كلما جلست فى المنزل فى إجازة أقلّب أزرار الريموت فى يدى، بحثاً عن مسرحية أو فيلم كوميدى أقتنص منه ضحكة من القلب. يكون النصيب الأكبر من المشاهدة لزعيم الكوميديا فى مصر والوطن العربى عادل إمام، فبخلاف أكثر من ثلاثين عاماً قضاها متربعاً على عرش الكوميديا، هناك عشرات الأفلام والمسرحيات التى شارك فيها بأدوار صغيرة، وكان - ولايزال - مجرد ظهوره مصدراً للضحكة التى تخرج من القلب، والتى تجعلك تنسى همومك وأنت تشاهده، وعلى الرغم من أننى ضد المقارنات بين النجوم، لأن كل نجم له عشاقه ومحبيه، فإننى أستطيع أن أقول إن عادل إمام استطاع أن يحفر لنفسه من خلال أعماله مكانة متميزة فى قلوب الملايين فى شتى أنحاء الوطن العربى. مثلما فعلت الراحلة العظيمة السيدة أم كلثوم. والحقيقة أننى لست ناقداً فنيا، لكن سبب الحديث عن عادل إمام أننى أرى أنه يستحق أن ينال جائزة من نقابة الأطباء لأنه أقوى تأثيراً على المناعة من كثير مما يكتبه كثير من الأطباء لمرضاهم، وهو أيضاً مدخل للتحدث عن الضحك والمرح وتأثيرهما على مناعة الإنسان، فلو استطعت فى بداية العام الجديد أن تقتنص ضحكة - حتى لو كانت من غير سبب أو بدون هدف – وحتى لو كنت فى عز أزماتك، فأنت تفعل الكثير من أجل صحتك ومناعتك، فالضحك له فعل السحر فى مواجهة المواقف الصعبة والأزمات النفسية والعصبية فى الحياة، وقد يتساءل القارئ : من أين نأتى بالضحك فى ظل هذه الظروف الصعبة، والحروب والمجازر والجرائم التى نراها على شاشات التليفزيون، والمعاناة الاقتصادية والغلاء والكساد والامتحانات، وغيرها من الظروف التى تصيب الإنسان بالاكتئاب ولا تدعو للضحك؟ كيف يمكن أن نواجه هذا التوتر العصبى المستمر فى كل صغيرة وكبيرة من حياتنا اليومية المليئة بالهموم والمشاكل؟ ومن أين نأتى بالضحك فى زمن عز فيه الضحك والابتسام والفرح؟ والحقيقة أن هذه الأسئلة منطقية جداً ومشروعة، ولهؤلاء نقول لهم اعتبروا الضحك دواء يومياً ينبغى تناوله مكتوباً فى نشرته الداخلية ماذا يفعل الضحك بالمناعة؟ لقد أثبتت أحدث الأبحاث العلمية أن الضحك والمرح يقللان من إفراز هرمونات الكوتيزول والأدرينالين وغيرها من هرمونات الانفعالات الهدامة، التى لها تأثير سلبى على جهاز المناعة، وينشطان إفراز الخلايا الليمفاوية التائية المساعدة Th، التى تعتبر مايسترو الجهاز المناعى، والتى يهاجمها فيروس الإيدز ويقضى عليها فى حالة العدوى به، كما أن الضحك ينشط نوعاً من الخلايا المهمة فى جهاز المناعة تسمى الخلايا القاتلة الطبيعية NK Cells، وهى الخلايا المسؤولة عن التصدى للفيروسات والخلايا السرطانية التى تنقسم انقساماً عشوائياً غير طبيعى وتقضى عليها فى مهدها، وبالتالى فهو فى غاية الأهمية للتصدى للأورام السرطانية والقضاء عليها وعلاجها، وقد خرج هذا البحث من أكثر من جامعة محترمة منها جامعة هارفارد الأمريكية وجامعة لوماليندا وغيرهما. ولأن اللعاب والأغشية المخاطية فى الفم والأنف تعد خط الدفاع الأول الذى يخترقه أى ميكروب قبل دخوله إلى الجهاز التنفسى، فقد أجريت عدة تجارب فى كلية الطب بجامعة أوهايو بالولايات المتحدة، لمعرفة تأثير الانفعالات والتوتر على الأجسام المضادة الموجودة فى اللعاب والأغشية المخاطية، فى مقابل تأثير الضحك والمرح على هذه القذائف المدفعية التى تقف على بوابة الجسم والجهاز التنفسى والهضمى، وتبين أن الانفعالات والتوتر والاكتئاب تقلل من مستوى الأجسام المضادة I9A الموجودة فى اللعاب، وأن الضحك والفرفشة بعد مشاهدة شرائط من الأفلام والمسرحيات الكوميدية، قد رفعا من مستوى هذه الأجسام المضادة بصورة واضحة من خلال التحاليل التى أجريت لهم. وفوائد المرح والتفاؤل لا تقتصر على الكبار، بل يمتد مفعولها إلى الصغار أيضاً، فقد أثبت فريق من الباحثين اليابانيين أن الضحك هو أفضل وسيلة لكى تحمى الأم طفلها من الإصابة بالإكزيما، وكان هذا الفريق من الباحثين اليابانيين قد توصل إلى أن الأم التى تقوم بإرضاع طفلها وهى فى حالة من السعادة والفرح تحمى ابنها من الإصابة بالإكزيما، لذا ينصح هؤلاء الباحثون الأم بأن تشاهد قبل الرضاعة أحد الافلام ذات الطابع الكوميدى، وقد أرجع الباحثون اليابانيون السبب فى ذلك إلى أن الضحك يفرز مواد مضادة للحساسية فى اللبن الطبيعى للأم. وفى دراسة فى جامعة شيكاغو، انتهت الدراسة إلى أن الضحك والمرح يمكن أن يزيدا عمر الإنسان 8 سنوات عن الإنسان العبوس والمكتئب. وأخيراً فقد قررت 500 شركة من كبرى الشركات الأمريكية مثل: آى بى إم، فورد، كوداك، جنرال إليكتريك ولوكهيد وغيرها، أن تتبنى برنامجا للمرح والضحك داخل أماكن العمل، وفى أوقات الراحة والإجازات، لكى يضمنوا أن تصل هذه الجرعة المهمة للموظفين والعاملين فى هذه الشركات، من أجل أن ينعكس ذلك على أدائهم وعلى زيادة الإنتاج. [email protected]