«كجوك»: نستهدف زيادة الاستثمار الصيني فى الخدمات اللوجستية وإدارة الموانئ المصرية    إمام عاشور: مواجهة الزمالك ليست سهلة.. واندمجت سريعا في الأهلي    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 25-9-2024 في محافظة البحيرة    محافظ الدقهلية يكتشف تلاعبا بوزن رغيف الخبز    بصورة تذكارية.. رئيس الوزراء يشارك طلاب مدرسة بالقاهرة حصة مادة العلوم المتكاملة    الجناح المصرى بLeisure 2024 يفوز بجائزة «الأفضل»    خطوات استلام عقود شقق صندوق التنمية الحضرية.. اعرف طريقة الحجز    تعديل المخططات التفصيلية لقريتين في محافظة الدقهلية    وزيرة التخطيط: انخفاض الحيز المالي لاستثمارات الطاقة في دول الجنوب العالمي يعيق تقدمها نحو تحقيق الأهداف الأممية    البورصة تواصل ارتفاعها بمنتصف تعاملات جلسة الأربعاء مدفوعة بمشتريات عربية وأجنبية    بدء اجتماع الحكومة الأسبوعي ويعقبه مؤتمر صحفي لرئيس الوزراء    حزب الله يعلن قصف قاعدة دادو في صفد بعشرات الصواريخ    ترامب يتهم إيران بالتخطيط لاغتياله: هناك تهديدات كبيرة على حياتي    قطر أول دولة خليجية تعفى من فيزا الدخول لأميركا    توسع نطاق الضربات الإسرائيلية لتصل إلى منطقتي كسروان والشوف في جبل لبنان    بزشكيان: إسرائيل ارتكبت "إبادة جماعية" في غزة    الجيش الإسرائيلى: 5 صواريخ أطلقت من لبنان تجاه زخرون يعقوب ويوكنعام عيليت    إعداد.. وتأهيل.. وتبادل خبرات    قمتان في دوري نجوم قطر.. العربي أمام الريان والسد يواجه الغرافة    حالة الطقس في مصر: ارتفاع نسب الرطوبة نهارا على بعض المناطق رغم استقرار الطقس    مصرع شخص وإصابة سائق فى حادث انقلاب سيارة على الطريق الصحراوي بأخميم سوهاج    الحكومة ترد على الرسالة الصوتية المتداولة حول تلوث مياه الشرب    القبض على عنصرين إحراميين يديران ورشة لتصنيع الأسلحة النارية بالقليوبية    عقب تداول «فيديو».. سقوط لصوص أغطية بالوعات الصرف بالمنصورة    ضبط 6 أشخاص حال قيامهم بأعمال الحفر والتنقيب عن الآثار بالقاهرة    إصابة 7 أشخاص فى مشاجرة بين عائلتين بقنا    موعد عرض الحلقة 10 من مسلسل برغم القانون.. انتظروا أحداثا شيقة    استشاري يحذر من الخلافات الأسرية: تصيب الأطفال بالانطوائية والعنف    خالد جلال يناقش خطة عروض البيت الفني للمسرح ل3 شهور مقبلة    التليفزيون هذا المساء.. خالد الجندى: قضية الإلحاد موقف نفسى وليس فكريا لأغلبية الشباب    إعلام إسرائيلى: اعتراض 10 صواريخ على الأقل فى ضواحي حيفا الجنوبية ووادي عارة    "الطريق إلى الفنون التشكيلية بين الحلم والواقع" ندوة بالمتحف القومى بالإسكندرية    وزير التعليم العالي يشهد حفل استقبال الدفعات الجديدة    تكريم الإنسانية    تعظيم الاستثمارات    صحة المنوفية: ختام فعاليات دورة المنشآت الصحية والقوى البشرية بحضور 40 متدربا    «الصحة»: انتهاء أعمال تطوير ورفع كفاءة قسم العمليات بمستشفى المقطم    المدينة الجامعية بجامعة حلوان تعلن استعدادها لاستقبال الطلاب    نجم الزمالك السابق: قلقان من أفشة وهاني لما بيسيب مركزه بيغرق    هل ينتقل محمد شريف للزمالك؟.. رد حاسم من لاعب الأهلي السابق    "ظهور محتمل لعبد المنعم وصلاح".. جدول مباريات اليوم الأربعاء والقنوات الناقلة    تفاصيل زيارة رئيس الوزراء ل«مدرسة السلام المتميزة»    حكم الصلاة بالتاتو والوشم    افتتاح مسجدين بمديرية أوقاف أسيوط الجمعة المقبلة    هل نقص المغنسيوم في الجسم يهدد حياتك؟    الحالة المرورية بالقاهرة الكبرى.. سيولة بشوارع وميادين القاهرة والجيزة    «الوطنية للإعلام» تنعى الإعلامي أيمن يوسف    أبطال فيلم عنب يحتفلون بالعرض الخاص قبل عرضه اليوم بالسينمات (صور)    تنمية المهارات "مشواري" بمركز شباب الشعراء بدمياط    هل هناك نسخ بالقرآن الكريم؟ أزهري يحسم الأمر    «ألماس» كلمة السر.. حزب الله يستعد لمواجهة جيش الاحتلال بريا    بريطانيا تدعو مواطنيها لمغادرة لبنان "فورا"    جولة مرور لوكيل «صحة المنوفية» لمتابعة الخدمات الصحية بالباجور    ما حكم قراءة سورة "يس" بنيَّة قضاء الحاجات وتيسير الأمور    حمادة طلبة: الزمالك قادر على تحقيق لقب السوبر الأفريقي.. والتدعيمات الجديدة ستضيف الكثير أمام الأهلي    نشرة التوك شو| موعد انخفاض أسعار الطماطم.. وأسباب ارتفاع أسعار الذهب    حظك اليوم| الأربعاء 25 سبتمبر لمواليد برج الحمل    تشيلسي يكتسح بارو بخماسية نظيفة ويتأهل لثمن نهائي كأس الرابطة الإنجليزية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شرف الإنسان.. ليس له قيمة فى برامج الأحزاب والجمعيات
نشر في المصري اليوم يوم 16 - 02 - 2010

ملايين الأطفال المعذبون فى الأرض، لسوء حظهم ولدوا فى بلاد يغيب فيها العدل، يفرق الدستور فيها بين المواطنين على أساس الجنس والدين، لا حقوق للأمهات إلا بعد الموت فى الجنة، أو فى عيد الأم بإذاعة الأغانى فحسب، بلاد يكون فيها الأب هو الشرف وإن كان معدوم الضمير والشرف، يغتصب البنت الصغيرة فى الشارع أو فى البيت، بالقوة أو بخداع الحب، ثم يهرب منها ويعطيها العنوان الخطأ، تواجه البنت وحدها العالم الشرس، تصبح منبوذة محتقرة بلا شرف، إن لم يقتلها أبوها أو أخوها، قد يكون أبوها أو أخوها زير نساء، اغتصب العشرات من البنات البريئات وهرب منهن، لكنه يقدم على قتل ابنته أو أخته بدم بارد وضمير ميت، تحت اسم الدفاع عن شرفه، وهو فاقد شرفه منذ هرب من أول فتاة خدعها، ومنذ أول طفل له هرب منه ومن أمه.
دافعت السنين والعقود منذ منتصف القرن الماضى، عن حق الطفل فى الشرف بصرف النظر عن سلوك أبيه، قالوا إننى أدعو إلى فساد الأخلاق، مع أن العكس هو الصحيح، كنت أحاول إصلاح أخلاق الرجال، أجبرهم على المسؤولية الأخلاقية، الاعتراف بأطفالهم خارج الزواج وداخله، وأجبر المجتمع أيضا على العدل فلا يعاقب الطفل البرىء بسبب جريمة أبيه.
بدلا من علاج الظلم وإنصاف الطفل يهاجموننى، أغلبهم ذكور ليسوا رجالاً، يدافعون عن حقهم فى الفوضى الجنسية دون مسؤولية، لتقع المسؤولية على الطفل المولود، وأمه الصغيرة التى أوقعها الرجل بين أنيابه كالحمل الوديع، بدلا من عقاب الذئب المفترس الأكول يعاقب الحمل المأكول، عقاب الضحية وإطلاق سراح الجانى هى سمات المجتمعات العبودية.
لم يكن العلم اكتشف الحامض النووى، لمعرفة الأب عبر تحليل دمه ودم طفله، وكم تعذب ومات ملايين الأطفال وأمهاتهم بسبب هذا الظلم، واليوم بعد اكتشاف الحامض النووى، يتهرب الأب المعدوم الضمير من تحليل دمه، لأن القانون لا يفرض عليه أن يخضع للتحليل، يبيح له القانون المصرى الهروب من إثبات أبوته للطفل، القانون الطبقى الأبوى الذى يسانده الشرع والعرف والسلطة الحاكمة، لماذا يقبل المجتمع هذا الظلم البين للأطفال وأمهاتهم، لماذا تصمت النخبة المصرية ولا يؤرقها ضميرها لمشاركتها فى انتهاك حقوق الأبرياء من الضعفاء؟
الآلاف من الأطفال يتعذبون فى مصر كل يوم أمام باب مصلحة الطب الشرعى، أطفال هرب منهم الآباء فى قضايا إثبات النسب الأبوى، يرقد الأطفال الرضع فوق صدور أمهاتهم فى الشارع أمام الباب، ينتظرون حضور الأب، الذى لا يحضر، لأن القانون لا يفرض عليه الحضور، يطول الانتظار فى الشارع لهؤلاء الأطفال البائسين، وأمهاتهم الأكثر بؤسا، ينتظرون إلى الأبد فى مسرح العبث، لا يحضر جودو، 2% من الآباء فقط يحضرون لأسباب مختلفة، إذا كان هناك 2 مليون طفل ينتظرون ظهور الأب، فإن 160 ألف طفل منهم لا يسعده هذا الحظ، أما الأطفال السعداء ال40 ألفاً، الذين حضر آباؤهم ووافقوا على تحليل دمهم، فإن الطفل لا ينسب إلى أبيه إن فشل التحليل فى إثبات النسب، فى أحسن الحالات هناك نسبة خطأ فى التحاليل لا تقل عن 2%، يعنى من ال40 ألف طفل المنتظرين نتيجة التحليل، فإن 800 طفل منهم لا يحظى باسم الأب لمجرد الخطأ فى المعمل، أحيانا تلعب الرشوة دورا فى تزييف النتائج.
فى جميع الحالات التى يغيب فيها الأب أو ينتهى فيها التحليل بعدم ثبوت النسب فإن الطفل يصبح غير شرعى، غير شريف، ليس مواطنا مصريا كامل الحقوق الإنسانية، يحمل لقبا مهينا هو «مصرى بدون شهادة ميلاد»، غير كامل الأهلية، فى مصر أكثر من ثمانية ملايين طفل «بدون شهادة ميلاد» يعيشون دون حقوق على الإطلاق، إحدى الدراسات الأخيرة توضح أن فى مصر أجيالاً متعاقبة من أطفال بدون شهادة ميلاد، لا يدخلون مدارس ويموتون كما عاشوا دون اسم أو هوية أو شهادات ميلاد.
ألا تؤرق هذه الحقائق ضمير المجتمع المصرى؟ طالبت منذ نصف قرن بأن يحظى اسم الأم بالشرف ذاته مثل اسم الأب، اتهمونى بأننى أفسد أخلاق النساء، وتناسوا الفساد الأخلاقى الذى يعيشه الرجال، تجاهلوا عذاب الملايين من الأطفال غير الشرعيين ضحايا فساد الآباء.
أخيرا فى عام 2008 صدر تعديل لقانون الطفل، يعطى الطفل المجهول الأب الحق فى أن يحمل اسم أمه واسم «أب وهمى» أسم أى رجل ليحظى الطفل بشهادة ميلاد، أليس ذلك مضحكا؟ يحاول النظام الذكورى الاحتفاظ بشرف الرجل الوهمى، بدلا من الاعتراف بشرف الأمومة الحقيقى.
لماذا يدفن المجتمع رأسه كالنعامة فى الرمال؟ زينة طفلة عمرها ثلاثة عشر عاما، عاشت مع أبيها وأمها منذ ولدت، ثم تنكر الأب لابنته ورفض الاعتراف بها، كما حدث منذ سنين مضت للطفلة «لينا» التى أنكرها أبوها الفيشاوى، لكن بسبب قوة أسرة الأم، عائلة الدكتور الحناوى، وقوة الدفاع عنها قانونيا واجتماعيا وإعلاميا، حكم القاضى بحق الطفلة فى الانتساب لأبيها، وحظيت «لينا» بالشرف وشهادة الميلاد وكل الحقوق المنصوص عليها فى الدستور للمواطنين،
إلا أن هذه الحالة لم تكرر، لماذا؟ لأن القانون الذكورى العبودى لا يريد أن يمسه أى تغيير، إن تقديس الذكورة والسلطة الأبوية أهم من العدل، لهذا لم تحظ الابنة زينة باسم أبيها، ولأن أسرة أمها فقيرة لا تملك أجر المحامين، لم تستطع أمها وأسرتها الضعيفة من الطبقات الدنيا تعبئة الرأى العام ضد الأب المعدوم الضمير، رفض هذا الأب والد زينة أن يحلل دمه لإثبات النسب، لأن الأب غير مجبر قانونا على تحليل دمه، بعد تعديل قانون الطفل عام 2008،
وبعد أن عاشت زينة 13 عاما دون شهادة ميلاد ذاقت فيها الهوان والحرمان من الشرف، أصبح من حقها استخراج شهادة ميلاد باسم أمها واسم أب وهمى (حسب القانون الجديد)، ليكن أبوها اسمه محمد أو حسن أو حسين أو حسنين، أى اسم ذكورى وهمى تضعه فى شهادة ميلادها بدلا من اسم أبيها الحقيقى، فهل ترضى الابنة بهذا الكذب فى شهادة ميلادها؟ لكنها مضطرة أن تقبل الكذب لتحصل على الشرف.
وأنا أطالب هذا المجتمع بإخراج رأسه من تحت الرمال، أن يدرك أعضاء الأحزاب والجمعيات والمدافعون عن حقوق الإنسان، أن الدفاع عن شرف الطفل وكرامته لا يقل أهمية عن محاربة الفقر والأمية، لا تقل أهمية عن النضال من أجل الحرية والعدالة ونزاهة الانتخابات، ينشغل الجميع بمن ينجح فى البرلمان أو من يرث العرش أكثر من حقوق الملايين من الأطفال والنساء الضائعة على رأسها حق الشرف والكرامة الإنسانية.
منذ بضعة أعوام حين طالبنا بأن يحظى اسم الأم بالشرف كاملا مثل اسم الأب لإنقاذ الملايين من الأطفال غير الشرعيين فى الشوارع اعترضت بعض القيادات النخبوية وقالوا: فلنحارب الفقر والأمية أولا، هل شرف الإنسان يقل قيمة وليس له أولوية فى برامج الأحزاب والجمعيات؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.