فى يوم من الأيام تلقى نجوم مصر وكتابها ومفكروها دعوة لزيارة توشكى ولقاء الرئيس هناك.. السفر من النجمة ولم ينم أحد والنوم كما تعرفون سلطان.. كان يحيى الفخرانى طوال الرحلة يضع نظارة سوداء فوق عينيه ويختلس تعسيلة بين حين وآخر.. عندما استيقظ قلت له صح النوم.. قال شفت.. الاختراع الرائع.. نظارة سوداء تضعها على عينيك وتنام فى سلام فى وسط المعمعة ولن يشعر بك أحد.. ضحكت وقلت له النظارة سوف تحل مشكلة العينين.. لكن هل ستحل لى مشكلة المناخير؟! وضحكنا.. وواصلنا الحديث عن فنون النوم وأن النوم موهبة.. كيف ينام المصريون؟ .. غالبًا (مقرفصين) إذا كانوا شبابًا محبطين.. ينامون نومة العازب.. أو واقفين كالحصان إذا كانوا من الكادحين الشقيانين فى شغلانة بعد الظهر فى محطة بنزين أو فى الأمن والحراسة.. رحم اللّه شاعرًا كان يقول.. أنام ملء جفونى عن شواردها ويسهر الخلق جراها ويختصم.. لماذا عمومًا لا ينام المصريون جيدًا؟.. الأسباب معروفة.. الأسعار نار.. والأمان طار.. والخصخصة فى حالة استنفار.. لا أحد ينام من القلق على لقمة العيش ومن الخوف من أوجاع قائمة أو محتملة.. إبراهيم عبدالمجيد اجتزأ المشكلة فى روايته وقال لا أحد ينام فى الإسكندرية.. فى الحقيقة لا أحد ينام فى مصر.. وعندما وقع فى يدى كتاب (أعلمك كيف تنام) للبروفيسور (أرنولد سارجنت) رحت أتأمل كيف تنام الشعوب الأخرى.. الطريقة السويدية ينام عريانًا تحت اللحاف.. الهندية. التركيز فى النوم بقوة فينام.. أما اليوجا فهى أن تغلق جميع نوافذ الحس فتنام.. والسجناء ينامون على التخشيبة من هدة الحيل ويتعودون على ذلك.. أما أكثر الناس المحسودين على قدرتهم على النوم فهم المتسولون.. ينامون فى أى مكان.. ولاد البلد يقولون الجوعان والسقعان لا ينام والخائف من شدة الخوفان.. لم يعد أحد يشتكى على طريقة إحسان عبدالقدوس ويقول (لا أنام) فعدم النوم الآن لأسباب اقتصادية وليس لأسباب عاطفية.. عض قلبى ولا تعض رغيفى.. إن قلبى على الرغيف ضعيف.. الناس تموت فى طوابير العيش.. وفى طوابير المعاشات.. الأرق والإرهاق وشيلان الهموم استنزاف لطاقة الناس.. وبالتالى يستقبل المصريون صباحاتهم مرهقين مهدودى الحيل ومحدودى الدخل.. نظام عكننة يعنى.. فمن أين تأتى همة للقدرة على الإنتاج ووزير المالية يتربص بهم من جانب ووزير الاستثمار من الجانب الآخر.. الأمل فى وزير الصحة ربما يصرف لكل مواطن قرص كتافلام. [email protected]