عندما بدأت إسرائيل هجماتها على قطاع غزة منذ أكثر من أسبوعين، قال الكثيرون إن مسؤولية التصعيد تقع على عاتق حركة «حماس»، التى أمطرت إسرائيل بوابل من الصواريخ فى السنوات الأخيرة، مما أسفر عن رد فعل عنيف أدى إلى مساواة مبان وقرى فى غزة بالأرض. وتقول صحيفة «ديلى تليجراف» فى إحدى افتتاحياتها إن إسرائيل قامت فى المقابل باستخدام «حقها الشرعى» فى الدفاع عن نفسها وتدمير القوة العسكرية ل«حماس». إلا أنه من الأهمية بمكان التأكيد على أن عملية من هذا النوع تعد غير مبررة أخلاقياً، وستأتى بنتائج عكسية. فالأزمة الإنسانية فى غزة تتزايد يوماً بعد يوم لدرجة تجعل وقف إطلاق النار فوراً ضرورة ملحة، بغض النظر عما إذا كانت إسرائيل قد حققت أهدافها العسكرية أم لا. ومن نافلة القول أن الحرب لابد أن توقع ضحايا من المدنيين، لكن موت المئات من الأشخاص - بمن فيهم العشرات من الأطفال - لا يمكن التغاضى عنه. فالقادة العسكريون الأمريكيون انتهكوا بشكل واضح التزاماتهم بموجب القانون الدولى بضمان أن تكون الخسائر فى أرواح المدنيين فى أدنى مستوياتها، فلا يمكن أن تمارس إسرائيل حقها فى حماية مدنييها فى الجنوب، بسفك دماء الأبرياء فى غزة. وبالنسبة لهؤلاء المتعاطفين مع إسرائيل ويتفهمون دوافع هجومها على غزة، أصبح من الصعب بشكل متزايد أن يراقبوا كارثة تتكشف أمام عيونهم بقدر من الاتزان، فإذا ما تجاهلت إسرائيل معاناة المدنيين الفلسطينيين، فإن ذلك سيعود بالنفع على أعدائها، لذا فعليها أن تسهل حركة إدخال ما يكفى من المواد الغذائية والأدوية لسكان غزة. ويمهد قرار مجلس الأمن الدولى التابع للأمم المتحدة رقم 1860، الذى تم تمريره الخميس قبل الماضى بامتناع عضو واحد- الولاياتالمتحدة- الطريق للمضى قدماً، فهو يقترح وقفاً فورياً لإطلاق النار، ويطالب إسرائيل بعدم إعاقة توفير وتوزيع مواد الإغاثة فى قطاع غزة، بما فيها الطعام والوقود والأدوية، كما يدعو أيضاً إلى سلام دائم على أساس المبادرة المصرية، بما يؤدى إلى تحقيق حل الدولتين الذى تعيش بموجبه فلسطين وإسرائيل جنباً إلى جنب مع حدود آمنة ومعترف بها. ويبدو أن إسرائيل متشككة فى تلك الصيغة، لأنها تتذكر أن قرار مجلس الأمن، الذى دعا لوقف إطلاق النار فى جنوب لبنان عام 2006، فشل فى الوفاء بوعود نزع سلاح حزب الله. ولكن إذا استمر قصف غزة طويلاً، فإن ذلك قد يضر بإسرائيل على المدى الطويل. وفى النهاية، يجب وضع حد للصراع سياسياً، فالحل العسكرى لن يستمر.