فى الوقت الذى اعترفت فيه الحكومة ووزراؤها من المجموعة الاقتصادية، بأن الاقتصاد الحقيقى بدأ فى التأثر سلباً بتداعيات الأزمة المالية العالمية، وتمثل هذا التأثر فى تراجع عائدات عدة قطاعات، منها السياحة وقناة السويس وتحويلات المصريين من الخارج، خاصة دول الخليج - فإن توقعات الصحافة الاقتصادية والمؤسسات الكبرى للاقتصاد المصرى فى 2009 حملت بين طياتها مقولة إن «الأسوأ لم يأت بعد!». وتوقعت وحدة المعلومات بصحيفة «الإيكونوميست» أن تشهد القاهرة العام المقبل، مزيداً من أعمال الشغب والاعتصامات، على خلفية تباطؤ النمو الاقتصادى، وسط توقعات بتراجع معدلات النمو إلى 5.1٪، ونحو مزيد من التراجع إلى 4.9٪ فى 2010 بالإضافة لتراجع حجم الصادرات، وبخاصة إلى دول منطقة اليورو التى تمر بمرحلة ركود، وبالرغم من تراجع الصادرات، فإن العجز فى الميزان التجارى سيشهد تراجعاً مقارنة ب2008، بسبب انخفاض أسعار السلع عالمياً، والتى من شأنها أن تخفض فاتورة الاستيراد. وفيما يتعلق بسياسات البنك المركزى، فإنه حافظ على تثبيت سعر الفائدة حتى نهاية 2008 عند 11.5٪ للإيداع، و13.5٪ للإقراض، لكنه من المتوقع أن يقوم بالخفض عدة مرات خلال عامى 2009 و2010. ولم تختلف توقعات مؤسسة «ماركت ريسيرش» بشأن الربع الأول من 2009، حيث سيشهد الاستثمار ومجتمع رجال الأعمال مزيداً من المعاناة، يأتى هذا فى الوقت الذى أعلنت فيه الحكومة عن عزمها طرح مزيد من الحوافز الاستثمارية لتشجيع الاستثمار، بعد اعترافها بتراجع حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة مؤخراً. وكان الدكتور فاروق العقدة، محافظ البنك المركزى، قد اعترف مؤخراً بتراجع الاستثمارات الأجنبية بنسبة 44٪ بنهاية 2008. وأرجعت «ماركت» تراجع الحكومة عن برنامج الخصخصة إلى عدم وجود «من يشترى، وهذا ما يفسر تراجع رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف، عن بيع بنك القاهرة فى يونيو الماضى، وقال فى أكتوبر الماضى إن الظروف لم تكن مواتية، لذلك تقرر تأجيل البيع إلى أجل غير مسمى. ومما لا شك فيه أن الظروف الاقتصادية العالمية كلها حصلت على توقعات متدنية، ولكن ارتباط الاقتصاد المصرى باقتصاديات دول الخليج التى تضررت كثيراً من الأزمة، يدق ناقوس الخطر، خاصة فى ظل انخفاض أسعار البترول وتراجع الجنيه وكذلك البورصة، بالإضافة لانخفاض ثقة المستثمرين عالمياً. وسياسياً، أشارت المؤسسة إلى أن عامل المخاطرة السياسية أصبح مرتفعاً لتبلغ نسبته 66٪، بسبب عدم رضاء المواطنين عن معالجة الحكومة عدة أزمات داخلية، خاصة «كارثة صخرة الدويقة»، بالإضافة لتحالف الإخوان المسلمين مع المعارضة العلمانية ضد الحكومة. ووفق مؤشر «بيوجلوبال» للاتجاهات، فإن 13٪ فقط من المصريين أبدوا رضاءهم عن الحكومة الحالية، مقابل 45٪ فى الأردن، و79٪ فى الكويت. وسارت توقعات مؤسسة بلتون فاينانشيال على الطريق نفسه، عندما أكدت فى نوفمبر الماضى أن النمو الاقتصادى سيتراجع إلى 6.6٪ فى 2009، و5.8٪ فى 2010، لكنها أشارت إلى أنه على الرغم من هذا الانخفاض، فإنه مازال أفضل من نسبة النمو فى بداية التسعينيات، التى بلغت 3٪.وفيما يتعلق بسعر صرف الجنيه، توقعت بلتون مزيداً من الانخفاض أمام الدولار ليسجل 5.75 قرش بنهاية العام المقبل، وذلك بسبب اتساع العجز فى الحساب الجارى.
