نجحت السياسة المصرية فى خطواتها بشأن ما يحدث فى قطاع غزة، بينما فشل الإعلام فى شرح وتوضيح هذا النجاح للمواطنين سواء فى مصر أو فى الدول العربية. يبذل الرئيس مبارك ومن معه جهودا كبيرة لوقف العدوان وتخفيف أثر المأساة على أهل القطاع فى الوقت الذى لم يستطع الإعلام الرسمى مواكبة هذه الجهود والتعبير عنها بالشكل الحقيقى. أتحدث عن الإعلام الرسمى للدولة الذى له دور أساسى وهو تنفيذ خطط إعلامية تخدم أهداف الدولة كدولة، هذا الإعلام الذى يجب أن يقوم عليه محترفون يدركون طبيعة دورهم، وتكون لديهم القدرة على الإبداع والتحرك بمرونة من خلال استراتيجية إعلامية تتراكم وتتعمق مفاهيمها على المدى الطويل، بينما تكون قادرة من خلال برامج مرنة على مواكبة الأحداث والتعامل معها فوريا بما يحافظ على المصالح العليا للدولة. لقد استطاعت بعض أجهزة الإعلام العربية البسيطة أن تتلاعب بالجماهير ومشاعرها، مدركة أن الجماهير لا تتوقف للدراسة أو التفكير، فهى تنتقل من النقيض إلى النقيض بسرعة تحت تأثير التحريض الإعلامى المتدفق عليها من بضع قنوات ممولة جيدا من الناحية المالية ومدعمة جيدا بالكوادر المستوردة من دول عربية أخرى، وفى النهاية تجتمع عناصر النجاح الإعلامى لها بغض النظر عن رأينا فى مضمون ما تبثه، فأصحابها لهم مصالح وأهداف ضد مصر جاءت الفرصة مرتبطة بضرب غزة لكى يستغل الموقف للتأثير على دور مصر إقليميا وعربيا. سعى الإعلام العربى فى بعض الدول إلى التلاعب بالجماهير، بينما لم ينجح إعلامنا فى نشر الصورة الحقيقية للدور المصرى تجاه فلسطينوغزة منذ أكثر من 60 عاما، لم يستطع إعلامنا أن يظهر دور الرئيس مبارك كقائد حقيقى يحمى أمته ويصونها، ليس فقط بعد الانجراف إلى غوغائية الجماهير المتلاعب بها، والتى نسيت كل ما قامت به مصر واندفعت تهاجم سفاراتها، ولكن أيضا كزعيم وطنى لم يتوان فى كل الأوقات فى مساندة أهل غزةوالفلسطينيين بشكل عام، ودعونا نشير إلى مسألة واحدة فقط وهى مسألة المعابر، والحقيقة أنه معبر واحد مخصص للأفراد، هذا المعبر مفتوح دائما ومنه تدخل السلع الغذائية والمعونات وكل ما يحتاجه الغزاويون، ولكن هناك أيضا مسألة الأنفاق بين البلدين، هذه الأنفاق يبلغ عددها حوالى ألف نفق، اتهمت مصر بسببها من أمريكا وإسرائيل بأنها تغض البصر عنها، بينما هذه الأنفاق تمثل خطرا كبيرا على إسرائيل حيث يتم من خلالها تهريب السلاح والمخدرات والأموال وكل ما تريده حماس على الجانب الآخر، وكانت هذه الأنفاق سبب ضغط أمريكى إسرائيلى على مصر، بينما كان الرئيس مبارك يكرر أن الأنفاق لها مدخلان أحدهما فى مصر والآخر على الجانب الآخر من الحدود، ولذلك فإذا كانت إسرائيل تتهم مصر بالسماح بوجود الأنفاق فيمكنها أن تغلقها من الجانب الآخر. وكما قلت يبلغ عدد هذه الأنفاق حوالى ألف نفق، فكم نفقا أغلقته مصر؟! لو حللنا أسباب تردى واقعنا الإعلامى بالمقارنة بيننا وبين الإعلام فى دول عربية صغيرة لم تعرفه إلا منذ سنوات قليلة، لوجدنا أن الفارق الأساسى فى الكادر الإعلامى المحترف، فى العنصر البشرى، فهذا العنصر لدينا هو نقطة الضعف، لذلك أستنكر تماماً أن تتألق السياسة وتتعاظم الجهود المصرية، بينما لا تعكس مرآة الإعلام، شاملة الصحافة، ولو نسبة معقولة من هذا النجاح والتألق.