سينجح سامح عاشور فى انتخابات نقابة المحامين المقبلة ليس لأنه ناصرى، فهو لم يأخذ الناصرية إلا مثل الذى أخذه من انتمائه للصعيد، الأولى حصل بها على بُعد سياسى يبقيه فى الواجهة، والثانى أخذ منه كل ما يمكن أن يمنحه العصبية القبلية من تكتل ودعم، بغض النظر عن العيوب وتمييع القضايا المهمة. سينجح سامح عاشور ليس لأن الناصريين أعدوا له العدة وما يرهبون به أعداءه، ولكن لأن الذى يحدد ويرسم ملامح الناجحين قرر الوقوف معه ودعمه، خصوصاً أن المصلحة واحدة والهدف مشترك. سينجح (سامح)، فهو فوق كل مهاراته الخطابية والدعائية يحظى بدعم الحزب الوطنى الديمقراطى، الذى لم يفاجئ أحداً بتسخير لجانه وأماناته، ودعوته أعضاءه الذين يبلغ عددهم 26 ألف محام (حسب إحصاء أمانة العضوية). وأنا هنا لم أضف جديداً فى هذا الأمر، فكل الأمور تجرى «على عينك يا تاجر»، وليس فى الأمر سرية أو العمل من خلف ستار، بل نحن أمام إعلان من أحد قيادات الحزب الوطنى (سعيد الفار مسؤول ملف المحامين بالحزب الوطنى) عن دعم الحزب لسامح ليكون نقيباً للمحامين لفترة ثانية تظل فيها كل أحوال النقابة تحت السيطرة وفى حالة سكون ترضاه السلطة. فضلاً عن أن السيد النقيب، وبناءً على كلامه، لا يستطيع رفض دعم الحزب الوطنى له وعنده كل الحق، فلكل فولة كيالها، وبكل تأكيد لن يرفض سامح دعم أى جهة سواء حزبية أو أمنية، طالما أنه سيصل فى الختام لمقعد النقيب محققاً رغبات جميع الطامعين فى نجاحه. وإذا كان النقيب مرحباً بالدعم أو متفقاً عليه وراضياً بدفع ثمنه، علينا أن نسأل عن السر وراء هذا الدعم، ويحق لنا - مثلما يحق لجميع المحامين الشرفاء أعضاء النقابة العريقة - البحث وراء المغزى والمقصد من هذا التحالف المريب، خصوصاً أن الحزب يمتلك الكثير من الكوادر القادرة على المنافسة، مثل المستشار ماجد الشربينى، أمين العضوية المركزية بالحزب الوطنى، حتى فى ظل عدم رغبته فى ذلك وتفرغه لمهامه الحزبية، لكن الحزب، وكالعادة، يصر على دعم الشخصيات التى تثبت براعتها فى تدمير الصروح العريقة، والناجحة فى تفتيت وحدة الصف وتشويه الأدوار الوطنية. المؤكد أن دعم الحزب ورعايته شخصاً يتشدق بالمعارضة ويدّعى النضال ما هو إلا دعم لمصالح وأهداف حزبية وسياسية يمكن أن يحققها سامح أكثر من غيره، حتى لو كانوا من القيادات البارزة فى الحزب والمنتمين بشكل واضح لأفكار وسياسات الحزب الوطنى. هذا يعنى، بالضرورة، الوقوف أمام هذه الحالة بكثير من الشك، الذى يقود حتماً إلى يقين بأن هذا تحالف يهدف فى المقام الأول إلى تحويل النقابة، صاحبة الدور الوطنى العظيم، إلى مجرد كشك يقدم بعض الخدمات لأعضائه ويلهيهم عن أدوارهم وأحلامهم الوطنية. يدخل سامح عاشور الانتخابات هذه المرة مسلحاً بدعم علنى وغير محدود من الحزب الحاكم، وكثرة عدد المرشحين لمنصب النقيب وغياب الإجماع على شخص محدد ينافسه بقوة، وتأييد قبلى من الصعايدة وبعض الناصريين رغم أن برلمانياً ناصرياً، هو سعد عبود، يخوض انتخابات المجلس بعيداً عن قائمة القطب الناصرى سامح عاشور، الذى يضع قدمه فى الحزب الناصرى، وقلبه وعقله فى الحزب الوطنى. إذن كله يهون من أجل مقعد نقيب المحامين، فالمبادئ لا تدوم، والشعارات تتغير والانتماءات تتبدل، والقناعات تتحول، بعد أن قدمت المصالح الشخصية على المصالح العامة، وباتت الأهداف الرخيصة تسبق الأهداف الوطنية. وبعد كل هذا.. هل ما زال سامح عاشور ناصرياً أم أنه الابن غير الشرعى للحزب الوطنى، أم أن الاثنين، كانتمائه للصعيد، مجرد لافتة فى مكان مغلق؟ الإجابة تعرفونها من نتيجة انتخابات نقابة المحامين.