قضى الدكتور محمود محيى الدين، وزير الاستثمار، أيام العيد، فى كوريا الجنوبية، ثم عاد وهو يقول، إن شركات كورية كبيرة وافقت على المساهمة فى مشروعات جديدة، فى شرق بورسعيد، وخليج السويس وطريق الصعيد البحر الأحمر، وإنه قد تم اتفاق مصرى كورى، على تطوير المشروعات الصغيرة والمتوسطة فى البورصة المصرية. وليس هناك خلاف تقريباً، على أننا بظروفنا الحالية، وفى ظل أزمة مالية عالمية، من النوع الذى تعيشه وتواجه الدول الآن، نظل أحوج الناس إلى أى فرصة استثمارية تلوح فى أى أفق، ونظل أيضاً، أحوج الناس إلى اقتناص أى فرصة من أى نوع، فى أى أرض.. ولكن.. هناك فى المقابل سؤال، لا نعرف ما إذا كان قد ساور وزير الاستثمار، وهو فى الطريق إلى كوريا، أم لا؟!. هذا السؤال هو: أيهما أقرب وأولى بأن نسعى إليه، لجذب أمواله واستثماراته؟! المستثمرون العرب أم المستثمرون الكوريون، دون أن يكون فى ذلك بالطبع، أى طعن،فى جولة الرجل فى كوريا.. فهى محمودة فى كل الأحوال. ولابد أن الأمر لن يكون فيه أى مبالغة، لو قلنا، إن الظروف الراهنة تقضى بأن يقيم الدكتور محمود محيى الدين، فى البلاد العربية.. نعم يقيم هناك، بصفة شبه دائمة!. صحيح أن الوزير، كان قد قام بجولة خليجية، ضمت 4 دول مرة واحدة، قبل شهر تقريباً، وقام الوزير رشيد بجولة مماثلة، ولكن هذا فى كل الأحوال لا يكفى حاجة بلد فى حجم وإمكانات مصر، إلى الاستثمار العربى، الذى يبحث عن إغراء حتى يجىء، وعن إغواء حتى يتجه إلينا! فليس فى العالم العربى دولة لديها من الشواطئ، ما لدى مصر على طول 2000 كيلو متر، بامتداد بحرين، واحد فى الشمال وآخر فى الشرق، وليس هناك دولة عربية يشقها نهر بطول النيل، فإذا أضيف ذلك كله إلى الآثار التى فى باطن أرضها، والأيدى العاملة التى فوق هذه الأرض، ومزايا الاستثمار والسياحة الممنوحة فيها، على نحو لا تجده فى أى بلد آخر مجاور. كان من الضرورى، والحال كذلك، أن يكون هناك من يتولى تسويق وترويج ما نملكه جيداً، فى أنحاء العالم العربى، من شرقه إلى غربه، خصوصاً فى الشرق، حيث فوائض الثروة تبحث عن منفذ تتجسد من خلاله فى مشروعات! وما نرجوه، ألا يكون الرد الجاهز، هو أننا قد جاءنا، من الاستثمار العربى، ما قيمته كذا.. وكذا.. بمليارات الدولارات.. فكشف الحساب فى حقيقة الأمر، يجب أن يتطلع، أولاً، إلى ما لم يأت إلينا، قبل أن يحسب ما جاء عندنا.. فما جاء قد جاء، وانتهى الأمر، والمهم هو أن نتساءل طول الوقت، عن تلك الاستثمارات الضخمة، التى ذهبت إلى دول مجاورة لنا، وتجاوزتنا، ولم تتوقف عند حدودنا، وخصوصاً فى اتجاه المغرب والجزائر! ولاتزال تداعيات الأزمة المالية العالمية، تدفع المسؤولين فى كل دولة، إلى البحث عن حل لمواجهتها، بأى طريقة، ولاتزال الحسبة فى مواجهة أصداء الأزمة، حسبة اقتصادية بنسبة مائة فى المائة، ونحن فى مثل هذا الموقف، أحوج ما نكون، إلى الأخذ من فكرة التكامل العربى، بأى نصيب، وأحوج ما نكون، إلى إيقاظ فكرة الوحدة العربية، على المستوى الاقتصادى تحديداً، وبسرعة.. وإذا لم تكن وحدة، فلتكن تكاملاً، انتقائياً مع دول بعينها، وبأى نسبة متاحة، بحيث يأتى المال من هناك، ليتزاوج مع سائر عناصر الاستثمار هنا! هذا ما يجب أن نفهمه، وما يجب أن نعمل من أجله، ولا بأس من كوريا، أو غير كوريا، بطبيعة الحال، فى هذا السياق.. ولكن المهم هو: كوريا بعد مَنْ فى سلم الأولويات؟!