(1) الحرب التى من الضرورى أن نكسبها كل قواعد المهنة وحساباتها.. كان من المفترض أن تلزمنى بأن أبدأ بالكتابة عن القضايا الجماهيرية التى تهم الناس وتثير اهتمامهم وانتباههم.. الأهلى والزمالك واتحاد الكرة والألتراس وشوبير وأبو تريكة.. إلا أن ضميرى يمنعنى أن أسعى وراء ما يرضى الناس أو يثير فضولهم ناسيا ما يثير غضبهم ويوقظ مواجعهم.. وبالتالى كان لابد أن أبدأ بهذه الأسماء الثلاثة.. أيمن الكرد وشادى صباغى ووجيه مستحى.. فهم ثلاثة من لاعبى كرة القدم الفلسطينيين قتلتهم إسرائيل فى الأيام الثلاثة الماضية برصاصها وغاراتها وقنابلها ووحشيتها.. أيمن هو أحد لاعبى المنتخب الفلسطينى ونادى فلسطين الرياضى.. وشادى يلعب فى نادى خدمات النصرات.. ويلعب وجيه فى نادى الاتحاد فى غزة.. وبهؤلاء الشهداء الثلاثة.. وباستاد رفح الذى تم تدميره وأطفال أبرياء قتلتهم إسرائيل وهم يلعبون الكرة.. تكتمل أركان ومعالم جريمة إسرائيلية جديدة فى حق كرة القدم والرياضة.. جريمة بات من الضرورى إطلاع العالم كله عليها.. ولا أقصد الحكومات التى لا تقدر ولا تستطيع، ولا أقصد الإعلام الذى لا يرى ولا يسمع.. وإنما أقصد جماهير الكرة فى كل مكان.. وكل نجومها الكبار الذين باتت تستوقفهم مشاهد الدم فى غزة وبدأوا يلتفتون لما يجرى هناك رافضين السكوت عاجزين عن الاقتناع بأى حق لإسرائيل فى أن تقتل ولو طفلاً فلسطينياً واحداً.. ولا أزال أتخيل أن جريمة إسرائيل فى حق كرة القدم والرياضة الفلسطينية هى الحرب التى لم نفكر حتى الآن فى خوضها مع أنها الحرب الوحيدة التى من المؤكد أننا سوف نكسبها.. لا أزال أتخيلنا، كمصريين وعرب نجتمع ونتفق، ولو لمرة واحدة، على خوض هذه الحرب بكل ما نملكه من إعلام وفكر وخيال وإبداع وإمكانات لنصل إلى كل نجم كرة وكل ملعب وكل جمهور فى كل مدينة فى أوروبا والعالم.. لا أزال أتصور جيشاً عرباً كروياً واحداً يضم الجميع.. بداية من قناة الجزيرة وكل فضائيات العرب وشاشاتهم وحتى أصغر مدون أو شاب أو فتاة أمام شاشة كمبيوتر مرورا بكل صحفنا ومجلاتنا ولاعبينا ونجومنا وكتابنا ومصورينا ورسامينا وجماهيرنا.. وقد قرر هذا الجيش أن يواجه إسرائيل فى كل ملعب وفى كل مباراة حتى يصل صوت أصغر طفل فلسطينى فى غزة إلى العالم كله.. وبدلا من كانوتيه الذى أعلن تأييده وتضامنه.. يصبح لدينا فى كل يوم كانوتيه جديد.. وبدلا من كاكا الذى أعلن تفهمه وتعاطفه.. يصبح لدينا ألف لاعب وألف نجم ووراءهم ألف جمهور يعلنون تعاطفهم مع غزة ويجبرون صحافتهم وشاشاتهم على نقل تعاطفهم إلى كل حكوماتهم ومسئوليهم.. وإلى ال«فيفا» والاتحاد الأوروبى وكل الهيئات والمؤسسات الكروية والسياسية والإعلامية.. حرب لابد أن نخوضها ولابد أن نكسبها.. وانتصار لابد منه لتأتى بعده انتصارات أخرى أكبر وأهم لابد منها حتى لا نخرج من التاريخ منفيين ومطرودين ومغضوباً علينا من أيامنا ومن أنفسنا ومن أولادنا الذين سيكبرون يوما ويلعنون ضعفنا وعجزنا وخوفنا وانكسارنا وقلة حيلتنا (2) الألتراس.. أخطاء واتهامات وجرائم وأكاذيب أخيراً.. اعترف قادة ألتراس الأهلى بمخاطر الصواريخ التى كانوا يشعلونها فى المدرجات أثناء مباريات الأهلى مع مختلف الفرق.. وتعهدوا بعدم استخدامها مستقبلا خشية أن تؤدى إلى كوارث ومصائب لن تتحملها ملاعب الكرة المصرية بكل ما بات يسكنها من شغب وقلق وتوتر ومخاوف وكراهية.. وكل ما أرجوه هو ألا يكون هذا الاعتراف وهذا التعهد مجرد إحناءة للرأس حتى تعبر عاصفة الغضب الأمنى والإعلامى بعد كل هذا الذى جرى فى استاد الإسماعيلية يوم لعب الأهلى هناك مباراته الأخيرة.. وإنما أتمنى أن يكون إدراكا حقيقيا بمخاطر هائلة سوف تتسبب فيها، قطعا، مثل هذه الصواريخ لو بدأ مسارها يشهد تحولا جذريا فتصبح غايتها هى الجماهير المنافسة مما قد ينجم عن ذلك من حوادث حرق وقتل وتعذيب وخراب ليست مصر فى حاجة إليه ولن يطيق فواتيره أى أحد منا.. أرجو أيضا أن يكون هذا هو نفس موقف بقية تنظيمات الألتراس الخاصة ببقية الأندية مثل الزمالك والإسماعيلى.. إذ إن كلمة ألتراس فى الشارع المصرى الآن باتت لا تعنى إلا المتطرفين من جماهير النادى الأهلى.. وهو ظلم لجماهير الأهلى وللألتراس الأهلاوى أيضا.. وفى حقيقة الأمر.. فاض ملف الألتراس فى مصر.. بكثير من التوتر والمخاوف والمغالطات والأخطاء والأكاذيب أيضا.. وسواء كان بالغفلة أو العمد.. بحسن النوايا والمقاصد أو لتصفية حسابات ومصالح شخصية.. فقد اختلطت أوراق كثيرة.. وبات من الممكن الدفاع عن جرائم وتجاوزات فى ملاعب الكرة بقصد الهجوم على آخرين وتحقيق أهداف أخرى غير معلنة.. وبات من الممكن فى أسبوع واحد انتقاد الأمن بعد التجاوزات، التى شهدها استاد الإسماعيلية ثم مهاجمته فى ضراوة نتيجة إجراءاته الاحترازية، التى خرجت بمباراة الأهلى والزمالك فى استاد القاهرة إلى بر الأمان دون حروب وضحايا وكوارث.. ولم يعد هناك من يصغى لمن يهاجم الألتراس ليعرف لماذا الهجوم وما مبرراته.. ولا عاد هناك من يصغى لمن يدافع عن الألتراس ليعرف حقيقة الألتراس ودوافعهم ومشاعرهم.. أصبحنا لا نهتم إلا بمن يتكلم.. اسمه وشكله وملامحه ودوافعه.. ولكن دون أن يصغى أحد لكلمة واحدة مما يقال سواء ضد أو مع الألتراس.. وهكذا ستموت القضية وتغيب الحقيقة وكل ذلك من أجل أن تبقى الخناقة مستمرة.. والمكاسب الإعلامية دائمة.. والتسويق الإعلامى يبقى دائراً ومشتعلاً ورابحاً أيضاً (3) الإسماعيلية ليست «حماس» والأهلى ليس إسرائيل لا أحد يستطيع أن ينكر كل ما لأبناء الإسماعيلية وجماهيرها من حقوق غائبة وضائعة.. ولكن لا أحد فى المقابل يريد المغامرة بأن يواجه نفس هؤلاء الأبناء والجماهير بأخطائهم أو خطاياهم.. وما أكثر الحقوق الضائعة فى الإسماعيلية، وما أكثر الخطايا والجرائم أيضا.. ولا تفسير عندى لكل هذا الذى يجرى إلا غياب العدالة والمساواة فى حياتنا الكروية بشكل عام.. ومنذ زمن طويل جدا.. فأبناء الإسماعيلية من حقهم أن يغضبوا حين يرون اتحاد الكرة وإعلام الكرة يتعاملان مع كل مباراة أفريقية للأهلى على أنها مهمة قومية ووطنية.. وأن التسعين دقيقة التى سيلعبها الأهلى فى أفريقيا هى فى الحقيقة امتداد مؤجل لحرب أكتوبر عام 1973.. من أجلها ممكن جدا التجاوز عن كل وأى شىء ويجوز تكسير كل القوانين والنظم واللوائح.. بينما حين يلعب الإسماعيلى فى نفس القارة والمسابقة.. فهو أمر لا يخص إلا الإسماعيلية وحدها وأبناءها.. وعندها تصبح القوانين والمواعيد فى منتهى الشراسة بحيث لا يمكن الاقتراب منها أو المساس بها.. وأيضا أبناء الأهلى من حقهم أن يثوروا ويغضبوا، وهم يرون الأمن والإعلام وقد انتفضا ثورة وغضباً بعد تجاوزات جمهور الأهلى فى استاد الإسماعيلية، وتتم معاملة كثير من أبناء الأهلى بمنتهى القسوة والحزم.. بينما تجاوزات أبناء الإسماعيلية.. فى نفس اليوم ونفس الملعب.. وعلى الرغم من أنها كانت تجاوزات أخطر وأفدح وأقبح.. إلا أن الأمن والإعلام تعاملا مع أبناء الإسماعيلية بكل ما يقدران عليه من وداعة ونعومة وتدليل.. وليس غياب العدالة والمساواة هو السبب الوحيد لكل هذا التوتر الحاصل والدائم.. وإنما هو الخلط المتعمد والدائم أيضا فى كل أوراق اللعبة.. بحيث أصبح هناك من يمنح الإسماعيلى الحق فى بيع لاعبيه ولكن بشرط ألا يكون من حق الأهلى شراؤهم.. وبحيث يجوز أن ينضم لاعبو الأهلى للإسماعيلى بمنطق الاحتراف وقواعده ولكن حين ينتقل لاعب من الإسماعيلى للأهلى يصبح ذلك جريمة، ويتم تصوير القاهرة وقتها بمدينة السلطة الغاشمة والقاسية والمجرمة التى تسرق من الإسماعيلية أجمل أولادها.. ومن هذا الخلط كان حديث رئيس النادى الإسماعيلى حين قال أمامى إنه لا يمكن مقارنة صواريخ جماهير الإسماعيلى بصواريخ جمهور الأهلى.. وقال إن صواريخ الإسماعيلية كانت قليلة العدد والحيلة مثل صواريخ حماس.. بينما صواريخ الأهلى كانت قاسية ومدمرة ومهينة مثل صواريخ إسرائيل.. فإذا كان هذا هو تصور رئيس النادى الإسماعيلى، وهذه هى رؤيته للفارق بين الإسماعيلى والأهلى.. فما الذى يمكن توقعه من بقية الناس فى الشوارع والمقاهى.. وما جرائم التى ارتكبها الأهلى ليصبح هو إسرائيل.. وما كل هذا الخلط وسذاجة الفكر والتصور ولغة الخطاب، التى تنهى أى حوار ولا تسمح إلا بمزيد من الدم والعنف والكراهية.. وأمام إدارة بهذا الفكر بات من المنطقى أن يجرى التفكير الجاد فى محاولة تدبير السبعة ملايين جنيه لشراء عصام الحضرى نكاية فى جمهور الأهلى وبصرف النظر عما إذا كان الإسماعيلى يحتاج للحضرى أم لا.. أى أن الإسماعيلى لو امتلك هذه الملايين، فلن ينفقها لتطوير فريق ينافس على الدورى وبطولة أفريقيا.. ولكنه على استعداد لأن ينفقها فقط ليثير غيظ وغضب بعض جماهير الأهلى (4) لجنتهم الأوليمبية واتحاداتنا الرياضية جريدة ال«نيويورك تايمز».. نشرت تحقيقا مطولاً نقلته عنها الهيرالد تريبيون عن الأزمة المالية التى تواجهها اللجنة الأوليمبية الأمريكية بعد فشلها المؤقت فى البحث عن رعاة جدد.. وتمنيت لو أن عندنا فى مصر هذا الاختراع العبقرى الجميل المسمى باللجنة الأوليمبية لأدعو رئيس وأعضاء هذه اللجنة لمتابعة ما ستقوم به اللجنة الأوليمبية الأمريكية من أجل تدبير مواردها وتغطية احتياجاتها المالية استعدادا لدورة لندن المقبلة.. لأن ما عندنا فى مصر لا يمكن أن يرقى ليصبح لجنة أوليمبية.. إنما هم مجموعة من الباحثين عن دور أو فرصة أو شهرة ومجموعة من غواة السفر والسياحة الرياضية.. وفريق ثالث قرر أن يدافع عن مكاسبه ومقاعده حتى لو كانت مصر كلها هى الثمن.. ولا أزال أتمنى أن يقرأ المهندس حسن صقر هذا التحقيق ليتأكد بنفسه أن اللجنة الأوليمبية الأمريكية تواجه محنة حقيقية ورغم ذلك لم ينعقد أى اجتماع فى البيت الأبيض ولم تبادر الحكومة الأمريكية بالتدخل والإعلان عن مشروع حكومى أمريكى للبطل الأوليمبى.. أما اتحاداتنا الرياضية، التى من المفترض أن تتشكل منها اللجنة الأوليمبية المزعومة.. فهى مشغولة بقضايا أخرى أهم وأعمق وأجدى.. ففى اتحاد ألعاب القوى.. قامت مشاجرة بالأيدى أثناء اجتماع رسمى بسبب الخلاف على أكلة كباب وكفتة.. وفى اتحاد الكرة الطائرة تزوير فاضح وواضح فى شهادات وأوراق من أجل احتفاظ مدير الاتحاد بمنصبه.. وفى اتحاد التنس لا هم ولا شغل للسيدة رئيسة الاتحاد إلا محاربة إسماعيل الشافعى بكل السبل.. وفى اتحاد كرة القدم مجاملات ورشاوى وفساد فى صفوف الحكام.. وتزوير أيضا فى عقود اللاعبين وارجعوا لمنطقة السويس وفتشوا فى أوراق وعقود اللاعبين الذين يلعبون فى سيناء (5) ملاحظات ليست عابرة حاتم زهران.. لاعب كرة اليد بالنادى الأهلى.. اتهمته إدارة النادى بتعاطى المخدرات.. وأثبتت التحاليل براءته.. وأقام والد اللاعب دعوى قضائية ضد النادى.. وتجمدت المشكلة عند هذا الحد.. لا النادى يريد ترك اللاعب لينتقل لناد آخر.. ولا الأب يريد التنازل عن قضيته.. ولا اللاعب يجد فرصة لممارسة لعبة أحبها وتفوق فيها وثبتت براءته من تعاطى المخدرات.. واتحاد كرة اليد يبدو أنه لا يريد التدخل فى قضية شائكة ويكفيه أشواك اختيار البعثة الإعلامية المسافرة إلى كرواتيا. هوكى الشرقية.. سيلعب بعد أيام فى كأس العالم للأندية.. ولا يجد ما يحتاجه من دعم مادى وإعلامى قبل السفر إلى إسبانيا حيث تقام البطولة هناك.. وعلى الرغم من اعتزازى الشخصى والمهنى بهذا الفريق الذى أنتمى معه إلى مدينة واحدة اسمها الزقازيق أراها أغلى وأهم وأجمل مدينة فى العالم.. فإننى أتمنى أن يقرر محسن شاهين رئيس نادى الشرقية الاعتذار عن عدم المشاركة فى هذه البطولة تاركا هذا الشرف لمن يستحقه من أبناء السلطة والجاه والقوة وليس الفلاحين الغلابة الذين لا يملكون إلا الأحلام والكبرياء. أن تقرر مؤسسة بنك مصر لتنمية وخدمة المجتمع بالتعاون مع رابطة المرأة العربية البدء فى تنمية وتطوير قرية بيشة عامر بمحافظة الشرقية سواء فى المجالات الصحية أو الرياضية أو الاجتماعية.. ورغم ذلك تضطر مؤسسة بنك مصر للحديث عن مشروعها الضخم فى إعلانات مدفوعة الأجر بالصحف.. فهذا لا يعنى إلا أن الصحافة والإعلام الرياضى كله ليس ملتزما بأحد أهم واجباته.. أو أن الأمر ليس مشروعا حقيقيا ولا تطويرا وإنما هو حفل عشاء أنيق وصور لكبار مسئولى بنك مصر وهدى بدران يجرى نشرها فى صورة إعلانات. [email protected]