جامعة بنها تتقدم 370 مركزا في تصنيف "يو إس نيوز" الأمريكي    7 مدارس للتمريض بديلة للثانوية العامة بالفيوم    بعد توقف إنتاج مصانع للأسمدة.. هل تتأثر الصادرات؟ رئيس المجلس يُجيب    قطع المياه 8 ساعات عن بعض مناطق مركز الصف بالجيزة غدا    اتحاد شباب المصريين بالخارج يطلق مبادرة للمساهمة في ترشيد استهلاك الكهرباء    البورصة ترتفع مع بداية تعاملات اليوم الخميس    إذاعة الاحتلال: قائد وحدة القناصة قُتل خلال مهمة لإنقاذ قوة أُصيبت بعبوة ناسفة    الطريق إلي نهائي يورو 2024.. قمم منتظرة فى الأدوار الإقصائية بأمم أوروبا    "11 عاما".. كيف خسر رونالدو من أحد معجبيه في يورو 2024؟    تفاصيل إصابة الإعلامي محمد شبانة على الهواء ونقله فورا للمستشفى    ماس كهربائي وراء اندلاع حريق بورشة أخشاب وعقار فى بولاق الدكرور    تعليم القليوبية تعلن موعد غلق موقع تظلمات الشهادة الإعدادية    إصابة 6 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بطريق الفيوم الصحراوى    أشلاء وصاروخ كهربائي.. قرار عاجل من النيابة بشأن سفاح عزبة رستم المتهم بقتل أسرته    ولاد رزق 3 يقتر ب من 180مليون جنيه إيرادات في مصر    الأوقاف تعقد 4 ندوات عن مفهوم الوطنية الصادقة فى ذكرى ثورة 30 يونيو    العمليات والأدوية.. توجيهات عاجلة من وزير الصحة بشأن "قوائم الانتظار"    مواجهات نارية.. مجموعة السعودية في تصفيات آسيا النهائية المؤهلة ل كأس العالم 2026    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 27-6-2024    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ماذا نقصد من قراراتنا000!؟    قرار جمهوري باستخدام السوفر كسعر فائدة مرجعي مع البنك الإسلامي للتنمية    «السبكي» يُكرم الصيادلة والأطباء الأكثر تميزًا في تطبيق أنشطة اليقظة الدوائية خلال عام.. صور    بكين تعارض إدراج الاتحاد الأوروبى شركات صينية فى قائمة عقوباته    «الأرصاد» تحذر من الرطوبة اليوم.. تصل ل90% على السواحل الشمالية    صحيفة عبرية: إسرائيل هدمت نحو 120 ألف منزل في قطاع غزة منذ بداية الحرب    شوبير: أزمة بين الأهلى وبيراميدز بسبب الثلاثى الكبار بالمنتخب الأولمبى    ثورة 30 يونيو.. ذكرى إنقاذ مصر من الإرهاب والدم إلى التعمير والبناء    في ذكرى ميلاده .. محطات فنية في حياة صلاح قابيل    نشرة التوظيف.. 3162 فرصة عمل جديدة فى 45 شركة خاصة ب12 مُحافظة    لطلاب الثانوية العامة 2024، تعرف على كلية العلوم جامعة حلوان    موسى أبو مرزوق: لن نقبل بقوات إسرائيلية في غزة    الدوري المصري، زد في مواجهة صعبة أمام طلائع الجيش    وقعت عليهم حيطة.. مصرع طفل وإصابة اثنين آخرين في أسيوط    الصحة تحذركم: التدخين الإلكترونى يزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية    تعرف على أسعار الزيت اليوم الخميس 27-6-2024 في الأسواق    قرارات عاجلة حول مصرع مريض نفسي سقط من شرفة عيادة طبيبه بالجيزة    القناة ال 12 الإسرائيلية: الجيش بدأ تحريك قوات للشمال استعدادا لحرب محتملة مع حزب الله    هجوم حاد على حسن شاكوش وعمر كمال بسبب كليب الراقصة ليندا (فيديو)    غارة إسرائيلية تستهدف مبنى شمال مدينة النبطية في عمق الجنوب اللبناني    دعاء الاستيقاظ من النوم فجأة.. كنز نبوي منقول عن الرسول احرص عليه    تسجيل 48 إصابة بحمى النيل في دولة الاحتلال الإسرائيلي خلال 12 ساعة    حظك اليوم| برج السرطان الخميس 27 يونيو.. «يوم مثالي لأهداف جديدة»    طارق الشناوي: بنت الجيران صنعت شاعر الغناء l حوار    جيهان خليل تعلن عن موعد عرض مسلسل "حرب نفسية"    حظك اليوم برج القوس الخميس 27-6-2024 مهنيا وعاطفيا    17 شرطا للحصول على شقق الإسكان التعاوني الجديدة في السويس.. اعرفها    هل يعود؟.. تغير مفاجئ في مصير قندوسي مع الأهلي    مجموعة من الطُرق يمكن استخدامها ل خفض حرارة جسم المريض    هل يوجد شبهة ربا فى شراء شقق الإسكان الاجتماعي؟ أمين الفتوى يجيب    "الوطنية للإعلام" تعلن ترشيد استهلاك الكهرباء في كافة منشآتها    شل حركة المطارات.. كوريا الشمالية تمطر جارتها الجنوبية ب«القمامة»    ميدو: الزمالك «بعبع» ويعرف يكسب ب«نص رجل»    بسبب عطل فني.. توقف تسجيل الشحنات ينذر بكارثة جديدة لقطاع السيارات    هيئة الدواء المصرية تستقبل وفد الشعبة العامة للأدوية باتحاد الغرف التجارية    الموانئ ترفع درجة الاستعداد لاستقبال الحجاج    مدير مكتبة الإسكندرية: استقبلنا 1500 طالب بالثانوية العامة للمذاكرة بالمجان    الكنائس تخفف الأعباء على الأهالى وتفتح قاعاتها لطلاب الثانوية العامة للمذاكرة    ميدو: الزمالك بُعبع.. «يعرف يكسب بنص رجل»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تموت الصعيدية ولا تتعرى
نشر في المصري اليوم يوم 01 - 12 - 2008

أحيانا تكون الألفاظ أشد فتكا من الرصاص، وأكثر إيلاما من الخناجر، ولأن الألفاظ قاتلة وفعلها أسرع من السم، قتلت امرأة صعيدية من كلمة قالها ضابط شرطة.ماتت زينب حسين أحمد - حسبما نشر فى صحيفة البديل 26/11/2008، إثر أزمة قلبية حادة بعدما هددها ضابط فى قسم شرطة أبوتيج بأسيوط بنزع ملابسها وملابس بناتها وزوجة ابنها فى الشارع لإجبارها على الاعتراف بحيازة سلاح، رغم أنه فتش منزلها ولم يعثر على شىء، وزاد الطين بلة عندما رفض قيام الأهالى باستدعاء الإسعاف.
هذه جريمة تدلنا على أن الشرطة تقتل بكل الوسائل من الصعق الكهربائى، إلى التعليق من أماكن حساسة، إلى السحل، إلى إطلاق الرصاص والتهديد والشتائم، يكفى أن نعرف أن أربعة ضباط ارتكبوا 4 جرائم قتل الأسبوع الماضى، وأن 250 ضابطا تورطوا فى جرائم قتل العام الماضى.ولست هنا بصدد مناقشة فشل جهاز الشرطة المصرية فى معالجة المشكلات الأمنية المصرية، من سيناء وحتى أسوان.
 لكننى أود التوقف عند تعاملات رجال الشرطة مع أهل الصعيد بصورة تنذر بحدوث كارثة ستفوق فى أحداثها ونتائجها ما جرى مع بدو سيناء الذين وصل الأمر عندهم إلى حد تهديد مدرس لغة عربية باللجوء لإسرائيل إن لم يرفع عنه ظلم وقع عليه بسبب بداوته.أما فى الصعيد فالناس تؤمن ب(النار ولا العار)، فمن المثير للغضب والحزن أن الشرطة تتعامل مع الصعيد باعتباره ثعبانا شرسا، ومن الأفضل حبسه فى جحر، أو عدوا لا تنتهى خصومته، وقمعه بشكل دائم ومستمر أمر تقتضيه المصلحة الوطنية.
 وليس من الصعب معرفة حجم ما يرتكب من جرم فى حق الصعايدة، إذ يكفى أن تقود سيارتك على أى طريق، صحراوى أو زراعى، لتكتشف أنك دخلت إلى مناطق لا كرامة فيها لأحد، إلا من احتمى بقرابته لمخبر أو أمين شرطة. انظر إلى الكمائن المنتشرة على هذه الطرقات، وتابع كيف يعامل ركاب سيارات الأجرة المتجهون من محافظة إلى أخرى، سترى معاملة لا تليق بالحيوانات، من تفتيش مذل وألفاظ مهينة وحجز للاشتباه والتحرى دون أسباب حقيقية فى معظم الأحيان، ومن يعترض فأقل عقاب يناله تلفيق تهمة حيازة سلاح بدون ترخيص، وإذا تجاوز أكثر فحيازة مخدرات وكله جاهز ومعد سلفا.
وإذا ما تغاضيت عن هذه الأمور واعتبرتها عادية، فلا يمكن السكوت عما يسمى بحملات السلاح، لأنها حملات للكذب والتضليل والخداع، إذ إن هذا الأمر يمثل جريمة لأن الشرطة فى الصعيد لا تذهب إلى البيوت للتفتيش عن السلاح، إنما لإذلال فئة بعينها، خصوصا أن الشرطة تعرف أن العثور على سلاح فى أحد البيوت أمر شبه مستحيل، إن لم يكن مستحيلا (إخفاء السلاح من بين أهم مهارات الصعايدة وإظهار السلاح المرخص فقط)، ولهذا تعمد أجهزة الأمن إلى طلب السلاح من الأهالى وبكميات محددة تفرض على العائلات والأفراد.
فمثلا تفرض على عائلة بعينها إحضار عشرين بندقية نصف إلى وعشرة مسدسات، ثم تهلل صحف العاصمة وتزف إلينا بشارة ضبط كميات كبيرة من الأسلحة غير المرخصة فى حملات أمنية مكبرة، والحقيقة أن هذه الكميات ذهبت إلى السادة الضباط وهم فى مكاتبهم المكيفة أو فى بيوتهم يغطون فى نوم عميق، والحقيقة المؤكدة أيضا أن الشرطة لا تدخل إلا لبيوت الفقراء والأسر البسيطة وتفتشها، أما بيوت العائلات الكبيرة صاحبة النفوذ، فلا تدخلها إلا لحضور الولائم ونيل الرضا، والحماية أحيانا.
ورغم أن الصعيد يتشابه مع شمال سيناء فى الفقر وغياب التنمية وتعنت أجهزة الأمن فى التعامل مع الناس، واعتماد الشرطة على أساليب متخلفة ومستفزة فى التعامل مع المشكلات، فإن الصعيد يختلف بعض الشىء عن بدو سيناء، لأنه لا ينظر للشرطة على أنها جهاز من ضمن أجهزة الدولة، إنما يرى الشرطة وحدها هى الدولة، خصوصا أنه لا يرى غيرها.
 فالعداء للدولة لا يتجسد فى شىء بالصعيد سوى البوليس، دعك من دواوين المحافظات والمجالس المحلية، فهى لفئة بعينها لا تمثل نسبة فى الصعيد، واترك الوحدات الصحية والمدارس والجمعيات الزراعية، فهى لا تجلب لهم سوى مواجع الليل وذل النهار.
ورغم ظهور ذلك للعيان فإن الشرطة مستمرة فى غيها، ومصرة على تصدير أعنف الضباط وأفسد الأمناء، وأردأ المخبرين للصعيد. ورغم تورط الشرطة فى كثير من الجرائم والتى كان أقلها ما حدث مع عزت حنفى، وفشلها فى معالجة الكثير من المشكلات والفتن الطائفية والقبلية فإنها تكابر، وأظن أنها ستظل كذلك, حتى وإن حدثت كارثة أكبر بكثير من كارثة صدام الأهالى مع الشرطة فى شمال سيناء، لكن لا تنسوا أن الصعيد الذى صدر الإرهاب من قبل قادر على الثأر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.