تقف وزارة السياحة فى مقدمة الوزارات التى نعقد عليها الآمال فى أن تكون طوق النجاة، ومجداف العبور إلى الشط الآمن وسند الدولة عندما يتراجع الدخل، إذ إننا على أطراف الأزمة، وسندخل فى لبها رغما عنا، فالأزمة المالية العالمية كالعنكبوت تتمدد باتساع الأرض. ونحن لا نقدر على ضبط أعداد السفن العابرة فى قناة السويس بعد تراجع حركة التجارة الدولية وبالتالى تراجع الملاحة فى القناة. وليس لنا حيلة فى انخفاض أسعار البترول، ولن نرفع إصبعا حيال ضعف الإقبال على العمالة المصرية فى الخارج، مثلما لن نحرك ساكنا بسبب تخفيض رواتب العاملين بالخارج وبالتالى انخفاض تحويلاتهم، فضلا عن عدم التعويل على التصدير لأنه أقل من أن يذكر كونه مجرد لافتة كبيرة يتشدق بها بعض المسؤولين. وبما أننا نمتلك اقتصادا رخوا وهشا، وليس لديه القدرة على مجابهة الأزمة العنيفة، فنحن فى حاجة إلى أفكار غير تقليدية وحلول مبتكرة وفرق عمل مؤهلة وقادرة على الإبداع والتجدد. ولعل وزارة السياحة بما أنها أكبر مصادر العملة الصعبة، وأول القطاعات المصرية التى ظهرت عليها ملامح الوباء المالى العالمى بتراجع حجوزات شهر يناير2009 بنسبة 30 % مقارنة بحجوزات يناير 2008، ومن المتوقع أن يستمر هذا التراجع، خصوصا أن الدول السياحية بدأت فى وضع برامج وإغراءات كثيرة لجذب السياح. فمثلا أعلنت شركة الخطوط الجوية (إير آسيا) عن منح مائة ألف تذكرة طيران مجانية للرحلات إلى تايلاند فى إطار تنشيط السياحة هناك. وحسب ما نشر فى صحيفة (أخبار اليوم) بتاريخ 20-12-2008، فقد شملت هذه التذاكر عدة بلدان مثل فيتنام وكمبوديا وإندونيسيا وماليزيا وسنغافورة والصين، فهل يمكن أن تكون لدينا الجرأة فى أن نعلن عن مسابقة عالمية، تدور أسئلتها حول مصر وتاريخها ويحصل الفائزون على تذاكر مجانية؟ على أن يتم التركيز على البلاد التى تمثل نسبة عالية فى أعداد زوارها لمصر. وبالتالى سنضرب عصفورين بحجر، الأول الترويج الجيد للسياحة المصرية، والثانى دخول أعداد من السياح غير التقليديين لمصر. وستكون هذه المسابقة، إذا ما أعد لها بشكل جيد، مفيدة جدا، خصوصا إذا كانت مسابقة ضخمة، وتبرز قيمتها وأهميتها من خلال الإعلان عن تقديم مليون تذكرة مجانية فى عام 2009، بحيث تتحول إلى احتفالية ضخمة يشارك فيها العديد من شركات الطيران والمحطات الفضائية وشركات الطيران المصرية والأجنبية، وتصبح بمثابة حملة كبرى تشارك فيها كل القطاعات المصريات. ونعتبر عام 2009 هو عام السياحة. ومن المهم أن نوقف وبشكل عاجل جميع الإعلانات التى تبث فى المحطات التليفزيونية العالمية وتحث السائح، خصوصا الأوروبى، على زيارة مصر لما فيها من طقس معتدل وشواطئ ومعالم، لأن السائح المهدد فى عمله أو المفصول لا يبحث عن الشمس الدافئة ولا تغريه الشواطئ ولا تجذبه المواقع التاريخية، إنما يضع جل همه فى حساب التكلفة، وعندما يرغب السائح فى قضاء بعض الوقت فى السياحة، فإنه يبحث عن أفضل البرامج وأقل الأسعار. وتعد المسابقات والترويج الجيد المرتكز على اعتدال التكاليف من أهم أدوات جذب أعداد كبيرة من السياح، لأن الطبقة الوسطى هى المستهدفة فى هذه الحالة، وإذا كنا نستهدف هذه الطبقة، فمن المهم أن نبرز مصر باعتبارها الأنسب من ناحية الإنفاق، والأفضل لهذه الطبقة المتأثرة بشكل كبير، بالأزمة المالية العالمية. وقد سبق أن طرحت هذه الفكرة من خلال برنامج الصباح الأشهر(صباح دريم) الذى تقدمه المذيعة اللماحة و المتفردة دينا عبدالرحمن، ويرأس تحريره الكاتب الصحفى محمد البرغوثى، ولاقت – هذه الفكرة - استحسانا عند بعض المشاهدين وحدثنى فيها أصدقاء وزملاء وأصحاب شركات سياحية، بما جعلنى أتيقن أن الفكرة يمكن أن تنجح فى ظل رغبة الجميع فى تجاوز هذه الأزمة. وربما تجد هذه الفكرة الصدى نفسه عند الحكومة خصوصا زهير جرانة وزير السياحة، الذى نأمل أن يرحب بالأفكار غير التقليدية، وأن يبحث عن حلول خلاقة ومبتكرة ليبقى السياحة المصرية عند معدلاتها المرتفعة، والتى وصلت إلى ثلاثة عشر مليون سائح فى عام 2008، وكان الرقم مرشحا للارتفاع لولا انفجار الأزمة المالية العالمية.