قبل أسابيع من مهاجمة إسرائيل لحركة حماس فى قطاع غزة ، كان كبار المسؤولين يحسبون أنهم اشتروا لأنفسهم وقتا أطول للقيام بمهمة التدمير فى قطاع غزة. ولكن هناك عاملين يمكن أن يوقفا عقارب تلك الساعة الإسرائيلية: الأول هو إسقاط القذائف على المخيمات المكتظة بالمدنيين، وتكرار قصف مجمعات الأممالمتحدة كما حدث فى قانا بلبنان عام 1996، عندما لقى أكثر من 100 شخص حتفهم. أما العامل الآخر فهو الغضب الدولى الذى سيثيره هذا القصف الإسرائيلى، وهذا الرعب الذى عايشه المدنيون فى قانا وكان ماثلا أمس فى غزة. لقد انفجرت 3 قذائف خارج مدرسة تابعة للأمم المتحدة فى مخيم جباليا للاجئين، والتى لجأ إليها أكثر من 300 فلسطينى ظنوا أنها ستكون مأوى لهم من الغارات الإسرائيلية، وأدى ذلك القصف إلى مقتل 40 فلسطينيا وأصيب 55 آخرون. والسؤال هو: هل بإمكان المجتمع الدولى إعادة الوقت ووقف الهجوم الإسرائيلى؟! ليس هناك شك فى أنه بإمكان المجتمع الدولى ذلك، فهو ليس عاجزا، فإسرائيل تستخدم الأسلحة الأمريكية والأوروبية فى قطاع غزة.. ورغم أنهما أعضاء فى اللجنة الرباعية الدولية للوساطة فى الشرق الأوسط، فإن كلا من الاتحاد الأوروبى والأممالمتحدة دعما سياسة إسرائيل لعزل حماس. كما أنفق الاتحاد الأوروبى الأموال على تحسين أجهزة الأمن التى تستخدمها حركة فتح للقضاء على حماس فى الضفة الغربية. إذا كان أى من هذين اللاعبين قرر إعادة النظر فى سياساته، فإن إسرائيل ستشعر بتكلفة أعلى بكثير من خسارة جنودها. وإذا كانت إسرائيل تقول إن حملتها الدبلوماسية العدوانية تهدف لتليين الرأى العام العالمى، فيما تشن هجومها المفاجئ على قطاع غزة والذى دخل أسبوعه الثانى، فإنه، وبالمنطق نفسه، سيكون هناك شىء لتخشى من استمرار تحدى الدعوات للوقف الفورى لإطلاق النار. وهذا الشىء هو الخوف من انقسام أعضاء اللجنة الرباعية، وهو واضح فى موقف بريطانيا التى دعت إلى وقف فورى وغير مشروط لوقف إطلاق النار، فى حين واصلت أمريكا تلكؤها فى تلك الدعوة، وقالت إنها تريد التوصل لاتفاق تهدئة «دائم ومستديم». وإذا كان المجتمع الدولى بدأ يدب به الانشقاق، فإن هذا يعرض للخطر أكثر من عملية فى غزة. وكوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية، المنتهية ولايتها، ينبغى أن تسأل نفسها: ما هدف إسرائيل الحال، هل هو استئصال حركة حماس من قطاع غزة وفرض حركة فتح عليه بدلا منها؟ فمثل هذه المغامرة ستكون خطرة وستوجه ضربة للمصالحة الفلسطينية، ولجهود حماس التى أوقفت زحف الجماعات السلفية الجهادية، مثل جماعة جيش الإسلام التى كانت تقودها عائلة دغمش وتنظيم فتح الإسلام، الذى يتحد مع تنظيم القاعدة. ولكن إذا كانت العملية العسكرية الإسرائيلية تهدف لاستنزاف حماس، فإنه على إسرائيل وقف تدمير البنية التحتية للقطاع والسماح للعمليات الإغاثية والتوصل لاتفاق سلام دائم. ورايس لها ذكريات سيئة مع العملية العسكرية الإسرائيلية فى لبنان عام 2006، عندما قاومت دعوات وقف إطلاق النار دون معرفة ما هى نهاية اللعبة الإسرائيلية. والخطوط العريضة لاتفاق إطلاق النار، أصبحت واضحة، ولكنها معقدة، وهى تتضمن وجود قوات دولية تدير حدود رفح مع مصر، ومحاولة وقف عمليات تهريب الأسلحة. ومجموعة معالجة الأزمات الدولية أضافت عنصرًا آخر بالدعوة لإرسال قوة متعددة الجنسيات فى غزة. ولكن مع كل يوم، فإن الثمن السياسى لوقف إطلاق النار سيرتفع على كل الجهات، فالسياسيون الإسرائيليون يواجهون الانتخابات، وقادة حماس أيضا. كما أن الاستنتاج العقلانى أن الأولوية الأولى هى وقف فورى لإطلاق النار، ثم التفاوض بشأن من سيحرس الحدود. إذا كانت إسرائيل تصر على موقفها وتتجاهل ذلك، فينبغى على الفور أن يعلق الاتحاد الأوروبى تسليحه لإسرئيل وذلك وفق ما اقترحه نيك كليج، وزعيم حزب الأحرار الديمقراطيين البريطاني. فإسرائيل ليس لديها تفويض مطلق لتدمير غزة، والمصالحة الفلسطينية والدولة الفلسطينية المرتقبة.