب وهى من الدول التى تضررت منه بشكل مباشر وتدرك مخاطره جيدا»، وقالت إن «إدارة بوش كان سلوكها عدائيا مملوءا بالافتراءات والأكاذيب والاتهامات والتضليل وأن اتهامات بوش لم تكن حقيقية وإنما ناشئة عن غضبه وفريقه من الموقف السورى ضد الاحتلال الأمريكى للعراق، وأن أى تغيير فى السياسة الأمريكية يجب أن يتضمن صراحة وعلانية تراجعا أمريكيا عن هذه الاتهامات الكاذبة وإجراءات عملية لإطلاق حوار جدى حقيقى». وفى غضون ذلك، ذكرت صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية أن إسرائيل أعربت عن قلقها إزاء نتائج تقرير الوكالة الدولية وحثتها على مواصلة «التحقق من أنشطة سوريا النووية» وقالت إن تل أبيب ظلت ملتزمة بالصمت على المستوى الرسمى منذ 2007 بشأن ما يتعلق بغارتها على الموقع السورى، وفرضت الرقابة العسكرية تعتيما إعلاميا لكنها خرجت عن هذا الصمت بعد تأكيد تقرير الوكالة الدولية العثور عن يورانيوم غير ناتج من قصفها للموقع، جاء ذلك بينما لم تشر وزارة الخارجية الإسرائيلية إلى أى دور إسرائيلى فى الهجوم على المنشأة النووية مثار الاشتباه فى بيان أصدرته أمس الأول والذى يعد الأول من نوعه بشأن تلك المسألة منذ الغارة الإسرائيلية على الموقع السورى.