فيما تدور معركة حامية داخل الدوائر الطبية والتشريعية والسياسية الآن على خلفية استعداد البرلمان فى دورته الجديدة لإصدار قانون ينظم عمليات التبرع بالأعضاء البشرية، يتصاعد أتون معركة آخرى لا تقل حمية أو سخونة بين مسؤولى وزارة الصحة، ومافيا بيزنس بيع وتجارة الأعضاء البشرية، على خلفية تفشى تلك العمليات غير المشروعة، وازدهارها بشكل لافت للنظر مؤخرا، وبدأنا نسمع عن ظهور مافيا منظمة للاتجار بالأعضاء البشرية، تلك المافيا التى لم يكفها استغلال أجساد الفقراء، واستخدامها كقطع غيار بشرية، أو عمليات اختطاف أطفال الشوارع، بل تعدتها إلى إجراء عمليات جراحية للمرضى النفسيين والمتخلفين عقليا لنزع أعضائهم البشرية. «المصرى اليوم» تكشف فى السطور التالية عن واقعة جديدة لمافيا الأعضاء البشرية، حيث تم استغلال مريض نفسى للحصول على كليته، وتمت الجريمة داخل مستشفى شهير بالقاهرة، وتم اكتشافها فى مستشفى آخر ببورسعيد، والضحية نفسه قادم من السويس، وما بين المدن الثلاث «القاهرة وبورسعيد والسويس» تدور تفاصيل المأساة. البداية باتصال هاتفى من الدكتور سعد المغربى، وكيل أول وزارة الصحة للمؤسسات العلاجية غير الحكومية والتراخيص، يبلغنى فيه بتحريك لجنة لمداهمة مستشفى المروة بالدقى، لتفتيشه جيدا، بعد العثور على شاب فى بورسعيد أجريت له عملية نزع كلية رغم أنه يعانى مرضا نفسيا وهو موجود بمستشفى الصحة النفسية هناك، وأكد المغربى أن الحملة هدفها ضبط المستشفى تحسبا للوصول إلى عمليات زرع الكلى بطرق غير مشروعة. كانت الساعة تشير إلى الثانية فجر أمس السبت، عندما داهمت لجنة العلاج الحر بوزارة الصحة مستشفى المروة بشارع السودان فى الدقى، لكشف عمليات زرع غير شرعية، وكذلك التفتيش على المخالفات الموجودة بداخله، ف ى نفس الوقت كان المغربى قد وصل إلى بورسعيد، تمهيدا لاستجواب المريض وفحص جسده، والوصول إلى تفاصيل أكثر، صباح أمس، وطوال الوقت والاتصالات الهاتفية لم تنقطع للتنسيق بين المغربى رجاله. وداخل المستشفى، اكتشفت اللجنة عددًا من المخالفات التى يستوجب بعضها إغلاق المستشفى إداريا والبعض الآخر قد يؤدى لإلغاء الترخيص نهائيا على حد قول الدكتور ممدوح الهادى، مدير إدارة العلاج الحر بالوزارة، الذى قاد حملة مع الدكتور صابر غنيم مدير التراخيص. أما فى بورسعيد، فكان المغربى يفحص الشاب المريض أحمد عبدالغنى «21 سنة» مفصول من الصف الأول الثانوى الصناعى، واتضح أن كليته اليسرى تمت إزالتها، والتقت «المصرى اليوم» أحمد بعد تهدئته بحقنة، وقال أنه التقى سيدة تدعى «سينا» اصطحبته إلى مستشفى المروة بالقاهرة، وأقنعته بالتبرع لمريض آخر وبقى فى المستشفى 20 يوماً فى الغرفة رقم 406، وكان يقدم له طعام ويلقى عناية جيدة وبعد العملية بيومين أعطوه 13 ألف جنيه، وخرج منه وأقام فى أحد الجراجات ثم اشترى موبايل، وذهب إلى شارع الهرم وسهر ليلة كاملة فى كازينو. ونظرًا لحالته الصحية لم يستطع أحمد إكمال قصته ل«المصرى اليوم»، التى سجلها عند دخوله المستشفى، لدى كل من الدكتورة أمل زكريا، والدكتور جمال الشريف، اللذين استقبلا المريض النفسى مرحلا من قسم الشرطة، قالت دكتورة أمل: عندما حضر أحمد كان فى حالة هياج شديد، وتمت تهدئته، وروى لنا أنه كان جالسًا فى فرح بمدينة السويس، واقتربت منه سيدة تدعى «سينا» ومنحته سيجارة وتبادلت معه الحديث، وطلبت منه اصطحابها إلى القاهرة، وهناك أدخلوه مستشفى المروة فى الدقى ومكث به 20 يوماً تحت حراسة مشددة وكان يلقى عناية جيدة، لكن أى محاولة له للخروج من المستشفى كان يتم التصدى لها بالقوة باستخدام سكين من شخص يدعى «شريف». تابعت الدكتورة أمل روايتها نقلاً عن المريض أنه بعد احتجازه جاء موعد العملية، فرفض دخول غرفة العمليات، إلا أنه أجبر على ذلك بالقوة وبعد مرور يومين على إجراء الجراحة، تم منحه 13 ألف جنيه اشترى منها جهاز موبايل بألف جنيه وأنفق نحو ألف أخرى فى ملهى ليلى، ثم عاد إلى السويس وأعطى ما تبقى ما معه من أموال لشقيقته «أسماء» طالبا منها الاحتفاظ بها، وبعدها أصيب بحالة هياج شديد، فأبلغ والده قسم شرطة فيصل الذى احتجزه وحاولوا السيطرة عليه وأوثقوه بالحبال فى أحد الأعمدة. وأفادت أمل أن مأمور قسم فيصل، فى السويس، اتصل بها يوم الاثنين الماضى وأبلغها بحالة المريض الذى كانت معه تذكرة مثبت بها حالته ووصف للجرح، ومرفق معها تقرير مفتش صحة فيصل محرر بمعرفة الدكتور صدقى يس سيدهم بتاريخ 16 نوفمبر الجارى ومذكور فيه أن المريض أجريت له عملية جراحية وتمت إزالة الكلية اليسرى قبل خمسة أيام، مؤكدة أنه كان فى حالة هياج شديد وتوتر عصبى حاد وكان عاريا تماماً داخل غرفة الحجز. وأشار الطبيب جمال الشريف، من مستشفى بورسعيد للصحة النفسية، إلى رفض والده تسلمه من المستشفى أمس الأول أو حتى زيارته مكتفياً باحتجازه فى المستشفى. على الجانب الآخر كانت اللجنة تستجوب مدير المستشفى الذى نفى علمه بالواقعة، وأكد الدكتور طارق الصدفى، مدير المستشفى، أنهم لا يجرون أى عمليات زرع كلى بطرق غير مشروعة داخل المستشفى، وقدم إلى حسن أحمد، المدير الإدارى بالعلاج الحر، جميع المستندات والأوراق الدالة على أن جميع العمليات سليمة وشرعية، لكن حسن أكد له أن هناك حالات كثيرة بداخله تتم بطرق غير قانونية، وتصل إلى حد البيع والتجارة، مشددا على أن المرضى الموجودين بالمستشفى اعترفوا بإجراء عمليات زرع كلى لهم، دون أن يكون لهم سابق معرفة بالمتبرعين لهم أو بموافقات الجهات الرسمية، كما أن معظم المرضى تقريبا صمموا على عدم الإفصاح عن تكلفة العمليات التى أجروها داخل المستشفى. وأشار الدكتور ممدوح الهادى، إلى إن معظم المرضى لا يعرفون المتبرعين لهم بالكلى، كما أن مدير المستشفى اعترف بأن المتبرع يصل إلى المستشفى عن طريق معامل التحاليل، وليس عن طريق المريض، أى أنه ليس من أقاربه، بحسب ما تنص عليه اللوائح بنقابة الأطباء ووزارة الصحة، وأكد الهادى أن اللجنة اكتشفت حالات عديدة عن طريق أوراق ومستندات المستشفى ذاته، حيث تم إجراؤها خلال الشهور الماضية، وتابع الهادى: وجدنا أيضا أن إجراءات مكافحة العدوى داخل المستشفى متردية خصوصا فى غرف العمليات. أما الدكتور صابر غنيم، فأكد إن اللجنة اكتشفت مخالفات تصل عقوبتها لإلغاء الرخصة مثل وجود عدد من العاملين والفنيين بالمستشفى لا يحملون تراخيص بمزاولة المهنة، كما أن هناك بعض الممرضات مازلن فى مرحلة الدراسة.