على الرغم من أن القوات الإسرائيلية استهدفت مئات الأهداف فى قطاع غزة، إلا أنها لم تتمكن من تدمير القدرة القتالية لحركة المقاومة الإسلامية «حماس» التى واصلت إطلاق صواريخها على البلدات والمدن الإسرائيلية، ودخل كلا الجانبين المعركة ولديه مفهوم خاص بشأن تحقيق النصر على الطرف الآخر رغم أن هذا المفهوم يشوبه كثير من الغموض مع استمرار المعارك البرية فى القطاع. قالت صحيفة «كريستيان ساينس مونيتورز» إنه بعد أسبوع من الهجوم الجوى على حماس، قامت القوات البرية بغزو قطاع غزة فى محاولة لوقف المسلحين الإسلاميين من مواصلة إطلاق الصواريخ، ولكن طبيعة النصر الذى يسعى إليه الطرفان لا تزال يشوبها الغموض، حيث أعلنت القوات الإسرائيلية أن الهدف من العملية البرية هو تقليل مواقع إطلاق الصواريخ وتدمير مخازن الأسلحة ودفع المسلحين للاختباء فى المناطق المأهولة فى القطاع. ولكن هل سيكون من الأمور المرضية وقف إطلاق الصواريخ إن دمرت القوات الإسرائيلية مئات الأنفاق التى تستخدم فى تعزيز قوة حماس عبر تهريب الأسلحة من مصر إلى القطاع. ويقول بعض الخبراء إن إسرائيل تريد فرض اتفاق شامل لوقف إطلاق النار مع حماس يشتمل على نشر قوات حفظ سلام دولية فى القطاع، أو تدمير الحركة بشكل كلى. وعلى الجانب الآخر، فإن البقاء والاستمرار ربما يكون نصرا، حيث ستتعاظم شعبيتها فى العالم العربى إن صمدت فى مواجهة أعتى قوة إقليمية. وقال إيتان عزانى الكولونيل السابق فى الجيش الإسرائيلى «إن أحد أهم الأمور فى الصراع بين الدول والفاعلين من غير الدول هو ما تعنيه كلمة النصر، فالعديد من أفراد حماس يقتلون، وقد انهارت غالبية قدرات الحركة العملياتية، ولكن مما لا شك فيه، أننا فى موقف شديد التعقيد». وخلال الحرب الإسرائيلية على لبنان فى 2006، لم يظهر حزب الله فقط للعالم أنه قادر على البقاء فى مواجهة القوة الإسرائيلية، ولكنه أثبت قدرته على مواجهتها فى ميدان المعركة، وأعلن بعد 34 يوما من الحرب أنه حقق «نصرا إلهيا». وبالنسبة لحماس، فإنها نجحت فى استثارة التعاطف المحلى والإقليمى خلال الأسبوع الأول من القصف الإسرائيلى، ولكن مع استمرار القتال، فإن الحركة تخاطر بأنها قد ترى قواتها القتالية تتراجع بحدة. وقال نيكولا بيلهام المحلل فى مجموعة الأزمات الدولية «إنه ربما يوجد اتجاه لزعزعة سيطرة الحركة على القطاع، على الرغم من أنها لا تزال القوة الوحيد هناك دون منازع». وأشارت الصحيفة إلى بعد مهم، وهو أنه مع تواصل العمليات الحربية، حذرت منظمات حقوق الإنسان من تفاقم الأزمة الإنسانية فى القطاع، حيث تعانى المراكز الصحية ومستشفى الشفاء من الأدوية والمعدات الصحية مع انقطاع التيار الكهربائى، كما أن أكثر من ثلث سكان غزة يعيشون دون مياه، وتتسرب مياه الصرف الصحى فى شوارع القطاع. وجاء الهجوم البري مستبقا الجهود الدولية من أجل الوساطة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار والذى يعتقد أنه يمثل الحل الوحيد لإنهاء القتال بين الطرفين. وبينما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلى المستقيل إيهود أولمرت أن العملية البرية هى جزء من المواجهة الشاملة لتحقيق هدف إسرائيل بتغيير الواقع الأمنى، إلا أنه بعد أن قصفت إسرائيل مئات الأهداف فى غزة فإنه لا يبدو أن الهجوم أضعف بقوة من قدرة كتائب عز الدين القسام الجناح العسكرى لحماس. وقال شلومو برومو الرئيس السابق لقسم التخطيط فى الجيش الإسرائيلى «إن الخطورة الأكبر تتمثل فى أن إسرائيل ربما تتجه لاحتلال قطاع غزة برمته، فإن لم تتعرض قواتنا سوى لخسائر محدودة جدا من تلك العملية، سيؤدى ذلك بالبعض إلى التساؤل «لماذا لا نطيح بحماس؟». ورغم الهجوم، واصل المسلحون الفلسطينيون إطلاق مئات الصواريخ على جنوب إسرائيل مما أدى لمقتل 4 إسرائيليين، وحذرت القسام من أنها ستوقع جنوداً إسرائيليين فى الأسر، مشددة على أن العدو الصهيوني سيفاجأ وسيندم على القيام بمثل تلك العملية البرية التى ستكلفه ثمنا غاليا. وركزت الهجمات الإسرائيلية على غزة على تدمير الأنفاق التى تعتبر وسيلة لتهريب الصواريخ والسلع الاستهلاكية لداخل القطاع، على اعتبار أن القضاء على حرية انتقال الأسلحة على حدود القطاع هو أحد الأهداف الرئيسية للعمليات البرية بحسب ما يؤكد المحللون، ولكن لا يزال من غير المؤكد من الذى سيراقب إغلاق تلك الأنفاق بعد خروج القوات الإسرائيلية. واستخدمت القوات الإسرائيلية قنابل عنقودية فى تدمير العديد من الأنفاق على طول الحدود المصرية مع قطاع غزة، وأوضح مسؤول إسرائيلى كبير أن مسألة إعادة تسليح حماس أمر مهم، نريد منع الحركة من إعادة تسليح نفسها مثلما حدث مع حزب الله، بينما أسفر القصف الإسرائيلى عن نزوح العديد من العائلات وتدمير المئات من المنازل، وحذر العديد من الفلسطينيين من أن غالبية القتلى من المدنيين يتم استهدافهم بطريق الخطأ، بينما يرى بعضهم أنهم قد يكونون هدفا للقتل الخطأ فى المرات المقبلة.